في وقت توعدت فيه الولايات المتحدة بمحاسبة الذين «يقوضون السلام والتحول الديمقراطي في السودان» أكدت وزارة الخارجية رفضها لمشروع قرار بريطاني مقدم الى مجلس حقوق الإنسان يطالب بتشكيل لجنة تقصي حقائق خاصة بالنزاع الدائر.
وفي الأثناء، قالت ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد في تصريح نشرته السفارة الأمريكية في الخرطوم على صفحتها في فيسبوك إن «واشنطن ستحاسب الذين يقوضون السلام والتحول الديمقراطي في السودان».
وتأتي تصريحات السفيرة الأمريكية بعد أسبوع من فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الأمين العام «للحركة الإسلامية» علي كرتي وشركة روسية وأخرى سودانية، متهمة إياهم بتأجيج الصراع في السودان.
وسبق ذلك فرض وزارتي الخارجية والخزانة عقوبات على قائد ثان في «الدعم السريع» الأخ الأكبر لحميدتي عبد الرحيم دقلو، تمتد لكل من يتعاون معه. إلى ذلك، استنكرت وزارة الخارجية تحركات قالت إن دوائر غربية تقوم بها لدفع مجلس حقوق الإنسان لاعتماد قرار حول الأزمة الراهنة في السودان.
أمريكا تتوعد بمحاسبة مقوضي السلام… وعرمان يستنكر دعوات تشكيل حكومة طوارئ
وقالت في بيان أمس الأربعاء إنها «تراقب تلك التحركات منذ أواخر أغسطس/ آب الماضي في حملة سياسية وإعلامية منظمة سخرت لها العديد من المنظمات غير الحكومية لمطالبة مجلس حقوق الإنسان باعتماد قرار بشأن الأزمة الراهنة في السودان» مشيرة إلى أن «أبرز سيئاته أنه يفتقد الموضوعية والإنصاف لأنه يساوي بين القوات المسلحة السودانية والميليشيا المتمردة، ويتضمن المطالبة بتشكيل ما سميت بلجنة لتقصي الحقائق».
وأشارت إلى أن «هذه التحركات تحدث في وقت يواجه فيه السودان حربا تستهدف وحدته واستقلاله وأمنه واستقراره، باعتباره دولة عضو في الأمم المتحدة» متهمة «الدعم» بشن تلك الحرب «بالاستعانة بإعداد مقدرة من المرتزقة من بعض دول المنطقة ودعم دوائر خارجية معلومة».
«جرائم خطيرة»
وقالت إنها كذلك تأتي في ظل «استمرار فظائع الميليشيا المتمردة من «تطهير عرقي ومجازر جماعية» في دارفور وجرائم الاغتصاب والتقتيل والتعذيب والتشريد والاحتجاز لآلاف المدنيين إلى جانب عمليات النهب الممنهجة وواسعة النطاق في العاصمة وإخلاء المناطق السكنية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية وتجنيد الأطفال وتدمير المؤسسات الاستراتيجية والاقتصادية والخدمية والثقافية والتعليمية» مشددة على أن» هذه الجرائم الخطيرة لم تقابل حتى الآن بما تستحقه من إدانة وسعي لإيقافها من بعض القوى الغربية المؤثرة»
وأشارت إلى أن «مشروع القرار يتم تقديمه بينما تقوم القوات المسلحة السودانية بمسؤولياتها الدستورية والقانونية والأخلاقية في الدفاع عن البلاد وشعبها ضد ما يماثل الغزو الأجنبي، وبما يتسق مع ميثاق الأمم المتحدة».
وأكدت على أن «حماية حقوق الإنسان في السودان ستبقى هدفاً رئيساً وأولوية وطنية متقدمة في الأجندة الوطنية» لافتة إلى أن السودان «يستضيف مكتباً كاملاً للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، وخبيرا معينا بشأن حالة حقوق الإنسان في السودان، ووحدة متخصصة في حقوق الإنسان ضمن بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس) فضلاً عن فريق الخبراء المشكل بموجب القرار 1591 والذي يقدم ضمن تقاريره رصداً لحالة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني».
وبينت أن «السودان شكل لجنة وطنية برئاسة النائب العام للتحقيق في جرائم الحرب وانتهاكات وممارسات قوات الدعم السريع المتمردة والمحلولة» مشددة على أنه «لا يمكن لأي جهة خارجية أن تزايد على حرص السودان على حماية وترقية حقوق الإنسان لمواطنيه والتعاون مع الآليات الأممية المختصة».
واعتبرت أن « التحرك الذي تقوده بريطانيا منذ أغسطس/ آب الماضي وانضمت له بعض الدول الغربية، يواجه رفضاً جماعياً من كل المجموعات الجغرافية والسياسية التي ينتمي إليها السودان (المجموعة العربية ـ منظمة التعاون الإسلامي ـ المجموعة الأفريقية) وبالرغم من ذلك مضت بريطانيا في طرح مشروع القرار على مجلس حقوق الإنسان».
وشددت على «رفضها القاطع لمشروع القرار، مؤكدة أنه جانب الصواب في توصيفه لما يجري في السودان، وتحامل على نحو متطرف على القوات المسلحة السودانية، ولم يراع الأولويات الحقيقية للسودان في هذه المرحلة وهي إنهاء التمرد أولاً، وإيقاف الفظائع المستمرة، وإخلاء مساكن المواطنين والأعيان المدنية بما فيها المستشفيات ودور العبادة، وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية على نحو ما نص عليه إعلان جدة للمبادئ الإنسانية الموقع منذ 11 مايو/ أيار الماضي وإسكات البنادق».
ويناقش مجلس حقوق الإنسان مشروع قرار مقدما من المملكة المتحدة لإنشاء بعثة عاجلة لتقصي الحقائق في السودان، تتألف من ثلاثة من ذوي الخبرة في القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، يقوم بتعيينهم رئيس مجلس حقوق الإنسان في أقرب وقت ممكن، لمدة عام واحد في الوقت الحالي.
وتقع على عاتق اللجنة مسؤولية التحقيق وإثبات الوقائع والأسباب لجميع الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي، بما في ذلك تلك المرتكبة ضد اللاجئين، وجميع الجرائم المرتكبة في سياق النزاع الذي اندلع في منتصف نيسان/أبريل الماضي، وجمع الأدلة بما في ذلك المقابلات وشهادات الشهود ومواد الطب الشرعي.
وحسب مشروع القرار يتم تفويض اللجنة بتحديد هوية الأفراد والكيانات المسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان أو انتهاكات القانون الإنساني الدولي في السودان، بهدف ضمان محاسبة المسؤولين عنها.
اليراع- القدس العربي-وكالات