مهرجان كان: اختيار “وداعا جوليا” السوداني أفضل فيلم عربي

موفد فرانس24 إلى مهرجان كان – نظم مركز السينما العربية في مهرجان كان مساء السبت حفل تقديم جوائز النقاد في نسخته الثامنة، التي يكرم المركز فيها الأعمال العربية الناجحة التي عرضت أول مرة في مهرجانات دولية. وكان التتويج هذا العام للسينما السودانية من خلال فيلم “وداعا جوليا” للمخرج محمد كردفاني، فيما عادت جائزة أفضل وثائقي لـ”بنات ألفة” للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، والذي حصد ثلاث جوائز.

صورة جماعية للمتوجين بجوائز مركز السينما العربية. © مركز السينما العربية

كشف مركز السينما العربية مساء السبت في مهرجان كان أسماء الفائزين بجوائز النقاد للأفلام العربية في نسختها الثامنة، بحضور نخبة من الفاعلين في حقل الفن السابع العربي من منتجين ومخرجين وممثلين وإعلاميين.

وانطلقت جوائز النقاد للأفلام العربية في نسختها الأولى على هامش فعليات الدورة الـ70 من مهرجان كان السينمائي، وتمنح الجوائز لأفضل إنجازات السينما العربية سنويا في فئات أفضل فيلم روائي، ووثائقي، ومخرج، ومؤلف، وممثلة، وممثل، وتصوير، ومونتاج، وموسيقى، إضافة إلى فئة الأفلام القصيرة التي استحدثها المركز بهذه الدورة.

وتقدم هذه الجوائز تحديدا للأفلام العربية التي عرضت أول مرة في مهرجانات دولية خلال العام الماضي. ولاختيار الأعمال والأسماء المتوجة، اعتمد المركز على تقييم للأفلام، أجرته لجنة تحكيم مكونة من 225 ناقدا ينتمون لـ72 دولة.

وجاءت قائمة الفائزين بجوائز مركز السينما العربية كالتالي:

أفضل فيلم روائي 

وداعًا جوليا لمحمد كردفاني (السودان)

أفضل مخرج

كوثر بن هنية عن فيلم بنات ألفة (تونس)

أفضل سيناريو

محمد كردفاني عن فيلم وداعًا جوليا (السودان)

أفضل ممثلة 

منى حوا عن فيلم إنشالله ولد (الأردن)

أفضل ممثل

صالح بكري عن فيلم الأستاذ (فلسطين)

أفضل فيلم وثائقي

فيلم بنات ألفة للمخرجة كوثر بن هنية (تونس)

أفضل فيلم قصير

فيلم عيسى للمخرج مراد مصطفى (مصر)

أفضل موسيقى تصويرية

أمين بوحافة عن فيلم هجّان (السعودية)

أفضل تصوير سينمائي 

كانيمى أونوياما عن فيلم إنشالله ولد (الأردن)

أفضل مونتاج

قتيبة برهمجي عن فيلم بنات ألفة (تونس)

الإنجاز النقدي

الناقد بيتر برادشو (بريطانيا)

الناقد نديم جرجورة (لبنان)

“وداعا جوليا”

عرض فيلم “وداعا جوليا” بمهرجان كان في النسخة السابقة، وحاز على جائزة “الحرية” في مسابقة “نظرة ما”. وكانت أول مشاركة لهذا البلد العربي في المهرجان. ويطرح المخرج محمد كردفاني فيه التعقيدات المجتمعية والسياسية التي تنخر السودان، وتسببت في معظم مآسيه إن لم تكن كلها. ويضغط بقوة على مكامن الجرح في هذا النسيج مترامي الأطراف.

ويتحدث الفيلم عن قصة جريمة في الخرطوم قبل الاستفتاء الذي منح الاستقلال لجنوب السودان، تورطت فيها امرأة “مونى” التي تؤدي دورها الممثلة إيمان يوسف، وهي من عائلة ثرية وتنتمي إلى الشمال، حيث ستُشغل خادمة من الجنوب، وهي عارضة الأزياء سيران رياك في دور جوليا، للتغطية على قتل زوج هذه الشابة دهسا بسيارة. وتسجل هذه الجريمة كدفاع عن النفس بحكم العلاقات التي يتمتع بها زوجها.

“مستمرون” رغم الحرب

ويواصل “وداعا جوليا” تحقيق نجاحات متواصلة في الملتقيات والمهرجانات الدولية، وهي إنجازات، قال منتج العمل أمجد أبو العلاء عنها في حديث لفرانس24: “تسعدنا كثيرا. اليوم الذكرى الأولى لعرض الفيلم في كان، وفي هذه الذكرى يحصل على جائزة النقاد العرب، وهي الجائزة الأربعون حتى الآن. فخورون جدا بنجاح الفيلم ورواجه أيضا تجاريا”.

وعلى الرغم من كل الأوضاع التي تعيشها السودان استطاع هذا الفيلم أن يثبت أن صناع السينما في هذا البلد قادرون على العطاء حتى في أصعب الظروف. “اختلط علينا الفرح بالغضب ونحن نحقق نجاحات في وقت يعيش فيها البلد أوضاعا صعبة” يضيف أبو العلاء، والتي لا يمكن لها في كل الأحوال أن توقفهم. “نحن مستمرون ولدينا مشاريع جديدة. وكسبنا ثقة من الآخرين ومن أنفسنا أيضا”.

