لندن- “القدس العربي”: كشفت صحيفة “الغارديان” عن الدور البريطاني في التكتّم على دور الإمارات العربية المتحدة في دعم قوات الدعم السريع، الجماعة شبه العسكرية التي تخوض حرباً ضد القوات السودانية المسلحة.
في تقرير حصري، أعده مارك تاونسيند، قال إن بريطانيا باتت عرضة للاتهامات، في محاولاتها لمنع شجب الدولة الخليجية ودورها في دعم قوات متهمة بارتكاب إبادة جماعية في إقليم دار فور، غرب السودان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر قولها إن مسؤولين في وزارة الخارجية البريطانية مارسوا ضغوطاً على دبلوماسيين أفارقة لتجنّب انتقاد الإمارات ودورها المزعوم في دعم قوات الدعم السريع، وهو ما سيفتح العين على علاقات بريطانيا مع الدولة الخليجية.
وقوات الدعم السريع، المتهمة بارتكاب جرائم حرب في دارفور، فرضت حصاراً على مدينة الفاشر، غرب السودان. وأحاط المقاتلون بالمدينة ،وسط أدلة عن عمليات استهداف وقتل للمدنيين بناء على هويتهم العرقية. وأثار الحصار مخاوف من أنه لو سقطت المدينة فإنها ستشهد مذابح على قاعدة واسعة وإبادة جماعية ممكنة.
وقال يونا دايموند، المحامي الدولي في حقوق الإنسان، إن دبلوماسيين أفارقة كباراً يعقدون محادثات بإثيوبيا من أجل البحث عن تحرك قانوني ممكن ضد الإمارات ودورها في القتال، وإن بريطانيا تقوم بمحاولات لمنع الدول من شجب الإمارات. ويعمل دايموند في مركز راؤل وولبيرغ لحقوق الإنسان: “أخبروني أن بريطانيا لا تشجع الدول لشجب الإمارات العربية المتحدة”.
حدثت مشادة بين ممثل الحكومة السودانية وممثل الإمارات في مجلس الأمن، حيث نفى الأخير الاتهامات واعتبرها “سخيفة”. إلا أن هيئة تابعة للأمم المتحدة وصفت الاتهامات للإمارات ودعمها للدعم السريع بأنها “موثوقة”
وقاد هذا لانتقاد بريطانيا، وأنها تقدم الأولوية لعلاقاتها مع الإمارات على مصير المدنيين المحاصرين في الفاشر، والتي يعيش فيها 1.8 مليون نسمة.
وشارك في محادثات أديس أبابا، التي حضرها دايموند، سلطات تنمية حكومية متعددة، وثماني دول في مجموعة شرق أفريقيا التجارية، إلى جانب دبلوماسيين آخرين. وقال: “نتطلع إلى بناء آلية دعم وحماية للمدنيين [في دارفور]، وتحركات لمحاسبة الإمارات العربية المتحدة في “محكمة العدل الدولية”، أو مناطق أخرى في المنطقة”.
ووجد دايموند، الذي شارك في رئاسة تحقيق مستقل، “أدلة واضحة ومقنعة” عن ارتكاب الدعم السريع إبادة في دار فور، و”كنا نتابع الآثار المترتبة على هذه النتائج، وخرق معاهدة الإبادة الجماعية [للأمم المتحدة]، وحاجة الدول الالتزام بواجباتها”.
إلا أن وزارة الخارجية والكومنولث نفت نفياً قاطعاً المزاعم، وقال متحدث باسمها: “الاتهامات غير صحيحة بالمطلق، وتستخدم بريطانيا تأثيرها ودعم الجهود من أجل سلام دائم”.
وهناك خلاف بشأن دور الإمارات في الحرب الأهلية، التي مضى عليها 14 شهراً في السودان. وطالما أنكرت الإمارات أي دور عسكري لها في دعم طرف بالحرب.
ويوم الثلاثاء، حدثت مشادة بين ممثل الحكومة السودانية وممثل الإمارات في مجلس الأمن، حيث نفى الأخير الاتهامات واعتبرها “سخيفة”. إلا أن هيئة رصد تابعة للأمم المتحدة وصفت الاتهامات للإمارات ودعمها للدعم السريع بأنها “موثوقة”.
