معارك متواصلة في السودان رغم إعلان تمديد الهدنة

استمرت الإثنين المعارك في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع حسبما أفادت وكالة رويترز للأنباء نقلا عن سكان في الخرطوم، متحدثين عن “اشتباكات كثيفة ومتواصلة” في أجزاء من العاصمة السودانية قبل ساعات من انتهاء اتفاق الهدنة الهشّ الذي وفّر بعض الهدوء وأتاح وصول قليل من المساعدات.

والثلاثاء أفاد أحد سكان العاصمة وكالة فرانس برس بوقوع “اشتباكات بمختلف أنواع الأسلحة في جنوب الخرطوم”.

منذ 22 أيار/مايو، يشيد الوسطاء السعوديون والأميركيون بوقف اطلاق النار الذي ظل حبرا على ورق. فعلى الأرض لم يتوقف القصف الجوي والمدفعي واستمرت تحركات المدرعات.

وتستمر الحرب التي أوقعت أكثر من 1800 قتيل، وفقا لمنظمة أكليد، وأكثر من مليون ونصف مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة، في حصد الضحايا وترغم مزيدا من الأسر على ترك منازلهم.

ليل الاثنين الثلاثاء، أكد مواطنون لفرانس برس استمرار المعارك في الخرطوم وفي نيالا بإقليم دارفور في غرب السودان الذي سبق أن شهد حربا أهلية دامية في العقد الأول من القرن الحالي.

وكتب المحلل المتخصص في القرن الإفريقي رشيد عبدي على حسابه على موقع تويتر الثلاثاء “لا يوجد وقف إطلاق نار في السودان”، في إشارة إلى تواصل القتال.

وأَضاف “هناك فجوة عميقة بين الواقع على الأرض في السودان والدبلوماسية في جدة”

على جري العادة، تبادل الجيش الذي يقوده الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو، الاتهامات بخرق الهدنة ويقول كل طرف إنه يرد على هجمات الخصم.

وبحسب تقرير الثلاثاء للمجلس النروجي للاجئين، فقد انتشرت أعمال “النهب والسرقة في الخرطوم، وجردت بعض المناطق بالكامل من الممتلكات”.

وأشار المجلس إلى محاولته القيام بعمليات توزيع للمواد الغذائية، “لكننا نواجه تحديات بسبب انهيار النظام المصرفي وعقبات لوجستية أخرى”، مثل انقطاع الاتصالات وندرة النقد لشراء الإمدادات.

وأكد المجلس في تقريره “لا تزال القصة كما هي.. يواجه الناس في السودان مرة أخرى العنف والنزوح”.

وبحسب بيان الثلاثاء أفاد مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي بعد اختتامه زيارة إلى مصر بأنه “اضطر أكثر من 345,000 شخص للفرار مؤخراً من السودان، وتستضيف مصر حوالي نصفهم”.

انهيار البنى التحتية

منذ شهر، يوافق كل طرف على اقتراحات واشنطن والرياض بتمديد الهدنة التي تهدف إلى السماح للمدنيين بالفرار من مناطق القتال وفتح ممرات آمنة لارسال المساعدات الانسانية.

وكان السودان قبل الحرب أحد أفقر بلدان العالم إذ كان مواطن من كل ثلاثة يعاني من الجوع وكانت الكهرباء تنقطع لفترات طويلة يوميا والنظام الصحي على وشك الانهيار.

واليوم، بعد مرور سبعة أسابيع على اندلاع الحرب، بات 25 مليونا من أصل 45 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات انسانية للاستمرار، وفق الأمم المتحدة.

وذكرت اليونيسيف أن “13,6 مليون طفل بحاجة ماسة إلى الدعم الانساني المنقذ للحياة”. من بين هؤلاء “620 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد”، بحسب المنظمة الأممية.

ولم تعد المياه الجارية تصل إلى بعض مناطق الخرطوم ولا تتوافر الكهرباء إلا بضع ساعات في الأسبوع، كما باتت ثلاثة ارباع المستشفيات خارج الخدمة.

أما المستشفيات التي تواصل عملها فلديها القليل من المستلزمات الطبية والأدوية كما أنها مضطرة لشراء الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء بعشرين ضعف سعره الأصلي.

وتطالب المنظمات الانسانية منذ اندلاع الحرب في الخامس عشر من نيسان/ابريل، بتوفير ظروف أمنية تتيح لها الوصول إلى الخرطوم ودارفور من أجل تزويد المخازن التي نهبت أو دمرت بسبب القتال.

لكن تلك المنظمات لم تتمكن حتى الآن إلا من إيصال كمية صغيرة جدا من ألأدوية والأغذية اذ أن العاملين فيها لا يستطيعون التحرك بسبب المعارك، في حين أن شحنات المساعدات التي وصلت جوا لا تزال عالقة لدى الجمارك.

وباتت بعض مناطق دارفور معزولة تماما عن العالم من دون كهرباء أو انترنت أو هاتف ويقول نشطاء سودانيون إنهم يخشون الأسوأ.

وفيما رحبت واشنطن والرياض بتمديد الهدنة لخمسة أيام أخرى، يخشى السودانيون الآن على الأرض حصول “حرب أهلية شاملة”، بحسب كلام تحالف قوى الحرية والتغيير، الكتلة المدنية التي أطاحها الجنرالان اللذان كانا حليفين ونفذا معا انقلاب العام 2021 قبل أن تبدأ الخلافات بينهما.

وفي زيارة تفقدية لقواته الثلاثاء، أكد البرهان في بيان للجيش أنه “تمت الموافقة على الهدنة بغرض تسهيل انسياب الخدمات للمواطنين”.

-“ينبغي أن نتسلح” –

وأطلق هذا التحالف تحذيرا بعد النداءات التي وجهها الطرفان ويدعوان فيها المدنيين إلى التسلح.

وطرح مجددا موضوع دارفور حيث يشارك في المعارك الجيش وقوات الدعم السريع ومقاتلون قبليون ومدنيون مسلحون، عندما دعا حاكم الاقليم، وهو زعيم فصيل متمرد سابق متحالف الآن مع الجيش، كل المواطنين إلى التسلح “لحماية الممتلكات”.

وقال مواطن من هذه المنطقة الواقعة عند الحدود مع تشاد لوكالة فرانس برس “في الوضع الحالي، ينبغي أن نتسلح، لأن الجميع في خطر، الناس يجدون أنفسهم وحدهم في حين تتم مهاجمتهم في بيوتهم التي تتعرض للنهب”.

غير أن مواطنا آخر يرى أن دعوة المدنيين إلى حمل السلاح أمر “غير مسؤول بتاتا وهي دعوة خطرة يمكن أن تقودنا إلى الحرب الأهلية”.

ويخشى جنوب السودان وتشاد وإثيوبيا ودول أخرى مجاورة امتداد عدوى الحرب إليها وتطلب مساعدات من الأمم المتحدة التي تؤكد أنها لم تحصل الا على القليل من الأموال من مموليها.

الاثنين، حذرت الأمم المتحدة من أن استمرار الحرب قد يدفع السودان إلى قائمة الدول المهددة بمجاعة قريبة.

وخلال بضعة أيام سيبدأ موسم الأمطار الذي يحمل معه أوبئة عدة، من الملاريا الى الكوليرا.

Share this post