تنديد واسع ودعوات لتحقيق مستقل في مقتل والي غرب دارفور

الخرطوم ـ «القدس العربي»: في وقت تتصاعد فيه المعارك على نحو مروّع في إقليم دارفور، غرب السودان، قتل والي ولاية غرب دارفور، خميس أبكر، مساء الأربعاء، وسط اتهامات متبادلة بين الجيش وقوات «الدعم السريع» وأطراف مسلحة أخرى بتصفيته والتمثيل بجثته.
وأظهر مقطع مصور أبكر ملقيا على الأرض وغارقا في دمائه، مع آثار لثلاث طلقات نارية في الرأس والصدر والبطن، بينما تهتف مجموعة تتحلق حوله بـ«التكبير» و«التهليل» وتقول إنها قتلت الوالي. وظهرت أجزاء فقط من أطراف تلك المجموعة التي كانت ترتدي زي قوات «الدعم السريع».
جاء ذلك، بعد ساعات قليلة من تسريب فيديو آخر، يظهر فيه القيادي في قوات «الدعم السريع» عبد الرحمن جمعة، ضمن مجموعة تقتاد رجلا معتقلا يظهر من الخلف بسمات جسدية تشبه الوالي المقتول.
وتولى أبكر، قائد حركة التحالف السوداني، منصب والي غرب دارفور، في أعقاب توقيع حركته ضمن حركات مسلحة أخرى، على اتفاق سلام مع الحكومة الانتقالية السودانية، في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
وقبل ساعات قليلة من مقتله، اتهم أبكر قوات «الدعم السريع» ومجموعات مسلحة موالية لها بارتكاب انتهاكات واسعة وجرائم إبادة جماعية في الجنينة، منددا بعدم تدخل الجيش.
وقال في آخر تصريحاته، مساء الأربعاء، إن «أعدادا كبيرة من المدنيين قتلوا، بينما أكثر من 3000 جريح لا يجدون مكانا يسعفهم بعد تدمير كل المستشفيات والمرافق الصحية في المنطقة» مشيرا إلى انقطاع شبكات الاتصالات والمعارك الدائرة فوق رؤوس المواطنين، في الولاية المنكوبة.

«هجوم غادر»

وفي بيان أمس الخميس، اتهم رئيس المجلس السيادي السوداني القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان، قوات الدعم السريع بقتل أبكر في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، مستنكرا ما وصفه بـ «الهجوم الغادر»الذي قامت به تلك القوات، والتي قال إنها استهدفت الوالي، وقامت بتصفيته.
واعتبر ما حدث «تأكيدا على ما تقوم به قوات الدعم السريع، من قتل وسلب ونهب وترويع المواطنين» مشيرا إلى أن «استهداف المنشآت الخدمية والتنموية في مدينة الجنينة يعكس مدى الفظائع التي تقوم بها ضد الأبرياء العزل».
وفي روايتها عن الحادثة، قالت قوات «الدعم السريع» إن استخبارات من وصفتها بـ «القوات الانقلابية» في إشارة لقيادة الجيش، تقوم «بإشعال الحرب» في دارفور، وصولا إلى مقتل الوالي على يد من وصفتهم بـ «المتفلتين» حسب بيان أمس الخميس.

الجيش اتهم قوات «الدعم السريع»… والأخيرة تحدثت عن «متفلتين»

وقالت: «إنها تدين بأشد العبارات، مقتل والي ولاية غرب دارفور على أيدي متفلتين» مشيرة إلى أن الحادثة جاءت على خلفية الصراع القبلي المحتدم في الولاية.
واستنكرت ما وصفته بـ «التطور الخطير في الصراع بين المكونات القبلية غرب دارفور» مشيرة إلى أنها «توجه أصابع الاتهام وبشكل مباشر إلى استخبارات الجيش بالتورط في إشعال الحرب القبلية في الولاية وتغذية القتال بتسليح القبائل ما أدى إلى اشتداد فتيل الأزمة على نحو متسارع».
وحسب قوات الدعم «قبل بدء الحرب في الخامس عشر من أبريل/ نيسان الماضي، عملت أذرع الانقلابيين في الاستخبارات العسكرية على تنفيذ مخطط يؤدي إلى إشعال الفتنة ونشوب حرب أهلية في دارفور وذلك بتجنيد عناصر قبلية وتوزيع الأسلحة في المنطقة».
وشددت على أن «قواتها نأت بنفسها تماماً عن التدخل في الصراع في غرب دارفور وظلت تتابع تطورات الأحداث، وتحذر منها، كما أنها نبهت لخطورة الأوضاع هناك، وقبلها طالبت بضرورة وقف القتال بين المكونات القبلية دون أن تجد دعوات التهدئة أي استجابة» وفق البيان.
وأضافت: «لقد أدت الاشتباكات القبلية في غرب دارفور والتي حذرنا منها وسعينا مع آخرين من أهل الولاية والإقليم لتداركها، إلى مقتل العديد من الأبرياء من طرفي النزاع ونزوح ولجوء الآلاف بسبب القتال الدامي الذي حولته الأيادي الآثمة إلى مأساة إنسانية».
ودعت كذلك إلى تشكيل لجنة تحقيق مستقلة للتقصي حول الأحداث التي وقعت في الولاية وأدت لمقتل الوالي.
أدان حزب الأمة ما وصفه بـ «السلوك الإجرامي» وتصفية والي غرب دارفور بـ «طريقةٍ بشعة تنافي جميع الأعراف الدينية والإنسانية» معتبرا الحادثة «امتدادا للتطورات الخطيرة والمؤسفة للصراع في مدينة الجنينة»
ولفت إلى أن «التداعيات المتسارعة لاستمرار هذه الحرب العبثية ستجر البلاد الي وضعٍ كارثي غير مسبوق» مشددا على حتمية التنادي العاجل لإيقاف هذه الحرب فوراً، والعمل على محاسبة كلِّ المتسببين فيها، ومن أجرم بحق المواطنين العزل».

ميليشيات مسلحة

وفي السياق قالت حركة «العدل والمساواة» التي يتزعمها وزير المالية جبريل إبراهيم إن ميليشيات مسلحة اقتحمت منزل الوالي الذي اختطفته وذهبت به إلى جهة مجهولة ثم ظهرت مقاطع فيديو تظهر اغتياله بوحشية وبربرية لا مثيل لها.
وأشارت إلى أن «الحادثة امتداد للانتهاكات الفظيعة التي ارتكبت وما زالت ترتكب في ولاية غرب دارفور والمناطق المحيطة بها».
رئيس حركة جيش تحرير السودان، عبد الواحد محمد نور، وصف الوالي المقتول والذي كان نائبه في الحركة في الفترة من 2004 إلى 2006- قبل انفصاله لاحقا – بـ«المناضل والمقاتل من الطراز الأول» مشيرا إلى أنه قتل وهو داخل عاصمة ولايته ولم يبارحها لأي مكان رغم خطورة الأوضاع هناك.
وشدد على ضرورة العمل المشترك بين جميع السودانيين بمختلف مكوناتهم السياسية والعسكرية والمدنية والشعبية والدينية للسعي لوقف الحرب.

Share this post