موفد فرانس 24 إلى ساحل العاج – استمرت المعجزة الإيفوارية في نهائي كأس الأمم الأفريقية 2024 وفازت “الأفيال” مساء الأحد على أرضها وأمام جمهورها في أبيدجان على “النسور” النيجيرية بنتيجة 2-1، لتحرز اللقب القاري للمرة الثالثة في تاريخها بعد 1992 و2015. وبعد أن تخلفت بهدف إيكونغ في الدقيقة 38، تمكنت ساحل العاج من إدراك التعادل في الدقيقة 62 عن طريق كيسيه قبل أن يسجل هالر هدف الفوز في الدقيقة 81.
فعلتها ساحل العاج، قلبت تخلفها أمام نيجيريا لتفوز في الأخير 2-1 في نهائي كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم في أبيدجان، وتفوز أيضا بنجمة ثالثة أضاءت سماء البلاد فور إعلان الحكم الموريتاني دحان بيده عن نهاية المباراة.
توقعت ساحل العاج شعبا وحكومة بقوة حديدية أن يفوز منتخبها أمام جمهورها الشغوف، لاسيما أن التشكيلة البرتقالية “عادت من الموت” على حد قول مدربها في عدة مناسبات خلال المسابقة، وانتظر الإيفواريون بفارغ الصبر موعد المواجهة أمام نيجيريا على الرغم من أنهم كانوا يخشون صحوة فيكتور أوسيمين وزملائه المتألقين طوال البطولة.
واستيقنت “الأفيال” بأنها ستصبح أول بلد مضيف يحرز اللقب منذ مصر عام 2006 (وفاز “الفراعنة” حينها على ساحل العاج بالذات). وقد باتت أول فريق يخسر بفارق أربعة أهداف (بدور المجموعات) ويبلغ النهائي منذ نيجيريا عام 1990 في الجزائر.
كانت المعطيات قبل المبارزة تشير إلى أن “النسور الممتازة” تتطلع بأن تصبح ثاني دولة تفوز باللقب أربع مرات بعد غانا (علما أن مصر تتصدر الترتيب بسبعة كؤوس تليها الكاميرون بخمسة ألقاب)، وإلا لحقت بها ساحل العاج بثلاثة.
اكتملت قائمة المدرب إيميرس فايي بعودة لاعبيه الأربعة الموقوفين في الأدوار الإقصائية السابقة، وهم المدافعان أوديلون كوسونو وسيرج أوريه، والمهاجمان عمر دياكيتيه وكريستيان كواميه. وضمت التشكيلة الأساسية (عودة) أوريه وكوسونو، فيما شكل خط الهجوم الثلاثي غراديل-هالر-أدينغرا، وفي الوسط فرانك كيسيه (الأهلي السعودي) وسيكو فوفانا (النصر السعودي) إلى جانب ميكايل سيري (نادي هال الإنكليزي).
نيجيريا من دون غيابات أو إصابات
من جهتها، لم تشكُ نيجيريا من الغيابات أو الإصابات، وعولت على صلابة دفاعها وحارسها ستانلي نوابالي الذي تلقت شباكه هدفين في ست مباريات (مقابل سبعة لمرمى ساحل العاج). وأعلن المدرب جوزي بيسيرو نية الهجوم بدخول أوسيمن ولوكمان وتشوكويزي (بدلا من سيمون) في الهجوم، وخلفهم ثنائي نادي فولهام الإنكليزي أيوبي وكالفين فضلا عن أونييكا لاعب وسط برنتفورد الإنكليزي.
وبعد حفل اختتام بهيج أثار حماسة الجمهور، الذي بلغ عدده نحو 60 ألف شخص تقدمهم الرئيس الإيفواري الحسن واتارا – الذي وصل إلى الملعب قبل انطلاق المباراة بساعتين، ونزل من سيارته قرب خط التماس برفقة زوجته ليحيي مواطنيه، فصفقوا له بحفاوة أيضا – ورئيس الفيفا جياني إنفانتينو ونظيره في الاتحاد الأفريقي لكرة القدم باتريس موتسيبي، دخل اللاعبون لحركات إحمائية استمرت 30 دقيقة فعادوا لغرف الملابس قبل أن يعودوا للميدان مرة ثانية لخوض المواجهة النهائية.
اهتز الملعب الواقع بالضاحية الشمالية لمدينة أبيدجان، عاصمة ساحل العاج الاقتصادية، قبل أن يعطي الحكم الموريتاني دحان بيده صافرة الانطلاقة، وذلك بعد أن دخل النجم ديديه دروغبا بالكأس ويضعها أمام مرأى الجميع، وكان إلى جانبه بعض النجوم القارية الأخرى مثل النيجيري كانو والمصري حسام حسن والتونسي رياض البوعزيزي.
