الخرطوم- أظهرت مقاطع مصورة القائد العام للجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، أمس الخميس، وسط قواته في قاعدة وادي سيدنا العسكرية غرب العاصمة السودانية.
وفي 25 أغسطس/ آب الماضي، غادر البرهان مقر القيادة العامة للجيش وسط العاصمة الخرطوم بعد أربعة أشهر من اندلاع الحرب السودانية، وتوجه إلى قاعدة وادي سيدنا العسكرية وعدد من حاميات الجيش الأخرى، وصولاً إلى مدينة بورتسودان، التي أصبحت لاحقاً العاصمة الإدارية للبلاد.
وكانت قوات الدعم السريع تتحدث عن أن البرهان محاصر في مقر القيادة العامة للجيش، التي ظل محيطها يشهد قتالاً مستمراً بين الجانبين.
وقال المجلس السيادي في بيان، أمس الخميس، إن البرهان تفقد الخطوط الأمامية للقوات المقاتلة في مدينة أُمدرمان، بحضور عضو مجلس السيادة مساعد القائد العام للجيش ياسر العطا.
وأشار إلى متابعته سير العمليات الحربية بمحور أمدرمان عقب تفقده القوات الأمامية وتجوله في بعض المناطق التي استعادها الجيش غرب العاصمة السودانية الخرطوم.
وتأتي زيارة البرهان إلى قاعدة وادي سيدنا بالتزامن مع تقارير محلية تحدثت عن إحباط محاولة انقلابية نفذها ضباط مؤثرون في الجيش في مدينة أمدرمان.
وفي وقت لم يعلق الجيش رسمياً على الأنباء التي تحدثت عن اعتقال عدد من الضباط، وسط حالة من عدم الرضا عن سير العمليات العسكرية في البلاد، تشهد قاعدة وادي سيدنا وجوداً كثيفاً وزيارات متتالية لقادة الجيش.
وحسب المجلس السيادي السوداني تلقى البرهان أمس الخميس تنويراً عن سير العمليات من قيادة المتحركات في مدينة أمدرمان. كما تفقد بعض المواقع العسكرية والمدنية.
وقال خلال مخاطبته الجنود في وادي سيدنا إن الجيش ملتزم برعاية أسر منسوبيه الذين قتلوا خلال المعارك مع قوات الدعم السريع والمفقودين وعلاج الجرحى والمصابين من القوات النظامية والمستنفرين (المواطنين الذين تطوعوا للقتال في صفوف الجيش)، مضيفاً “أن القوات المسلحة والشعب في خندق واحد لاستئصال سرطان الميليشيات المتمردة ومرتزقتها”.
والثلاثاء، تحدثت تقارير محلية عن اعتقال استخبارات الجيش بمنطقة وادي سيدنا العسكرية عدداً من الضباط الفاعلين في العمليات العسكرية في مدينة أمدرمان بتهمة التخطيط لانقلاب. وذكرت أن القادة المعتقلين برتبة عقيد ركن ومقدم ورائد ركن.
وتحدثت أخرى عن أن التحفظ على الضباط جاء على خلفية عصيان الأوامر الميدانية خلال المعارك مع قوات الدعم السريع، مشيرة إلى اشتباكها مع قوات حميدتي في مدينة أمدرمان دون توجيه من القيادة.
وفي وقت تدخل الحرب السودانية شهرها العاشر، تتفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد.
والأربعاء، أعلنت الأمم المتحدة دعوتها الأطراف المتقاتلة في السودان إلى اجتماع في جنيف لمناقشة الأوضاع الإنسانية في البلاد.
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث، إنهم تلقوا موافقة مبدئية من الجانبين، بينما ما تزال الترتيبات للاجتماع قيد التنسيق.
في الأثناء، أطلقت الأمم المتحدة نداءً إنسانياً لتوفير 4.1 مليارات دولار، لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأكثر إلحاحاً للسكان المدنيين في السودان الذي تعصف به الحرب منذ منتصف أبريل/ نيسان الماضي.
وجاء ذلك في إطار خطط الاستجابة الإنسانية والاستجابة للاجئين في السودان لهذا العام والتي تهدف إلى الوصول إلى نحو 15 مليون شخص داخل البلاد، بالإضافة إلى أكثر من مليونين في البلدان المجاورة.
وأدى اتساع نطاق القتال في السودان، بما في ذلك ولاية الجزيرة، والتي تمثل سلة الغذاء في البلاد، إلى نشوء واحدة من أكبر أزمات النزوح والحماية في العالم، فيما يتفشى الجوع، حيث يواجه ما يقرب من 18 مليون شخص حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد.
يستمر القتال الكثيف في إتلاف شبكات إمدادات المياه وغيرها من البنى التحتية المدنية الحيوية في السودان، حيث يعتبر ما يقرب من ثلاثة أرباع المرافق الصحية خارج الخدمة في الولايات المتضررة من النزاع.
وتنتشر أمراض مثل الكوليرا والحصبة والملاريا في وقت يفتقر فيه ثلثا السكان إلى الرعاية الصحية. هناك حوالي 19 مليون طفل خارج المدرسة، وتنتشر انتهاكات حقوق الإنسان على نطاق واسع، مع استمرار ورود تقارير عن العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وحذر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية ومفوضية اللاجئين في بيان مشترك من أن نصف سكان السودان؛ ما يقدر بحوالي 25 مليون شخص، أصبحوا بحاجة إلى المساعدة الإنسانية والحماية بعد مرور عشرة أشهر على اندلاع الصراع في البلاد، وفر أكثر من 1.5 مليون شخص عبر حدود السودان إلى جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
وتعقد العمليات العسكرية داخل المدن والأحياء السودانية وصول المساعدات الإنسانية للعالقين في مناطق العمليات.
واتهم حميدتي في بيان، أمس الخميس، الجيش بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية.
وقال: “إن السبب الأساسي لتردي الأوضاع الإنسانية في البلاد، ونذر المجاعة التي تلوح في الأفق، هو الإجراءات المتعمدة، التي تفرضها مجموعة بورتسودان في إعاقة مرور المساعدات الإنسانية”، مشيراً إلى أن ما يزيد عن 70٪ من المساعدات الإنسانية محتجزة بميناء بورتسودان في انتظار إجراءات التخليص والعبور إلى مناطق الخرطوم، والجزيرة، ودارفور، وكردفان.
ودعا إلى الوصول إلى اتفاق في أقرب وقت لإنهاء الأزمة في السودان.
ومنذ اندلاع المعارك منتصف أبريل/ نيسان الماضي، يتبادل الجيش والدعم السريع الاتهامات حول ارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين وإعاقة وصول المساعدات الإنسانية.
«القدس العربي»