اغتيال ناشطين حقوقيين في دارفور وسقوط خمسة قتلى إثر قصف لمنازل في الخرطوم

الخرطوم – في وقت طالبت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الولايات المتحدة الأمريكية التي تترأس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في شهر آب/أغسطس الحالي، بضمان اتخاذ المجلس إجراءات صارمة لوقف الفظائع المستمرة في دارفور، أعلنت لجان مقاومة مدينة أمدرمان، غرب العاصمة السودانية الخرطوم، عن سقوط خمسة قتلى، إثر قصف مدفعي، تعرض له حي ود نوباوي فجر أمس السبت، في وقت حملت قوات الدعم السريع مسؤولية ما وصفته بـ«الجريمة البشعة» ضد السكان المدنيين.

وأشارت في بيان، إلى تثبتها بالدليل القاطع، من أن القذيفة التي سقطت بحي ود نوباوي شمال وراح ضحيتها خمسة من سكان الحي أطلقت من مكان يقع شرق المنطقة، والذي يقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وقالت: «إن قوات السريع هي من ارتكبت، كل الانتهاكات المتعلقة بنهب سيارات المدنيين ومقتنياتهم» مضيفة: «أن جرائمهم أصبحت تشكل خطرا على حياة المدنيين وممتلكاتهم وأنهم تجاوزوا في إجرامهم كل القوانين والأعراف الدولية الخاصة بالحرب». واعتبرت ما يحدث من انتهاكات ضد المدنيين جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، شددت على أنها « لا تصدر إلا من ميليشيات إرهابية» محذرة من مغبة التمادي في هذه الانتهاكات.
وتواجه قوات الدعم السريع، اتهامات واسعة بارتكاب جرائم قتل وعنف جنسي فضلا عن احتلال المؤسسات المدنية والمرافق السكنية، ونهب ممتلكات المواطنين. بالمقابل يلقى الجيش اتهامات بقصف المؤسسات والمستشفيات والمناطق السكنية.
وبعد أيام من إعلان قائد قوات الدعم السريع، قرار تشكيل محاكم ميدانية، لمراقبة قواته، فيما اتهم الجيش بقصف المدنيين، أصدر رئيس مجلس السيادة، القائد العام للقوات المسلحة عبد الفتاح البرهان قرارا بتشكيل لجنة لـ«جرائم الحرب» قال إنها لرصد «انتهاكات قوات الدعم السريع» برئاسة ممثل النائب العام ووزارة الخارجية والعدل وممثلين للقوات المسلحة والشرطة وجهاز المخابرات العامة والمفوضية القومية لحقوق الإنسان.
ونص القرار السيادي «رقم 143» للعام 2023 على أن تكون مهام اللجنة حصر كافة الانتهاكات والجرائم التي يتهم الجيش قوات الدعم السريع بارتكابها منذ اندلاع المعارك في 15 نيسان/أبريل الماضي.
ووجه البرهان اللجنة باتخاذ كافة الإجراءات القانونية في مواجهة قيادات وأفراد قوات الدعم السريع داخلياً وخارجياً وكل من يثبت تورطه بالإشتراك أو التحريض أو المعاونة.
ودعت اللجنة المواطنين إلى تقديم بلاغات «الحق الخاص» فيما يلي الانتهاكات التي تعرضوا لها في كافة مراكز النيابة العامة بالولايات المختلفة وفقا للقرار الإداري رقم 2 للعام 2023 الصادر من النائب العام في 11 تموز/يوليو الماضي بمباشرة كافة النيابات إجراءات قيد البلاغات دون التقيد بالاختصاص المكاني.
وحسب بيان للمجلس السيادي، انخرطت اللجنة منذ تشكيلها في اجتماعات مستمرة وأجرت العديد من الاتصالات مع كافة الجهات المعنية ومؤسسات إنفاذ القانون، مشيرا إلى فتح بلاغات بالأرقام 5005 و5010 تحت المواد من 186 وحتى 192 من القانون الجنائي السوداني لعام 1991 تعديل 2009 م والتي شملت الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب بالإضافة إلى جريمة الإبادة العرقية فيما يتعلق بالجرائم التي وقعت بولاية غرب دارفور.