والأسبوع الماضي، نشر مخبر الأبحاث الإنسانية في جامعة ييل صوراً لطائرة تجارية تحلّق في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع قرب الفاشر، ويطابق وصفُ الطائرةِ الطائرات التي تهبط في تشاد، التي تنقل منها الأسلحة الفتاكة إلى الدعم السريع. وأثارت الصور أسئلة حول عمليات إمداد أسلحة للدعم السريع من الإمارات، رغم عدم معرفة من يدير طائرة إليوشين-76. وقال مدير مخبر الأبحاث الإنسانية، ناثالين ريموند: “هناك حاجة لأن يحقق مجلس الأمن الدولي، والذي يستطيع توجيه سؤال للإمارات، وإن كانت متورطة”.
وتعتبر بريطانيا حاملة القلم للسودان في مجلس الأمن، أي أنها تقود نشاطات المجلس المتعلقة بثالث أكبر دولة في أفريقيا، من ناحية المساحة. وفي ردهم على المزاعم، أشار مسؤولون في وزارة الخارجية البريطانية إلى القرار الذي دفعت به بريطانيا بمجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، وطالب قوات الدعم السريع “وقف حصارها” على الفاشر، آخر مدينة في دارفور خارجة عن سيطرة الدعم السريع. ودعا القرار ” كل الدول الأعضاء للامتناع عن التدخل الخارجي والبحث عن إثارة النزاع وعدم الاستقرار” والالتزام بحظر تصدير السلاح إلى دار فور. ولكن النقاد قالوا إنه كان يجب ذكر الإمارات صراحة، وكذا إيران، المتهمة بتزويد السلاح للجيش السوداني المتهم بارتكاب جرائم حرب.
وانتقد البعض أن هذه الجهود جاءت متأخرة، وبعدما وصلت حملة الدعم السريع ذروتها بحصار الفاشر. وطرحت أسئلة حول دور الإمارات في لقاء بين مسؤولي وزارة الخارجية والكومنولث والتنمية وأعضاء في الشتات الدارفوري في بريطانيا، والتي جاءت بعد كشف “الغارديان” عن المحادثات السرية بين بريطانيا والدعم السريع.
واتهم عبد الله إدريس أبو قرادة، رئيس جمعية الشتات الدارفوري، بريطانيا بتغليب علاقاتها مع الإمارات على مصلحة المدنيين، وهو ما نفاه المسؤولون.
وقال أبو قرادة: “نحن قلقون من مصالح بريطانيا، وليس مفيداً أن يكون للإمارات نفوذ على بريطانيا التي لا تهتم بواجباتها الأخلاقية”.
أثار حصار الفاشر مخاوف من أنه لو سقطت المدينة فإنها ستشهد مذابح على قاعدة واسعة وإبادة جماعية ممكنة
وتمثل جمعيته أكثر من 30,000 دارفوري في بريطانيا، وهي الأكبر في العالم، وتمثّل كل الجماعات الإثنية التسع في دار فور.
وقالت خلود خير، المحللة السياسية السودانية، إن الديناميات الجيوسياسية توضّح أيّ محاولة لحماية الدولة الخليجية: “لقد جعلت الإمارات نفسها طرفاً لا يستغنى عنه في الغرب، وبخاصة في الولايات المتحدة، وكضامن للأهداف الإستراتيجية في المنطقة”.
وقالت خير إن “الإمارات تساعد الولايات المتحدة للحد من الهيمنة الصينية في أفريقيا من خلال التفوق على بكين في النفقات، وللحصول على ضمانات أمنية أمريكية”.
وأشارت منظمات حقوق الإنسان إلى العلاقات الاقتصادية والروابط بين الإمارات والرموز البريطانية البارزة، مثل وزير الخارجية ديفيد كاميرون. وكرئيس للوزراء قام لورد كاميرون، في 2013، بإنشاء وحدة سرية في مقر الحكومة بهدف جذب حكام الإمارات لاستثمار مليارات الدولارات في بريطانيا.
وفي كانون الثاني/يناير، قال وزير الدفاع، غرانت شابس، إنه يتوقع حصول بريطانيا على مليارات الجنيهات كاستثمارات من الإمارات العربية المتحدة.