ود مدني (السودان): ارتفعت حصيلة القتلى جراء غارات جوية نفّذها الجيش السوداني على أحياء في جنوب الخرطوم الأحد إلى 40 شخصا، وفق ما أفادت مصادر محلية، مع تواصل النزاع بين القوات المسلحة والدعم السريع.
وقالت “لجنة المقاومة” المحلية “ارتفع عدد ضحايا مجزرة سوق قورو بمنطقة مايو إلى 40 قتيلا”.
وتوقعت اللجنة أن يرتفع العدد إذ “لا تزال الحالات تتوافد إلى مستشفى بشائر (في العاصمة)”.
وكانت حصيلة سابقة للجنة أفادت عن سقوط 30 قتيلا على الأقل.
ولجان المقاومة هي مجموعات شعبية كانت تنظّم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح نظام عمر البشير عام 2019، وتنشط منذ بدء الحرب في تقديم الدعم للسكّان.
وأطلق مستشفى بشائر “نداء عاجلا” إلى الكوادر الطبية للحضور “مع تزايد أعداد المصابين الواصلين اليه”.
ومنذ اندلاعه في 15 نيسان/ أبريل، حصد النزاع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، نحو 7500 قتيل وفق أحدث أرقام لمنظمة “أكليد” غير الحكومية التي ترجح، كما غيرها من المصادر الطبية والميدانية، أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى، خصوصا في ظل انقطاع الاتصالات في مناطق عدة، ورفض طرفي القتال إعلان خسائرهما.
واضطر نحو خمسة ملايين شخص من إجمالي عدد سكان البلاد المقدّر بنحو 48 مليون نسمة، الى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد، وفق الأمم المتحدة.
وتسبب النزاع بمزيد من التأزم في الوضع الصحي في السودان الذي كان يعدّ أحد أفقر بلدان العالم. وتكرر الأمم المتحدة باستمرار حاجتها إلى مزيد من الدعم المالي إذ لم تتلقّ سوى ربع التمويل اللازم لتلبية احتياجات 25 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الانسانية للبقاء على قيد الحياة.
وتتركز المعارك في الخرطوم ومحيطها، وإقليم دارفور في غرب البلاد، مع تواصل النزاع بين الحليفين السابقين البرهان ودقلو من دون أفق للحل.
ومنذ بدء الاشتباكات، لم يحقق أي من الطرفين تقدما ميدانيا مهما على حساب الآخر. وتسيطر قوات الدعم على أحياء سكنية في العاصمة، ويلجأ الجيش في مواجهتها الى سلاح الطيران والقصف المدفعي. وأفاد شهود في الآونة الأخيرة أن القصف الجوي يزداد حدة، ومعه حصيلة الضحايا المدنيين، مع محاولة الجيش استعادة مواقع في العاصمة.
والأربعاء، أفاد ناشطون وسكان فرانس برس عن نزوح مئات العائلات من إحدى ضواحي الخرطوم غداة مقتل 19 مدنياً فيها بقصف نفّذه الجيش على مواقع لقوات الدعم السريع لكّنه أخطأ هدفه.
انتقاد الدور الإفريقي
وفي ظل محاصرة قوات الدعم السريع لمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، انتقل البرهان منذ أواخر آب/ أغسطس إلى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد، والتي بقيت بمنأى عن أعمال العنف.
ومن هذه المدينة، أجرى البرهان في الفترة الماضية ثلاث زيارات خارجية إلى مصر وجنوب السودان وقطر، ما ألمح إلى احتمال تعزيز الجهود الدبلوماسية بحثا عن حل للنزاع، على رغم غياب أي مبادرات ملموسة في العلن.
وكانت وساطات سعودية أمريكية أثمرت في السابق عن اتفاقات لوقف إطلاق النار بدون أن تصمد سوى لأيام أو ساعات معدودة فقط. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر حالها كحال جهود الاتحاد الإفريقي.
ووجه البرهان السبت خلال كلمة ألقاها في الدمازين بولاية النيل الأزرق، انتقادات لإيغاد والاتحاد الإفريقي، وذلك في ظل توتر بين السلطات في الخرطوم والاتحاد في أعقاب لقاء رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد مع يوسف عزت، المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع.
وقال البرهان إن “بعض منظماتنا الإقليمية لم تتمكن من النظر للأزمة بشكل صحيح”، مضيفا “رسالتنا للاتحاد الإفريقي (إذا كان هذا نهجكم فنحن في غنى عن مساعدتكم)”، مطالبا التكتل “بتصحيح موقفه وموقف منسوبيه”.
وعلّق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان عام 2021 بعدما قاد البرهان ودقلو انقلابا أبعد المدنيين من المرحلة الانتقالية التي أعقبت الاطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019.
وانتقد البرهان كذلك “إيغاد” السبت، محذّرا من أنه إذا “انحرفت… عن مسارها، فنحن كسودانيين قادرون على حل مشاكلنا دون الحاجة لأحد”.
وقادت الهيئة محاولة لحلّ النزاع عبر لجنة رباعية برئاسة كينيا تضم جيبوتي وإثيوبيا وجنوب السودان. الا أن الخرطوم تمسّكت بتنحية كينيا اذ تتهّمها بتأييد قوات الدعم، وطالبت بإعادة جنوب السودان إلى رئاسة اللجنة التي كانت ثلاثية قبل ضمّ إثيوبيا إليها في حزيران/ يونيو.
وفي سياق ذي صلة، أكد كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية عبد الحميد الدبيبة، الأحد، ضرورة دعم جهود إنهاء القتال في السودان (جار ليبيا).
هذا التأكيد جاء خلال مباحثات أجراها الشيخ تميم والدبيبة في قصر لوسيل بالعاصمة القطرية الدوحة، بحسب بيان لمنصة “حكوماتنا” الليبية (تابعة للحكومة).
ووصل الدبيبة إلى الدوحة، مساء السبت، على رأس وفد رفيع المستوى في زيارة لم تُعلن مدتها.
وأفاد البيان بأن اللقاء ناقش “عددا من ملفات التعاون المشترك في مجالات الكهرباء والطاقة الشمسية والبنية التحتية والمواصلات والرياضة”.
كما ناقش “تطورات الأوضاع السياسية الإقليمية والدولية وأهمية تنسيق الجهود في القضايا ذات الاهتمام المشترك”.
وأكد الجانبان “ضرورة دعم جهود إنهاء القتال في السودان والحفاظ على وحدته واستقراره”، وفقا للبيان.
والخميس، أجرى أمير قطر مباحثات مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، وأكد حرص الدوحة على إنهاء القتال في السودان.
وأصدر البرهان، مساء الأربعاء، مرسومين دستوريين أحدهما يقضي بحل قوات “الدعم السريع”، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، والآخر يلغي تبعيتها للجيش.
(وكالات)