كادر طبي يؤكد لـ«القدس العربي» عدم قدرة مستشفى الفاشر الوحيد على الصمود

الخرطوم ـ «القدس العربي»: ارتفعت حصيلة ضحايا المعارك المحتدمة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، إلى أكثر من 123 قتيلا، في وقت قالت فيه مصادر طبية لـ« القدس العربي» إن العقارات الطبية في المستشفى الوحيد العامل في المدينة أوشكت على الانتهاء.
وأكدت أن المخزون الطبي في المستشفى الجنوبي الذي يحاول إسعاف مئات الجرحى، لن يكون كافيا لأكثر من ثلاثة أيام، الأمر الذي يضع حياة الجرحى على المحك.
ورصدت منظمة أطباء بلا حدود مقتل 123 شخصا على الأقل وإصابة نحو 930 آخرين، منذ بداية المواجهات التي دخلت أسبوعها الثالث في الفاشر.

قصف طال مستشفى

وتتعثر عمليات رصد الضحايا في المدينة المحاصرة منذ أشهر في ظل ضعف وانقطاع شبكات الاتصال والانترنت، بينما تعتبر المنظمة الناشطة هناك الأرقام الأولية للضحايا مؤشرا للارتفاع المتعاظم للعنف في الفاشر.
وقالت إن أحد أعضائها قتل في المدينة التي تعد عاصمة إقليم دارفور وتشهد مواجهات طاحنة بين الجيش وعدد من الحركات المسلحة ضد قوات الدعم السريع ومجموعات موالية لها.
وبينت أن الموظف القتيل راح ضحية عمليات القصف التي طالت منزله الواقع بالقرب من سوق المدينة الرئيسي، مساء السبت، مضيفة في بيان نشرته على منصة « أكس»: «خسر الكثير من موظفينا أفرادا من عائلاتهم أو منازلهم خلال القصف أيضا».
وكانت عمليات القصف قد طالت أجزاء من المستشفى الجنوبي، وهو الوحيد العامل في المدينة، بينما يحاصر القتال أكثر من مليون شخص داخل المدينة التي نزح إليها عشرات الآلاف من المدنيين بسبب المعارك التي طالت ولايات الأخرى خلال شهري نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر كانون الأول الماضي.
وقال مواطن تحدث لـ« القدس العربي» من الفاشر: « الوضع سيئ للغاية، الاشتباكات مستمرة منذ الصباح، وسط عمليات قصف عشوائي وإصابات طالت المدنيين».
ومنذ نهاية العام الماضي تُحكِم قوات الدعم السريع سيطرتها على أربع من أصل خمس ولايات في إقليم دارفور غربي السودان، وبالمقابل يتمسك الجيش بآخر معاقله في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، والتي تعد أيضا مركز حكومة الإقليم وقاعدة تاريخية لعدد من الحركات المسلحة الدارفورية.

تدهور الأوضاع الإنسانية

ومقابل الصراع المحتدم بين الجانبين، تتدهور على نحو متسارع الأوضاع الإنسانية في المدينة الاستراتيجية، بينما تحصد المعارك عشرات الأرواح يوميا.
وحسب حاكم إقليم دارفور مني اركو مناوي فقد قتل خلال معارك السبت 17 عسكريا بينما أصيب 27 آخرون، مضيفا: لقد وصل إلى مستشفى الفاشر الجنوبي 82 جريحا من المدنيين في ذات اليوم أغلبهم من النساء والأطفال.
واعتبر ذلك «دليلا على أن قوات الدعم السريع تحاول إبادة أهالي المدينة وإخفاء آثارها الحضرية لبناء مدينة همجية أخرى على أنقاضها» على حد قوله.

