الجيش يُسقط مُسيّرات انتحارية في ولاية النيل الأبيض وقوات «الدعم السريع» تقصف الفاشر

قوة أمنية مشتركة من أجهزة الجيش السوداني تجول في مدينة القضارف

الخرطوم : أسقطت المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني في قاعدة كنانة بولاية النيل الأبيض ثلاث مُسيرات انتحارية تتبع لقوات الدعم السريع.
وفي السياق، أفاد سكان محليون «القدس العربي» أن قوات الدعم السريع قتلت مواطنا واصابت شخصين آخرين ونهبت مقتنيات وسيارات للمواطنين عقب هجومها على قرية حفيرة التي تبعد نحو 5 كيلومترات عن منطقة الخياري المتاخمة لولاية الجزيرة من الناحية الشرقية.
بالتزامن قالت مصادر عسكرية بأن مدفعية الجيش في منطقة الخياري استهدفت تجمعات لدعم السريع بقرية راما شرق مدينة ود مدني ودمرت عددا من المركبات القتالية.
أما غرباً وفي مدينة الفاشر في ولاية شمال دارفور فقد أستمر ولليوم الثالث على التوالي القصف المدفعي العشوائي من قبل قوات الدعم السريع على الأسواق والأحياء السكنية في المدينة.
وأدانت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي مقتل ما لا يقل عن 97 مدنيا خلال قصف مستشفى ومناطق سكنية وسوق للماشية في مدينة الفاشر.
بينما اتهم وزير الصحة في ولاية شمال دارفور، ابراهيم عبد الله خاطر، تلك القوات باستخدام اسلحة كيميائية محرمة في مواجهة مواطني الفاشر يوم السبت الماضي منوهاً إلى أن المصابين الذين وصلوا المستشفى بحالات صعبة، وظهرت عليهم آثار حرق وتسلخ.
وكشف خاطر في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الفاشر سجلت سقوط 700 قتيل و4700 جريح منذ بدأ القتال، وقال في مقابلة مع جريدة «الكرامة» إن قوات الدعم السريع تستهدف بالقصف أماكن المواطنين مثل سوق المواشي الذي يبعد عن مقر الجيش أميالاً بعيدة ويعج بالمدنيين.
وفي سياق آخر، أطلق ناشطون وسياسيون وكيانات نقابية حملة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي للتحذير من خطر المجاعة الذي يهدد مناطق واسعة في البلاد، وطالبوا بوقف عاجل للحرب وإيصال المساعدات الإنسانية.
ودعا عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي سليمان إلى إعلان المجاعة بشكل رسمي في البلاد حتى يقوم الجميع بمسؤولياتهم لإنقاذ ملايين السودانيين.
وكانت الأمم المتحدة حذرت الأسبوع الماضي، من تدهور الوضع الغذائي في السودان مشيرة إلى معاناة حوالي 26 مليون شخص من الجوع الحاد، لافتةً إلى أن هناك 750 ألف شخص على بعد خطوة واحدة فقط من المجاعة.
لكن وزير الزراعة في السودان، أبوبكر البشرى، نفى التقارير الأممية التي تتحدث عن أن 775 ألف مواطن معرضون للمجاعة في البلاد. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية «سونا» إن الوزارة تخطط لزراعة 35 مليون فدان في الموسم الصيفي المقبل.
وكشف عن توفير 12 ألف طن من البذور الزراعية ، مُقدمة من منظمة الفاو و بعض الجهات الأخرى بالإضافة إلى توفير إيصال الوقود للولايات، مشيراً إلى حرص المواطنين على الاستمرار في الزراعة رغم الحرب.
