أشرف عبدالعزيز يكتب 300 يوم من الدمار والخراب!!

” الجريدة “ هذا الصباح… مالم يدرك الجميع درس الحرب بعقل مفتوح ويستجيبون للتحديات القاسية التي تطرحها الحرب على عقولهم سيظلوا يعيشون على الأماني العراض والأحلام التي يروج لها (البلابسة) صباح مساء.
الصباح الجديد – أشرف عبدالعزيز
300 يوم من الدمار والخراب!!
الحرب في السودان تدخل شهرها الحادي عشر، مخلفة دمار وخراب يتسع مداه يوماً بعد يوم ، فالأرواح التي زهقت بالآلاف، والجوعى بلغ عددهم 18 مليون سوداني ، والذين نزحوا وتشردوا وخرجوا من ديارهم هائمين على وجههم ملايين ، و6 مليون طفل فقدوا حقهم في التعليم ، أما سكان المعسكرات فيكفي إشارة التقارير إلى أن في كل ساعتين يموت طفل لعدم توفر الغذاء.
في ظل هذا الوضع المأساوي والتصعيد اللافت وحرب الاتصالات التي تم قطعها من قبل الدعم السريع وعادت شبكة سوداني بشكل محدود في بعض ولايات البلاد، نشط تجار (الحرب) من السماسرة وتجار العملة، الذين استغلوا أزمة السيولة النقدية بسبب توقف الخدمات البنكية، بخاصة تطبيقاتها الإلكترونية التي يعتمد عليها غالبية المواطنين داخل البلاد، بينما تشهد الولايات السودانية تكدساً من المواطنين أمام المصارف على أمل عودة الاتصالات التي يعتمدون عليها في تحويلاتهم التي تصل إليهم من أقاربهم بالخارج، في وقت أصبح فيه أغلب المواطنين بلا وظائف، فضلاً عن عدم صرف رواتبهم الشهرية، إلى جانب الانتشار الكثيف في الأمكنة التي وفرت خدمة الإنترنت في مقابل مبالغ طائلة للساعة الواحدة.
قبل أيام مر (خبر) مرور الكرام وأشار إلى أن المواطنين في قرية أم جاك بولاية غرب كردفان يشكون من أزمة السيولة النقدية وكيف أنهم أصبحوا أسيرين لتجار الحرب اللذين يأخذون عمولة 5 آلاف في كل 100 ألف، وهذا الحال ينسحب على كل السودان في حين أن (البلابسة) وبدلاً من حل الأزمة يوزعون البشريات بعودة شبكة سوداني وحديث المهندسين بأن (الدعامة) مسكوا (الهوا) وسيطرتهم على (سيرفرات) الخرطوم و(مقسماتها) لن تفيدهم شيئاً.
إن سياسة الهروب من الأزمات والتطمينات الجوفاء التي تطلقها حكومة الأمر الواقع لن تفيد خاصة وأن المآسي تتفاقم في كل يوم في وقت أصبح فيه الشعب السوداني مدركاً تماماً للعناصر التي تسببت في إشعال هذه الحرب.
300 يوم مضت على الحرب وضعت السودانيين وعلى رأسهم النخب الثقافية والسياسية، أمام اختبار جديد يطرح عليهم تحدياً وجودياً حيال إعادة قراءة مختلفة لوعي تلك المفاهيم التي ترتبت على عدم وعيها نتائج كارثية على مصيرهم الكياني كسودانيين.
لا يحتاج أحد لسبر أغوار لاكتشاف من هو الطرف الذي تسبب في الحرب لتصبح على هذا النحو المهدد بمصير كارثي للسودانيين، لكن الإشكالية التي غيبت وعي كثير من السودانيين وتصرفهم عن الإمساك بمصيرهم السياسي تكمن في نظم إدراك وتأثير ظلت تعمل على ذلك على مدى 30 عاماً، وما زالت تجيد التخدير بالرغم من كل الشواهد التي تؤكد أن الإنهيار حدث في كل شيء ، ومالم يدرك الجميع درس الحرب بعقل مفتوح ويستجيبون للتحديات القاسية التي تطرحها الحرب على عقولهم سيظلوا يعيشون على الأماني العراض والأحلام التي يروج لها (البلابسة) صباح مساء.
الجريدة

Share this post