«قمة دعم السودان» في إسطنبول- توران قشلاقجي

تتواصل الحرب الأهلية في السودان بلا هوادة في وقت يصب فيه العالم كل تركيزه على المأساة الحاصلة في غزة جراء الهجمات الإسرائيلية. ولا شك أن المأساة الإنسانية في السودان لا تقل هولا ووحشية عما يجري في القطاع الفلسطيني إلا أنها تجري بصمت وقد زادت حدتها منذ 11 شهرا. وأسفر القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عن مقتل 12 ألف إنسان وتهجير الملايين، وهو ما يجر البلاد إلى أزمة إنسانية عميقة.
وفي هذه الفترة الحرجة، يمكن عقد قمة دعم في إسطنبول برعاية تركيا ومصر وقطر، بما يشكل فرصة مهمة لجذب الانتباه الدولي إلى الحرب في السودان والبحث عن حلول لها. وكجزء من هذه الجهود، تمثل زيارة الرئيس رجب طيب أردوغان إلى القاهرة، بصيص أمل جديد لكل من السودان وغزة. ما يحدث في السودان يتضمن أزمة إنسانية متعددة الطبقات تتمثل في الفقر والمجاعة والصعوبات التي يواجهها اللاجئون. وتقول المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن عدد الأشخاص الذين أجبروا على ترك منازلهم بسبب القتال آخذ في الازدياد وإن الوضع أسوأ بكثير مما يمكن تخيله.

ستساهم قمة دعم السودان في إسطنبول في تطوير استراتيجيات طويلة المدى لمنع حدوث أزمات مماثلة

ووفقا للتقارير المتعلقة بالمجاعة في السودان، فإن الحرب تمنع وصول المساعدات والإمدادات الغذائية إلى الأشخاص الأكثر احتياجا لها، مما يزيد من إلحاح الوضع وأهمية قمة الدعم. ونأمل في هذا الصدد أن تنجح هذه القمة وتسهم في إحلال السلام في السودان في ظل التقارب بين مصر وتركيا وبدعم من قطر. أعتقد أن قمة دعم السودان في إسطنبول لن تكون مجرد نداء للمساعدة، بل ستكون في نفس الوقت إشارة إلى أن المجتمع الدولي لن يظل غير مبال بالمأساة الإنسانية في السودان. وستوفر هذه القمة فرصة لتذكير العالم أجمع بأن الحرب الأهلية في السودان ليست مشكلة إقليمية فحسب، بل تشكل أيضا تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين.

هذا الاجتماع، الذي سيعقد في هذه الأوقات الصعبة، لن يكتفي بتسليط الضوء على التحديات والصعوبات التي يواجهها الشعب السوداني فحسب، بل سيكون أيضا بمثابة منصة لتشجيع الخطوات الملموسة لإنهاء الصراع وإعادة إعمار البلاد. وتشكل زيادة دعم المجتمع الدولي للسودان أهمية حيوية لإنهاء الصراع وتحسين الوضع الإنساني. وبالإضافة إلى ذلك، ستساهم قمة دعم السودان بإسطنبول في تطوير استراتيجيات طويلة المدى لمنع حدوث أزمات مماثلة من خلال تشجيع التعاون والتضامن الإقليميين. وسوف تهدف القمة إلى أن تكون منارة سلام للشعب السوداني واستعادة الاستقرار في المنطقة، لتخلق بذلك قدوة ونموذجا لتعزيز التعاون والتنسيق بين مختلف الدول والمنظمات الدولية.
خلاصة القول؛ لن تقتصر قمة دعم السودان في إسطنبول فقط على لفت الانتباه للحرب التي تشهدها غزة وغيرها من المناطق، بل ستكون كذلك جزءا من تعهّد أوسع بالحفاظ على السلام والاستقرار في مختلف أنحاء العالم. كما تحافظ هذه القمة على حيوية الأمل في أن يتمكن زعماء العالم والمجتمع الدولي من العمل معا ضد المشاكل العالمية وإحداث تغييرات إيجابية للبشرية.
كاتب وصحافي تركي نقلا عن (القدس العربي)

Share this post