ولفت إلى أن التقارير الصادرة من منظمة الفاو وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي بشأن المسح المتعلق بإنتاج المحاصيل يؤكد أن إنتاج السودان من الذرة بلغ 3.3 مليون طن مقابل 3.9 مليون طن تمثل الاحتياجات الفعلية في البلاد مبينا أن المسح نفسه لم يشمل ولايات دارفور، وأكد أن العجز سيتم تغطيته من المخزون الاستراتيجي.
و تعقيباً على تصريحات وزير الزراعة قال عضو مجلس السيادة السابق محمد الفكي في مقطع مصورة متداول: «مثل هذه التصريحات خطيرة جداً، وتجب مساءلة هذا المسؤول على إخفائه الحقائق عن العالم» مبيناً أن المجاعة في السودان أمر واقع، وهناك وفيات بأعداد كبيرة للمواطنين بسبب نقص الغذاء في أكثر من 10 ولايات».
بالموازة، رأى ناشطون ومزارعون آخرون أن ما يحدث في السودان هو تجويع من قبل قوات الدعم السريع التي اجتاحت مناطق الانتاج الزراعي للمحاصيل الاستراتيجية في الجزيرة وكردفان ودارفور والنيل الأبيض وسنار، والقيام بنهب الآليات الزراعية ومدخرات المزارعين ومطاردتهم لدفع الأتاوت.
وقال الصحافي ياسر جبارة لـ«القدس العربي» إن إطلاق حملة من قبل الكيانات والهيئات النقابية للتحذير من وقوع مجاعة في السودان هو واجب اللحظة، وهو أمر بالغ الأهمية، فكل المؤشرات تشير لوقوع كارثة وشيكة. مبيناً أن ذلك التحذير هو التوصيف الدقيق لوضعية الامن الغذائي في البلاد، وهو مدخل مهم لتقييم مستوى كارثة الجوع وبالتالي مقدمة مهمة لطرق الحلول المناسبة وتطوير وسائل وأدوات الحملة والتحشيد لطرح هذه الأزمة محلياً وإقليمياً وعالمياً.
وأكد أن هناك بؤرا للجوع في البلاد وهي تقع ضمن المناطق التي شهدت وتشهد معارك عنيفة بين الدعم السريع والجيش، موضحاً أن أزمة الجوع هي ذات تعقيدات متعددة يختلط فيها الاقتصادي والأمني والاجتماعي والجغرافي.
وقال جبارة: «الحرب التي تخطو نحو العام ونصف العام بتسارع القت بظلالها على وضعية الامن الغذائي وينص القانون الدولي في هذه الجزئية على أن يتحمل كل طرف من أطراف النزاع المسؤولية عن ضمان أمن الاحتياجات الأساسية للسكان ضمن مناطق سيطرته، كما أن مجلس الأمن الدولي حَرّمَ بموجب القرار الذي أصدره في عام 2018 ،استخدام التجويع كسلاح في الحرب وصنف ذلك جريمة حرب، وعليه فان آليات إدارة أزمة الجوع في السودان عليها أن تعطي الأهمية القصوى لمسألة التحقق من استخدام الجوع كسلاح في هذا النزاع وتعمل على إنهاء هذه الجريمة متى ما ثبتت».
وأشار إلى أن الدعم السريع استخدمت سلاح التجويع وفق تقارير صحافية موثوقة استندت إلى بيانات للجان المقاومة ومنظمات وتقارير منظمات مهنية وإفادات مواطنين. وقال:» ميليشيا الدعم السريع عمدت إلى نهب مخزونات الأمم المتحدة الغذائية في الخرطوم ومدني وسنجة، بالإضافة الى نهب المخزون الغذائي للمواطنين والمعدات والآليات الزراعية، وقامت بالاعتداء على المزارعين وتهجيرهم من أراضيهم».
وأضاف: «كذلك فإن قيام تلك القوات بقطع الطرق وحصار المدن كان العامل الأكبر في خلق بؤر الجوع في جنوب كردفان والخرطوم والجزيرة ودارفور بما في ذلك مناطق سيطرتها الخالصة، وهو أمر يلقي بثقله الأكبر على الشرائح الأكثر ضعفاً من النساء والاطفال الذين يعانون من سوء التغذية وسوء التغذية الحاد ما يتطلب وضع الحلول العاجلة».

 

القدس العربي

Share this post