حذر تجمع المهنيين السودانيين من تحركات لمجموعات تابعة لنظام الرئيس السابق عمر البشير، قال إنها تهدف إلى توسيع نطاق الحرب.
وأبدى قلقه البالغ من «مساعي عناصر النظام السابق المُتغلغلين داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية من أجل توسيع دائرة الحرب ونقلها إلى الولايات الآمنة نسبياً والتي أصبحت ملاذا للنازحين من جحيم الحرب المُشتعلة منذ 15 أبريل/ نيسان الماضي».
وندد بـ«اقتحام قواتٍ نظامية وعسكرية قرى في ولاية كسلا شرق البلاد وإطلاق نارٍ على مدنيين، مما أسفر عن سقوط جرحى وضحايا بعضهم أطفال» معتبرا ذلك «محاولة لنقل البلاد نحو الحرب الأهلية والقبلية الشاملة وإدخال مناطق ومجتمعاتٍ إلى دائرة الحرب».
واستنكر تصريحات عددٍ من القيادات التابعة لقوات «الدعم السريع» أعلنت خلالها نيتها نقل العمليات الحربية إلى الولايات المتاخمة للعاصمة الخرطوم ومنها ولاية الجزيرة، لافتا إلى أن هذه التصريحات تعد «مؤشراً خطيراً للغاية وتعقد من الأوضاع الاقتصادية والأمنية والإنسانية القاسية الواقعة على المدنيين وتزيد من رقعةِ الحرب».
وشدد على «ضرورة وقف الحرب واستعادة الديمقراطية والكف عن تجييش وعسكرة الفضاء العام وتحشيد المدنيين للانخراط في العمليات الحربية» لافتا إلى أن «الحرب أدخلت البلاد في أزمة اقتصادية طاحنة وأثرت على حياة ملايين السودانيين، وقدرتهم على الحصول على قوتهم، فضلا عن توقف الرواتب وفقدان الوظائف وانقطاع منذ أبريل/ نيسان الماضي خاصة قطاعات العمّال والمهنيين والحرفيين وجميع فئات العاملين بالقطاعات الخاصة والعامة».
ودعا إلى «مناهضة الحرب والعمل على محاصرةِ أسبابها وعدم الانجراف خلف خطاباتِ الكراهية والعنصرية والتحشيد المناطقي والقبلي» مطالبا طرفي الحرب القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بـ «تحكيم صوت العقل مجدداً والمضي في مساراتِ التفاوض والحلول المباشرة والعودة إلى منبر جدة».
وأكد «دعمه للمبادرات الإقليمية والدولية وجهود دول الجوار السوداني لإنهاء الحرب» مشددا على «ضرورة أن تضع الأطراف المتحاربة مستقبل السودانيين المدنيين والعسكريين نصب أعينهم وحمايةِ بلادنا من التفكك والانهيار المُتسارع».
ولفت إلى أن الحرب ظلت تحصد أرواح آلاف السودانيين في مناطق مختلفة في العاصمة الخرطوم وشمال وجنوب كردفان ودارفور، بينما تستمر أعمال السلب والنهب والسرقات والتعدي على الممتلكات العامة والخاصة والمرافق الحيوية والمنازل وإخراج السكان المدنيين من الأحياء السكنية والقرى والمدن نتيجة الاشتباكات المسلحة بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع».
يشار إلى أن مجموعة واسعة من القوى السياسية والمدنية السودانية دعت مؤخرا لبناء «جبهة لمناهضة الحرب» ودفع الأطراف المتقاتلة للعودة للتفاوض من أجل إيقاف إطلاق النار والانخراط في حوار يشمل جميع الأطراف العسكرية والمدنية، ما عدا حزب المؤتمر الوطني ـ الحزب الحاكم في عهد البشير ـ للتوافق حول تشكيل حكومة مدنية واستعادة الاستقرار في البلاد.
وعلى صعيد آخر، استنكرت وزارة الخارجية السودانية تصريحات السفير الأمريكي جون غودفري، التي اعتبر خلالها الأطراف المتحاربة غير جديرة بحكم البلاد.
وأبدت استغراب واستياءها البالغ من الحديث عن «طرفين متحاربين» في السودان، وأن كليهما لا يصلحان للحكم، واصفة تعليق المسؤول الأمريكي بـ«عدم اللياقة والخروج على الأعراف الدبلوماسية وقواعد التعامل بين الدول والاحترام المتبادل لسيادتها».
