في وقت تمضي المعارك المتصاعدة في السودان نحو شهرها السابع، حذرت الأمم المتحدة من أن السودان يواجه واحدة من أسرع الأزمات نمواً في ظل احتياجات غير مسبوقة. ودعت نائبة ممثل الأمين العام للسودان، المنسقة المقيمة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتاين نكويتا سلامي، جميع الأطراف إلى وقف القتال والالتزام بوقف دائم للأعمال العدائية والتقيد بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية المدنيين.
وأكدت ضرورة تمكين الوصول الإنساني الآمن إلى المحتاجين، مشددة على أنه “كلما طال أمد هذا القتال، أصبح تأثيره أكثر تدميراً”. ومن المنتظر أن تستأنف المفاوضات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع غداً الخميس في مدينة جدة الساحلية بوساطة أمريكية سعودية بعد تعليقها في يوليو/تموز الماضي، في وقت تتواصل الاجتماعات التحضيرية للمؤتمر العام للقوى المدنية في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا والذي يهدف إلى تشكيل جبهة مدنية عريضة لإيقاف الحرب واستعادة الانتقال المدني في البلاد.
وجلسات اليوم الثاني للاجتماع الذي يحظى بمشاركة واسعة لمكونات الحرية والتغيير والجبهة الثورية وعدد من لجان المقاومة والتنظيمات الإقليمية والشخصيات القومية، ناقشت الهيكل التنظيمي للمؤتمر العام للجبهة المدنية المنتظر انعقاده الشهر المقبل.
ودعا رئيس حزب الأمة المكلف فضل الله برمة، خلال مخاطبته الاجتماعات، إلى إيقاف الحرب التي وصفها بـ”العبثية” والتي حصدت آلاف القتلى والجرحى من المدنيين الأبرياء، وشردت الملايين داخلياً وخارجياً، كما ظلت تروع وترهب المواطنين وتحرمهم من الأمن والمأوى والمأكل ودمرت المرافق الحيوية باستهداف المستشفيات والبنى التحتية والخدمية من إمدادات الكهرباء والمياه والمدارس.
وحذر من أن أكثر من عشرين مليون سوداني مهددون بالمجاعة. بينما تواجه العاصمة الخرطوم تدميراً ممنهجاً للخدمات، أدى القصف المدفعي والطيران إلى تدمير المساكن في الأحياء وتدمير المرافق الاستراتيجية، وانتشر مقاتلون داخل الأحياء السكنية، قال إنهم يمارسون أعمال النهب والاستيلاء على ممتلكات المواطنين كغنائم حرب، وطرد السكان من منازلهم، وامتدت إلى دارفور وكردفان وغيرها من المناطق.
ونوه إلى أن هذه الحرب أثرت سلباً على النظام الإقليمي وعلى بلدان الجوار وعززت جرائم الاتجار بالبشر والهجرات، مشيراً إلى أنها تشكل حاضنة للجماعات الإرهابية في ظل انعدام الأمن الوطني وتفتح نقاط اتصال بين مراكز الجماعات الارهابية في بلدان الساحل والقرن الأفريقي، تمدهم بالأسلحة والدعم اللوجستي.
وقال إن القوى المجتمعة في أديس أبابا التي تسعى إلى بناء الجبهة المدنية لوقف الحرب واستعادة الديمقراطية، تدرك أن الهدف من هذه الحرب هو عسكرة الحياة في السودان وانتقام النظام السابق من قوى الثورة وسعيه إلى القضاء على جذور الحياة المدنية والحكم المدني الديمقراطي.
وأكد أن القوى المدنية ستصنع من هذه الحرب فرصة لإعادة تأسيس الدولة وبناء دولة المواطنة التي تسع الجميع، وتعمل على تحقيق السلم الإقليمي والعالمي.
ورحب كذلك بالمبادرات الدولية والإقليمية لوقف الحرب في السودان خاصة الدعوة المقدمة من المسهلين في منبر جدة لاستئناف المباحثات ابتداء من غد الخميس، داعياً الأطراف لاغتنام الفرصة والوقف الفوري للعدائيات وتسهيل انسياب المعونات الإنسانية للمتضررين، داعيا للعمل المشترك بين جميع المبادرات لإيجاد آلية تجعل كل هذه المجهودات تصب في منبر موحد لإنهاء الحرب في السودان.
وتشهد العاصمة الجنوب سودانية كذلك اجتماعات القوى الموقعة على اتفاق سلام جوبا 2020، التي انطلقت أعمالها أمس الثلاثاء، وتهدف إلى توحيد مواقف الحركات التي على الرغم من إعلانها الحياد في مواجهة المعارك المندلعة بين الجيش وقوات الدعم السريع، فإنها تواجه استقطاب وانقسامات حادة بينما انحازت بعض مكوناتها إلى أطراف النزاع.
ومنذ اندلاع الحرب السودانية منتصف أبريل/ نيسان الماضي، قتل على الأقل 9 آلاف سوداني، وفق إحصاءات الأمم المتحدة، بينما نزح أكثر من 5 ملايين بسبب المعارك المتصاعدة بين الجيش وقوات الدعم السريع داخل المدن السودانية.
(القدس العربي)