أهازيج وهتافات
فدخل الفريقان الأخضر والبرتقالي جنبا إلى جنب، لتبدأ المواجهة في جو صاخب، تحت الأهازيج والهتافات. وأمام الخطر الهجومي النيجيري، أخذت ساحل العاج بزمام الأمور منذ الانطلاقة ولم ترد تكرار سيناريو مباراة دور المجموعات عندما خسرت أمام منافستها صفر-1، فهاجمت وهددت مرمى الحارس نوابالي مرتان في الدقائق الخمس الأولى عن طريق هالر. وحكمت سيطرتها على المباراة وسط تشجيعات جمهورها.
فشلت نيجيريا في بناء اللعب، ولم تجد أمامها سوى خيار الكرات الطويلة تجاه أوسيمن المعزول وسط دفاع “الأفيال”. وقامت ببعض المحاولات الضعيفة، لكن خصمها واصل في خلق الفرص السانحة مثل مقصية غراديل في الدقيقة العشرين والتي مرت قرب القائم الأيمن للحارس. لكن النتيجة ظلت على حالها، متعادلة (0-0)، ويمكن قراءة ذلك على أنها نقطة إيجابية للفريق الأخضر نظرا لعاملي الأرض والجمهور، ونظرا لسيطرة الإيفواريين المفروضة عليهم.
هدف مباغت لنيجيريا في الشوط الأول
وفي الدقيقة 28 اضطر الحكم الموريتاني لإشهار البطاقة الصفراء بوجه بيسيرو الذي بالغ في الاحتجاجات على خط التماس على خلفية مناوشات بين أوسيمن ومدافعي ساحل العاج.
وأفلتت نيجيريا من الهدف الأول في الدقيقة 34 عندما توغل أدينغرا في الدفاع من الجهة اليمنى ليتقدم أمام نوابالي ويسدد فتتحول ضربته للركنية. لكنها، يا للعجب، تمكنت من هز شباك يحيى فوفانا في الدقيقة 38 برأسية من قائدها تروست إيكونغ أسكنها في الزاوية اليمنى للمرمى إثر ضربة ركنية من تنفيذ لوكمان تسببت في إرباك داخل الدفاع.
كانت تلك ضربة قاسية لمنتخب البلد المضيف للكأس الأفريقية 2024، فوقع تحت الصدمة وعجز عن إيجاد الحلول أمام صمود “النسور الممتازة”، وقدرتها على تحويل مسار المباريات. فانتهى الشوط الأول بتقدم نيجيريا 1-صفر.
بدأ أصحاب الأرض المرحلة الثانية بقوة، وحصلوا على ضربة حرة خطرة في الدقيقة 48 لكن الدفاع النيجيري تمكن من إبعاد الخطر، إلا أن الكرة عادت مرة أخرى أمام مرمى نوابالي ليسدد غراديل بقوة ويتصدى لها الدفاع. واهتز الملعب في الدقيقة 51 عندما وقع غراديل أرضا إثر تدافع مع زايدو، وطالب الإيفواريون الحكم دحان بيده بركلة جزاء، لكن الأخير أمر بمواصلة اللعب.
كيسيه يحرر ساحل العاج
واشتد التنافس بين الفريقين وتبادلا الاندفاع البدني، فيما ترك النيجيريون الكرة للإيفواريين للتركيز على الهجمات المعاكسة لاسيما بدخول سيمون في مكان تشوكويزي في الدقيقة 55. لكنهم تراجعوا كثيرا وتركوا أيضا فراغات أمام دفاعهم ليتمكن كيسيه من إدراك التعادل في الدقيقة 62 بضربة رأسية قوية إثر تمريرة من أدينغرا.
اقرأ أيضاجنوب أفريقيا تفوز على الكونغو الديمقراطية وتحرز المركز الثالث
ردت “النسور” برأسية من إيكونغ لكنها انتهت فوق المرمى. ودخل سينغو ودياكيتي (صاحب هدف الفوز على مالي) في صفوف “الأفيال” في مكان أوريه وغراديل. وكاد هالر يسجل الهدف الثاني في الدقيقة 75 بضربة مقصية أكدت تجدد الثغرات بدفاع نيجيريا، وسارت خارج المرمى.
هالر يضع فريقه على طريق التتويج
كانت المباراة في قبضة ساحل العاج، وازدادت قوتها على مر الوقت الرسمي للمبارزة النارية، فيما بدت “النسور” على حافة الانهيار وبالغت في التمريرات العشوائية، ما أثار انزعاج أوسيمن الذي ظل وحيدا معزولا في خط الهجوم. فقام بيسيرو بتغييرين مع دخول كيليتشي وموسى في مكان أيوبي ولوكمان، لكن ملعب “الحسن واتارا” اهتز مجددا لهدف هالر في الدقيقة 81، ليمنح التقدم لفريق “الأفيال” ويضع فريقه على طريق التتويج.
ورغم احتساب الحكم سبع دقائق في الوقت بدل الضائع، عجزت نيجيريا عن إدراك التعادل مؤكدة عدم قدرتها على الارتقاء لمستوى تطلعاتها. وفاز الفريق الذي سعى جاهدا لإحراز اللقب، فأدخل الفرحة في قلوب الإيفواريين، لتنتهي النسخة 34 من كأس الأمم الأفريقية بنجاح شامل.