وقال البرهان إن اللجنة ستواصل أعمالها بإجراء التحقيقات والتحري لحصر الانتهاكات والجرائم، توطئة لمحاكمة المتورطين من قيادات وأفراد قوات الدعم السريع المتمردة في الجرائم والانتهاكات ضد المدنيين وتخريب البنيات التحتية واحتلالها للأعيان المدنية ومنازل المواطنين وتقديمهم للمحاكمة العادلة من أجل تعزيز سيادة حكم القانون وتثبيت قيم العدالة وحفظ الأمن والاستقرار في البلاد.
وبالتزامن مع تصاعد المعارك في العاصمة السودانية الخرطوم، تشتد الصراعات القبلية، في ظل احتدام القتال بين الجيش والدعم السريع في الإقليم.
وبعد يوم واحد من اختطافهم، وجد المحامي والناشط الحقوقي احمد عبد الله اللورد والموظف في المجال الإنساني آدم عمر، مقتولين، في الطريق الرابط بين مدينتي نيالا والفاشر، عاصمتي جنوب وشمال دارفور.
وقالت أسر القتيلين، إن قوات ترتدي زي الدعم السريع، اختطفتهم الخميس، من منازلهم بحي الرحمن بمدينة نيالا، مشيرة إلى أنهم ذهبوا إلى مقر قوات الدعم السريع للاستفسار حول أوضاع الضحيتين، وأنها نفت صلتها بالحادثة، قبل أن يتم العثور على جثثهم في اليوم التالي.
وفي السياق، أدانت دول الترويكا (النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) بأشد العبارات العنف المستمر في دارفور، مشيرة إلى التقارير المتعلقة بعمليات القتل على أساس العرق والعنف الجنسي الواسع النطاق من قبل قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها.
ودعت جميع الأطراف إلى الوقف الفوري للهجمات ومنع انتشار القتال، مشددة على ضرورة محاسبة المسؤولين، والسماح بالوصول بشكل كامل إلى المناطق المتضررة من النزاع بما يسمح بالشروع في تحقيقات حول الانتهاكات.
ودعت إلى فتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى الناجين الذين يحتاجون إليها بشكل عاجل، مبدية قلقها البالغ إزاء التقارير التي تتحدث عن حشود عسكرية بالقرب من مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور ونيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، وحذرت من أن تصاعد العنف سيعرض المزيد من المدنيين للخطر.
وقالت في بيان مساء الجمعة، إن توسع الصراع المدمر الذي «لا داعي له» بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في دارفور سبب معاناة إنسانية لا حصر لها، مضيفة: أنه يجب محاسبة المسؤولين عن أي فظائع ضد المدنيين، خاصة تلك التي تشمل العنف الجنسي المرتبط بالنزاع واستهداف العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية والعاملين في المجال الطبي ومقدمي الخدمات الآخرين.
وذكرت أطراف النزاع بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي الإنساني، المتعلقة بحماية المدنيين، داعية جميع الأطراف إلى تمكين وصول المساعدات الإنسانية في دارفور وفي جميع أنحاء البلاد.
وطالبت القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بإسكات بنادقهم وإيجاد مخرج تفاوضي من الصراع الذي بدأوه، داعية العسكر إلى التخلي عن السيطرة على السلطة لحكومة انتقالية مدنية تحقق تطلعات الشعب السوداني في الحرية والسلام والعدالة.
إلى ذلك، قالت «هيومن رايتس ووتش» إن بيانات الأقمار الصناعية أظهرت دمارا هائلا جراء الحرائق في بلدة سربا بولاية غرب دارفور السودانية، أواخر تموز/يوليو الماضي، مشيرة إلى أنها سابع قرية تتعرض للدمار أو الحرق بالكامل في غرب دارفور منذ اندلاع القتال منتصف نيسان/أبريل الماضي.
وطالبت المنظمة الولايات المتحدة الأمريكية، مع توليها رئاسة «مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة» لشهر آب/أغسطس بضمان اتخاذ المجلس إجراءات صارمة لوقف الفظائع المستمرة في دارفور، بما يشمل فرض عقوبات محددة الهدف ضد المسؤولين عن الانتهاكات المستمرة.

(القدس العربي)

Share this post