الخرطوم- «القدس العربي»: في وقت تتفاقم أزمة الجوع في عدد من ولايات السودان في ظل استمرار خروج المطابخ الجماعية عن الخدمة، ما يزال أهالي القرى التي تواجه هجمات قوات الدعم السريع المستمرة، مثل ” قرية النورة” الواقعة في ولاية الجزيرة وسط السودان، عاجزين عن الاستغاثة بأحد.
وتعرضت “ود النورة”، الأربعاء الماضي، لاجتياح قوات الدعم السريع، الذي راح ضحيته أكثر من مائة قتيل وعشرات الجرحى، في ظل استمرار انقطاع خدمات الاتصال والإنترنت لأكثر من خمسة أشهر عن عموم ولاية الجزيرة، بينما تشهد المدن الأخرى عمليات انقطاع وعودة وسط ضعف كبير في الخدمات.
وحسب المكتب التنفيذي لمجموعة “محامو الطوارئ” الناشطة في رصد الانتهاكات، رحاب المبارك، وصل عدد القتلى في ” ود النورة” حسب عمليات الرصد التي تقوم بها المجموعة إلى 132 قتيلاً و20 جريحاً، جميعهم دفنوا في مقابر واحدة. وأشارت إلى أن بين القتلى مستنفرين حملوا السلاح ومدنيين عزلاً، فضلاً عن مقتل خمسة أطفال خلال رد الطيران العسكري على هجوم “الدعم السريع”.
وأشارت إلى تهجير الأهالي بالكامل من قرى الخروعة الجديدة والقديمة بالإضافة إلى “تحاميد القديمة” و”عراق” و”القلعة” و”شكير” و”ود الجتره” المجاورة لـ “ود النورة” خوفاً من انتهاكات قوات الدعم السريع الذي يرتكز حالياً داخل سوق “ود النورة”.
وأكدت دخول “الدعم السريع” إلى قرية “الخروعة الجديدة ” لترويع الأهالي المتبقين، مشيرة إلى أنهم وجدوا القرية شبه خالية من الحركة وقاموا بجلد أي مواطن في طريقهم. وتكاد ولاية الجزيرة تكون معزولة عن بقية أنحاء البلاد، منذ استيلاء قوات الدعم السريع على عاصمتها “ود مدني” في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
في الأثناء، تتصاعد وتيرة الانتهاكات وعمليات القتل والنهب الواسعة التي تنفذها قوات الدعم السريع على قرى الولاية النائية والتي نزح إليها الآلاف بعد اجتياح المدن الرئيسية.
وقالت إن قوات الدعم السريع تحاصر مدينة المناقل القريبة من “ود النورة”، من جهة مدينة سنار والأعوج، والتي ما تزال ترتكز داخلها قوات الجيش.
وينتقد أهالي الجزيرة ما اعتبروه انسحاباً لـ “الجيش” من معظم أنحاء الولاية وتركها من دون أي شكل من أشكال الحماية في مواجهة قوات الدعم السريع. وبينما يعيش السكان المحليون في دائرة من النزوح المستمر، يحاول آخرون التصدي لهجمات “الدعم السريع” على قراهم بإمكانات محدودة ودون تدريب.
وفي خضم تلك الأحداث المتصاعدة، ومئات الضحايا الذين راحوا ضحية العمليات العسكرية المتصاعدة في الولاية الزراعية، التي تعد سلة غذاء السودان وتضم أراضيها أحد أكبر المشاريع الزراعية في العالم، يتعثر وصول المعلومات، بينما يواجه الأهالي الموت كل يوم دون غوث.
وفي ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية في الولاية، واستمرار انقطاع خدمات الاتصال والإنترنت في الولاية، ناشدت لجان مقاومة عاصمتها “ود مدني” الجميع لإطلاق حملة إعلامية واسعة يشارك فيها المواطنون ولجان المقاومة ومنظمات المجتمع المدني والفاعلون بالداخل والخارج ومن يهمهم أمر أهالي ولاية الجزيرة؛ لإعادة الاتصالات والإنترنت، مشيرة إلى أنهم ذاقوا الأمرين للشهر الخامس على التوالي.
وأضافت: “ما تزال معاناة المواطنين تتواصل داخل ولاية الجزيرة نتيجة لانقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت، وتتزايد وتيرة الانتهاكات بواسطة مليشيا الجنجويد أو القصف الجوي لطيران قوات الجيش، نتيجة التعتيم الإعلامي والصعوبة البالغة في التواصل مع الأهالي والمواطنين”.
وقد تمر أيام على اجتياح قرية أو مدينة أو تعرضها لعمليات القصف الجوي دون أن يعلم أحد، بسبب تعطل شبكات الاتصالات والإنترنت وانقطاع خدمات الكهرباء عن نطاق واسع من الولاية، فيما عدا بعض أجهزة “ستار لينك” التي يمتلك معظمها منسوبو قوات الدعم السريع.
ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منتصف أبريل/نيسان من العام الماضي، يشهد قطاع الاتصال والإنترنت تردياً واسعاً.
بلغت الأزمة ذروتها في 4 فبراير/شباط الماضي، حيث انقطعت شبكة الهواتف المحمولة عن جميع أنحاء البلاد، في وقت اتهم جهاز تنظيم الاتصالات والبريد قوات الدعم السريع بقطع الشبكات وتخريب أبراج الاتصال.
وأدى تعطيل خدمات الاتصال والإنترنت عن عدد من الولايات السودانية إلى تغييب المعلومات عن الانتهاكات الواسعة التي يتعرض لها السودانيون العالقون وسط المعارك، بينما توقفت التطبيقات البنكية التي يعتمد عليها أغلب السودانيين في ظل شح السيولة النقدية، فضلاً عن تعطيل الإجراءات الرسمية وشل الخدمات الصحية والتعتيم على مجريات المعارك وتداعياتها الإنسانية.
وتسبب توقف التطبيقات البنكية إلى تفاقم أزمة الجوع، حيث تعتمد عليها عشرات المطابخ الجماعية لتغطية احتياجات السكان المحليين في مناطق العمليات التي تواجه شحاً في الطعام والمياه والدواء، فضلاً عن النقص الحاد في النقد.
وفي السياق، قالت غرف الطوارئ جنوب العاصمة السودانية الخرطوم، إن 3 مطابخ جماعية فقط ما تزال تعمل من أصل 41 مطبخاً بسبب انقطاع التموين والتحديات المتعلقة بالتطبيقات البنكية وشبكات الاتصال والإنترنت.
وأشارت إلى أن المنطقة تعاني منذ أكثر من ثلاثة أشهر من عمليات نهب وسرقة مستمرة لوقود المحطات التحويلية، ما يفاقم أزمة انقطاع خدمات الكهرباء التي طال انقطاعها. وفي مارس/آذار الماضي، أعلنت لجان المقاومة عن ارتفاع عدد المطابخ الجماعية المتوقفة عن العمل في العاصمة الخرطوم إلى 221، محذرة من زيادة حالات الإصابة بسوء التغذية والموت بسبب الجوع.
وكما أشارت إلى أن السبب وراء هذا التوقف المفاجئ هو انقطاع شبكات الاتصال والإنترنت التي كانت تعتبر الوسيلة الأساسية لتقديم الخدمات وإرسال الدعم عبر التطبيقات البنكية.
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.