كما اعتبرت أنه يتنافى مع «مقتضيات الكياسة والمهنية الدبلوماسية، ويعبر عن عدم احترام للشعب السوداني واستقلاله بتنصيب السفير نفسه وصيا عليه يحدد له من يصلح أو لا يصلح لحكمه». وذكرت أن «التعليق تجاهل أن القوات المسلحة هي الجيش الوطني للسودان» وأنه «يدافع عن البلاد وأهلها ضد ميليشيا إرهابية وإجرامية، ترتكب انتهاكات واسعة أدانتها حكومة بلاده، الولايات المتحدة الأمريكية».
وأشارت إلى أن «بيان الحكومة الأمريكية الذي أدان جرائم العنف الجنسي والعنف ضد المرأة الممنهجة من جانب الدعم السريع» مشيرة إلى أن ذلك يتناقض مع تعليق السفير الأمريكي.
إدانات أمريكية
والجمعة، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بيانا أدانت فيه بشدة تفشي العنف الجنسي المرتبط بالنزاع في السودان، مشيرة إلى أن مصادر موثوقة، بمن في ذلك الضحايا، نسبته إلى قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها. وأبدت قلقها العميق من التقارير العديدة عن حالات الاغتصاب والاغتصاب الجماعي وغيرها من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي ضد النساء والفتيات في غرب دارفور ومناطق أخرى، مشيرة إلى أن هذه الأعمال الوحشية تساهم في ظهور نمط من العنف العرقي المستهدف.
وشددت على ضرورة المساءلة عن العنف الجنسي واستخدام جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك الأدوات القانونية والسياسية وكذلك الأدوات الدبلوماسية والمالية لتحقيق العدالة من أجل ردع مثل هذا العنف.
وبالعودة إلى موقف الحكومة السودانية من تصريحات السفير الأمريكي، قالت وزارة الخارجية السودانية، إن اعتبار القوات المسلحة السودانية طرفا مكافئا للدعم السريع، التي وصفتها بـ «الميليشيا الإجرامية» يجسد «افتقاد الإنصاف والاتساق الأخلاقي، ويتضمن إساءة للشعب السوداني».
واعتبرت التصريحات بمثابة تشجيع لـ«الميليشيا المتمردة» لمواصلة «جرائمها، باعتبارها «طرفا في صراع سياسي».
وذكرت أن «التدخلات الخارجية غير الرشيدة في شؤون البلاد ومحاولة فرض وصفات سياسية لا تحظى بتوافق وطني، كانت من أسباب اندلاع واستمرار الحرب».
وأشارت إلى أنها تتوقع من السفير الأمريكي وحكومة بلاده تصحيح هذا الموقف الذي وصفته بـ«غير المتوازن والمعيب» وأن «ينأى السفير عن التصريحات التي تتنافى مع الأعراف والقواعد الدبلوماسية ولا تساعد على الخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد، خاصة في الوقت الذي يعمل فيه البلدان لتعزيز العلاقات الثنائية والتعاون بينهما في جميع المجالاتَ».
والجمعة، نشر غودفري، تصريحا أكد خلاله أن الأطراف المتحاربة في البلاد أثبتت أنها غير جديرة بالحكم، داعيا إلى إنهاء الصراع وتسليم السلطة للمدنيين.
وأشار إلى أن الجهود مع الشركاء السودانيين والدوليين لاستعادة الديمقراطية في السودان انقلبت رأساً على عقب بسبب الحرب التي تدمر البلاد الآن.
وقال إن» المستقبل الذي بناه الشعب السوداني لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تتم استعادة الأمن للمدنيين، وأن الأطراف المتحاربة أثبتت أنها غير مؤهلة للحكم» مضيفا: «يجب عليهم إنهاء الصراع ونقل السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية».
ميدانيا، استمرت الاشتباكات والغارات الجوية في العاصمة وضواحيها، حسب ما أفاد شهود عيان.
وقال مصدر طبي في الخرطوم لفرانس برس «قتل خمسة أشخاص من جراء سقوط صواريخ على المنازل».
وأسفرت الحرب عن مقتل نحو خمسة آلاف شخص، وفق منظمة «أكليد» غير الحكومية. لكن الحصيلة الفعلية تبدو أكبر لأن العديد من مناطق البلاد معزولة تمامًا، كما يتعذر دفن الكثير من الجثث المتناثرة في الشوارع، ويرفض الجانبان الإبلاغ عن خسائرهما.
وفي أربعة أشهر، أُجبر أكثر من 4.6 ملايين شخص على الفرار، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) التي أكدت أن «أكثر من 700 طفل ينزحون بسبب الحرب في كل ساعة تمر».
والجمعة، حذرت الأمم المتحدة، في بيان من أنّ الحرب والجوع يهددان بـ«تدمير» السودان بالكامل وبدفع المنطقة إلى كارثة إنسانية
(القدس العربي)
اكتشاف المزيد من اليراع
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.