السودان: ارتفاع عدد ضحايا المعارك إلى 123 قتيلا ونحو ألف جريح

وقال مناوي: «إن تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) والجهات التي تتولى رعايتها وتمويلها تنتظر بفارغ الصبر سقوط الفاشر لإعلان ميلاد دولة قوات الدعم السريع، على جماجم أبناء إقليم دارفور وأضاف أن الذين يعتدون على الفاشر هم مجرد أدوات لتنفيذ سلسلة أخرى من الإبادة الجماعية، بينما تُدار الغرف التي تقود الحرب هناك، من الدول الراعية لـ«تقدم».
وتابع: «عندما استعصت عليهم الفاشر بشعبها وجيشها وحركاتها المسلحة، استهدفت قوات الدعم السريع بالقصف المنازل والمستشفيات لغرض تهجير المدنيين وتحويل المدينة إلى مدينة أشباح مثل مدن إقليم دارفور الأخرى التي تسيطر عليها».
واتهم تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية « تقدم» بموالاة قوات الدعم السريع والسعي من خلال مؤتمرها التأسيسي المنعقد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا إلى وضع غرب السودان تحت الوصاية الدولية، داعيا أهالي الإقليم لمواجهة قوات الدعم عبر « المقاومة الشعبية».
وفي رده اعتبر المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية « تقدم» بكري الجاك في حديث لـ« القدس العربي» أن اتهامات مناوي لا تستحق التعليق» مضيفا: « بأي منطق تُتهمُ دول بعضها تتوسط لإيقاف الحرب، بدعم استمرار القتال»؟.
وتابع: «أن المسؤول عن هذه الحرب هو من أشعلها ومن يخوضها ومن يرفض الجلوس للتفاوض لإيقافها». وينتظر أن تعقد التنسيقية اليوم الإثنين الجلسة الافتتاحية للمؤتمر التأسيسي لـ« تقدم» بمشاركة واسعة للقوى المدنية.
وكان من المنتظر أن تُفتتح جلسات المؤتمر المنعقد في أديس أبابا أمس الأحد، إلا أن تأخر وصول عدد من المشاركين القادمين من الخرطوم ودول أخرى أدى إلى تأجيلها لمدة يوم.
وقال الجاك: «إن فعاليات المؤتمر الأخرى بدأت بالفعل، بما يتضمن اجتماع هيئة القيادة ولقاء فكريا للنساء وفعالية أخرى خاصة بالشباب، بينما تأجل الافتتاح إلى الإثنين لإعطاء فرصة لبعض المشاركين للوصول». وعزا تأخرهم إلى عوامل لوجستية.
وأشار إلى أن المؤتمر التأسيسي لتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية « تقدم» يهدف إلى وضع رؤية سياسية لإيقاف الحرب وتأسيس الدولة واستكمال الثورة السودانية، واعتماد هيكل تنظيمي جديد واعتماد قيادة موسعة وخطة عمل لـ« تقدم».
وفي ظل المشهد المتأزم في مناطق الصراع، تشهد عمليات وصول العاملين في المجال الإنساني والمساعدات تحديات واسعة، في ظل محاذير وضعها الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية بابكر الصديق إن الوزارة استدعت أمس الأحد مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية بالإنابة في السودان هلا خضر، بحضور أعضاء اللجنة الفنية للعون الإنساني، على خلفية استخدام أحد قيادات قوات الدعم السريع لزي المنظمة الرسمي.
وطالبت الوزارة المنظمة بتوضيح ملابسات الحادثة، وإصدار إدانة واضحة لاستغلال قوات الدعم لشعار منظمة الصحة من أجل «ارتكاب جرائمها».
وحذر من أن صمت المنظمة عن الحادثة من شأنه أن يثير الشكوك والمخاوف حول موقفها من انتهاكات وجرائم الدعم السريع.
وقالت وزارة الخارجية إن مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية بالإنابة وعدت بإعلان موقف بعد التشاور مع رئاسة المنظمة في جنيف بشأن استغلال قوات الدعم لشعاره المنظمة.
في الأثناء قام مسؤولون في الحكومة السودانية بزيارات خارجية، حيث التقى نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، الرئيس الأرتيري أسياس أفورقي، الأحد.
وتناول اللقاء الذي انعقد في العاصمة الاريترية « اسمرا» حسب وزارة الخارجية السودانية، العلاقات الثنائية بين البلدين وتعزيز أوجه التعاون المشترك وفق إستراتيجية حكومة السودان وحماية المصالح المشتركة.
وأكد الرئيس أفورقي مساندته الحكومة السودانية، مشدداً على واجب قادتها في السير بها إلى بر الأمان في ظل» المؤامرات الكبيرة التي تحاك ضد البلاد وخطط تقسيمها».
بالتزامن قام وزير الخارجية المكلف حسين عوض بزيارة طهران الأحد، حيث أبلغ الرئيس الايراني المكلف محمد مخبر، تعازي الحكومة السودانية بوفاة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير الخارجية حسين أمير عبد اللھيان والوفد المرافق لھما في حادث تحطم طائرة مروحية الأسبوع الماضي.
وقدم الوزير خلال اللقاء شرحاً لطبيعة الأوضاع في السودان، مشيرا إلى مواجهة البلاد مؤامرة بتخطيط ودعم من الخارج.

Share this post