تصاعدت وتيرة المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع في عدد من المحاور بالعاصمة الخرطوم وولايات سنار والنيل الأبيض والجزيرة والفاشر. بالتزامن، يستعد مدعي المحكمة الجنائية الدولية لتقديم تقرير لمجلس الأمن الدولي، الإثنين المقبل، بشأن الجرائم المرتكبة في دارفور غربي البلاد.
وأفادت مصادر ميدانية لـصحيفة ”القدس العربي”، إلى تجدد القصف المدفعي في محيط تجمع قوات الدعم السريع نواحي المدينة الرياضية جنوبي الخرطوم بعد توقف دام لأكثر من 100 يوم.
ويشار إلى أن “الدعم السريع” تنتشر بشكل واسع في تلك المنطقة التي شهدت الرصاصة الأولى لحرب السودان التي اندلعت منتصف أبريل/نيسان العام الماضي، كما شهدت المناطق المحيطة بالمدينة الرياضية وأحياء جنوب الحزام قصفاً جوياً ومدفعياً عنيفاً طيلة الأشهر الأولى للقتال، ما أسفر عن مقتل وجرح المئات من المواطنين. في الأثناء، نشر جنود يتبعون للجيش السوداني مقاطع مصورة، أمس الخميس، توثق وجودهم داخل مطار الخرطوم الدولي في قلب العاصمة. لكن وبعد ساعات، بثت قوات حميدتي فيديوهات موازية تؤكد سيطرتها على الموقع الاستراتيجية.
وقال متابعون إن فيديوهات الجيش تم تصويرها بالقرب من قاعدة الخرطوم الجوية التابعة للجيش “المطار الحربي”. أما مقاطع “الدعم السريع” فهي من المنطقة الجنوبية التي تقع تحت سيطرتها وبالقرب من أحد معسكراتها.
أما في ولاية النيل الأبيض جنوب العاصمة، تحديداً في منطقة عسلاية، فأكد سكان محليون أن دفاعات الجيش في ارتكاز “حجر عسلاية” تصدت لعدد من مسيرات قوات الدعم السريع التي كانت تستهدف المنطقة.
وقال المواطن العبيد الأمام – 36 عاماً – لـ”القدس العربي”، إن الجيش تصدى للمسيرات دون وقوع أي خسائر، مشيراً إلى حالة من الهلع أصابت المواطنين على أثر الحادثة. وأوضح الإمام أن قوات الدعم السريع تتواجد في منطقة جبل الموية القريبة لمنطقة عسلاية في النيل الأبيض، مبيناً أن هنالك احتمالاً كبيراً في فشل الموسم الزراعي في المشاريع المطرية التي يشتغل بها سكان المنطقة، وذلك نسبة لقربها من منطقة الدالي والمزموم بولاية سنار والتي استباحتها قوات حميدتي أيضاً. شمالاً، وفي مدينة القطينة، هاجمت مجموعات مسلحة تتبع لـ “الدعم السريع” هاجمت قرية الحاج موسى ريفي بغرض النهب مما أدى إلى صدامات مع المواطنين قتل على أثرها أحد الشباب وأصيب شخصان، وفق شهود عيان.
وقال الناشط المحلي في ولاية النيل الأبيض، محمد الأمين سنهوري، لـ”القدس العربي” إن المناطق الواقعة شمال الولاية في محلية القطينة وقراها، ترزح تحت انتهاكات المجموعات المسلحة التي تتبع لـ “الدعم السريع” المتمثلة في ترويع ونهب وتهجير المواطنين، لافتاً إلى وقوع اشتباكات ضارية مؤخراً بين تلك المجموعات وأهالي قرية الهلية، والتي راح ضحيتها أكثر من 10 قتلى من المواطنين.
وأوضح أن مدينة تندلتي في حدود الغربية لولاية النيل الأبيض، تشهد تفلتات كبيرة وانتشاراً للصوص خاصة في قرى كرمل والتبلدية، ما قاد إلى نزوح أعداد كبيرة من الأهالي إلى وسط المدينة.
وأضاف سنهوري، أن المخاوف سرت عقب توسع العمليات العسكرية لقوات الدعم السريع في ولاية سنار وتوسعها داخل منطقة أبو عريف المتاخمة لمحلية الجبلين – جنوب الولاية – وتهديدها لمنطقة كنانة البالغة الأهمية، مؤكداً إسقاط الجيش لعدد من المسيرات في مدن كنانة وكوستي وربك.
في التطورات الميدانية بمدينة الفاشر عاصمة إقليم دارفور، استؤنف أمس الخميس، تبادل لإطلاق قذائف المدفعية بين الجيش وقوات الدعم السريع في المدينة دون تسجيل إحصاء إصابات وسط المدنيين من قبل لجان الطوارئ ولجان المقاومة المحلية والمؤسسات الطبية.
بالتزامن، يستعد مدعي المحكمة الجنائية الدولية تقديم تقرير لمجلس الأمن الدولي، الإثنين المقبل، بشأن الجرائم المرتكبة في دارفور غربي البلاد.
وفي يونيو/حزيران الماضي، أطلق المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، نداءً عاجلاً للحصول على معلومات وتعاون من جميع الشركاء أينما كانوا، بهدف معالجة الأزمة التي تتكشف فصولها في دارفور في السودان.
ودعا المدعي العام جميع مجموعات الضحايا ومنظمات المجتمع المدني والسلطات الوطنية والشركاء الدوليين القادرين على القيام بذلك، للتواصل مع مكتبه وتقديم أي دليل أو مواد تتعلق بالفظائع المستمرة المرتكبة بحق السكان المدنيين في جميع أنحاء دارفور.
وقال كريم خان إن مكتبه يطلب بشكل خاص أي فيديوهات أو صور فوتوغرافية أو ملفات صوتية تمكن أولئك الناس الموجودين على الأرض من التقاطها، مشيراً إلى أن المحكمة تعمل على تحقيق مستمر فيما يتعلق بالوضع في دارفور.
وأعرب عن قلق بالغ إزاء مزاعم ارتكاب جرائم دولية واسعة النطاق في الفاشر والمناطق المحيطة بها. وقال إن مكتبه يحقق حالياً في هذه الجرائم على وجه السرعة، وقد نشر فرقاً على الأرض في تشاد وبورتسودان وأماكن أخرى في المنطقة لجمع الأدلة والمعلومات لتعزيز التحقيقات التي يجريها مكتبه.
وسبق أن تقدم كريم خان بتقرير مماثل في يناير/كانون الثاني، وسلط الضوء خلاله على الانتهاكات التي شهدها دارفور وأقاليم أخرى، من خلال شهادات ناجين وتصريحات مسؤولين من مختلف الأطراف. سياسياً، التقى وزير الخارجية السوداني الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في طهران، وبحث معه آخر التطورات العسكرية في السودان.
ووفقاً لبيان للخارجية، أبلغ الوزير المكلف السفير حسين عوض، الرئيس بزشكيان مجمل الأوضاع في السودان والتقدم الكبير الذي يحرزه الجيش وقرب الانتهاء من التمرد، بالإضافة إلى آفاق التعاون المشترك بين السودان وإيران.
وكانت قد أعلنت إيران دعمها للجيش السوداني والحكومة، وطالبت باحترام سيادة السودان. ويشار إلى أن العلاقات بين البلدين عاد إلى مرحلة التمثيل الدبلوماسي خلال الأسابيع الماضية بعد قطيعة استمرت قرابة 8 سنوات.
المصدر: القدس العربي