“بنات ألفة”

حصد “بنات ألفة” ثلاث جوائز لمركز السينما العربية، وهو عمل للمخرجة كوثر بن هنية. استوحي الفيلم من قصة حقيقية لأم لها أربع بنات، التهم الإرهاب اثنتين منهن. وقد كان من ضمن الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان 2023، ونال العديد من الجوائز في المهرجانات الدولية.

تدعى الأم ألفة، واشتهر اسمها قبل سنوات عبر وسائل الإعلام في مرحلة توسع فيها غول التطرف بتونس. وكانت صرخاتها في بلاتوهات التلفزيونات بمثابة ناقوس خطر للعائلات حول التهديدات التي قد تهدد فلذاتهم أكبادهم.

وكانت الفتيات الأربع يعشن حياة عادية فيها الكثير من الفرح على الرغم من قلة ذات اليد والفقر. لكن وقوع ابنتيها رحمة وغفران بين أنياب التشدد، أزم الأجواء في هذه الأسرة، وصار هم الأم هو استعادة ابنتيها، وحماية الاثنتين المتبقيتين معها من فيروس التطرف.

وأخرجت بن هنية مجموعة من الأفلام الروائية القصيرة والطويلة، بينها “الرجل الذي باع ظهره” المتوج بعدة جوائز سينمائية، كما بلغ التصفيات النهائية لجوائز أوسكار عام 2021. وفي 2017 “على كف عفريت”، مرورا بـ”شلاط تونس” في 2014 و”زينب تكره الثلج” في 2016، وغيرها من الأعمال.

وينظر لبن هنية إلى جانب زميلتها السنغالية راماتا تولاي سي كـ”رأس حربة الجيل الجديد من صناع السينما في أفريقيا”، حسب ما صرح به مدير المهرجان تيري فريمو. إذ تتميز بن هنية بأسلوب فريد يجمع غالبا بين الروائي والوثاقي.

جائزة الإنجاز النقدي

كما سلمت جائزة الإنجاز النقدي مناصفة للناقدين البريطاني بيتر برادشو واللبناني نديم جرجورة.

شغل بيتر برادشو منصب كبير النقاد السينمائيين بصحيفة “الجارديان” منذ عام 1999، وهو ضيف دائم على أكبر المهرجانات السينمائية الدولية مثل كان وبرلين وفينيسا، وكتب في أجناس أدبية مختلفة من مقالات نقدية ورواية وقصة قصيرة.

وأما نديم جرجورة فهو من “أبرز النقاد في صناعة السينما العربية والعالمية”، وفاز بالجائزة “لما قدمه من إسهامات على مستوى الكتابة والتأليف والتدريب طوال 35 سنة من العمل في الصحافة الفنية والنقد السينمائي”، يقول بيان لمركز السينما العربية.

وقدم مركز السينما العربية لأول مرة جائزة الأفلام القصيرة، التي كانت من نصيب الفيلم المصري “عيسى” للمخرج المصري مراد مصطفى. وعن هذا التتويج قال مدير التصوير مصطفى رضوان الكاشف لفرانس24: “لقد حصلنا على جائزة في أسبوع النقاد العام في مهرجان كان، ونتوج من جديد هنا من طرف مركز السينما العربية، فهذا شيء يفرح ويشجع على العمل والعطاء أكثر فأكثر”.

مركز السينما العربية

يعد مركز السينما العربية مؤسسة غير ربحية تأسست منذ 10 سنوات بهدف الترويج للسينما العربية، ويوفر المركز لصناع السينما في العالم العربي، “نافذة احترافية للتواصل مع صناعة السينما في أنحاء العالم، عبر عدد من الفاعليات التي يقيمها وتتيح تكوين شبكات الأعمال مع ممثلي الشركات والمؤسسات في مجالات الإنتاج المشترك، التوزيع الخارجي وغيرها”، حسب المركز.

وتتعدد أنشطة مركز السينما العربية “ما بين أجنحة في الأسواق الرئيسية، وجلسات تعارف بين السينمائيين العرب والأجانب، حفلات استقبال، واجتماعات مع مؤسسات ومهرجانات وشركات دولية، وإصدار مجلة السينما العربية ليتم توزيعها على رواد أسواق المهرجانات”.

وقد أطلق مركز السينما العربية، دليل السينما العربية عبر موقعه على الإنترنت باللغة الإنكليزية، وهو دليل سينمائي شامل وخدمي يعتمد على مجموعة أدوات يتم تقديمها مجتمعة لأول مرة، “بهدف توفير المعلومات المرتبطة بالسينما العربية لصُناع الأفلام داخل وخارج العالم العربي، وتيسير الوصول للأسواق العالمية لصناع الأفلام والسينمائيين العرب، كما تساعد ممثلي صناعة السينما العالمية على التعرف بسهولة على إنتاجات السينما العربية“.

Share this post