34.3 C
Khartoum

صحافيو السودان يدفعون ثمن الحرب: اعتداءات واقتحام منازل وتهديد

Published:

الخرطوم ـ «القدس العربي»: نددت شبكة «الصحافيين السودانيين» باستهداف قوات «الدعم السريع» للصحافيين وعائلاتهم، واقتحام منازلهم والاعتداء عليهم، ونهب أموالهم وممتلكاتهم تحت تهديد السلاح.
وقالت في بيان إن «الجرائم الفظيعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع والتي باتت لا حصر لها، قد تجاوزت استهداف الصحافيين أنفسهم لتمتد لترويع أسرهم، واقتحام منازلهم وإرهابهم وممارسة أبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي ونهب أموالهم وممتلكاتهم تحت تهديد السلاح» مشيرة إلى أن «ذلك تطور خطير ومؤسف وغير مسبوق، ويؤكد عدم التزام هذه القوات بالقانون الدولي الإنساني».
واتهمت «أفرادا تابعين لقوات الدعم السريع باقتحام منزل الخبير الإعلامي البروفسور علي شمو، ثلاث مرات متتالية في يوم واحد، ومطالبته بإخلاء المنزل بالقوة وتحت تهديد السلاح، والاعتداء على حارس المنزل بالضرب ونهب إحدى سياراته».
وأضافت: أن «هذا تصرف أقل ما يوصف بأنه إجرامي وغير إنساني ويتنافى مع القيم والأعراف السودانية الحميدة، مع رجل في الـ 90 من عمره يمثل رمزاً للإعلاميين».
واقتحمت كذلك قوة تتبع لـ «الدعم السريع» شقة الصحافي أحمد فضل، في الخرطوم أول من أمس، في منطقة شمبات في الخرطوم بحري، وقامت بالاعتداء عليه وزميله المصور راشد جبريل، بالضرب وسط عدد من أقاربه الذين يقيمون معه في المنزل، وصادروا منهم جميعاً هواتفهم، عنوةً وتحت تهديد السلاح بالإضافة إلى الاستيلاء على سيارته، تبعا للبيان.
وأشارت الشبكة إلى أنه «قبل يوم من اقتحام منزل فضل، تعرض مصور للاحتجاز في إحدى نقاط الارتكاز التابعة لقوات الدعم السريع، في حي كافوري أثناء تأدية عمله، وتم إطلاق سراحه بعد أن قضاء ليلة كاملة هناك».
كما تعرض منزلا الصحافيين عادل ابراهيم ووجدي الكردي، أمس الأول، للنهب والتخريب، على أيدي أفراد تابعين لقوات «الدعم السريع» وبعدها، اقتحمت المنزلين مجموعة من عصابات النهب الذين يحملون أسلحة بيضاء ونارية، وقاموا بسرقة الأثاث من شاشات وأموال نقدية وأجهزة حاسوب وهواتف وإتلاف كل الكتب والوثائق الخاصة، كما أصيب وجدي وزوجته بشظايا مقذوف وقع داخل المنزل في منطقة بري في الخرطوم. وفي الأسبوع الماضي، اقتحمت قوة مسلحة تتبع لـ«الدعم السريع» مقر صحيفة «الحراك السياسي» وقاموا بعمليات نهب وسلب وإرهاب وترويع الصحافيين والصحافيات العاملين في الصحيفة.
وتلقى الصحافي أحمد دقش، مساء أمس الأول، رسائل تهديد عبر الهاتف من قبل مجموعة تدعي أنها تتبع قوات «الدعم السريع» أثناء استضافته على الهواء مباشرة في إحدى الفضائيات.
وأعلنت شبكة الصحافيين السودانيين عن شجبها وإدانتها لهذه الجرائم في حق الصحافيين منذ بداية الحرب، ومحاولات تخويفهم وإرهابهم وإسكاتهم ومنعهم من حقهم في متابعة وتغطية الأحداث، بالوصول لموقع الحدث وتصوير وتوثيق الحقائق ونقلها للجمهور، وهوما يمثل انتهاكاً ومصادرة للحق في الحصول على المعلومة وتقييد حرية الرأي والتعبير ورفض أي رأي لا يتوافق معهم.
وأضاف البيان: أنَّ «هذه الانتهاكات الجسيمة تفضح نوايا وإدعاءات منسوبي قوات الدعم السريع الذين ظلوا يبثون مقاطع فيديو، يحاولون فيها إقناع الناس بأنهم يحسنون معاملة الأسرى وأنهم مع إرساء الديمقراطية وقيام حكم مدني، إلا أن ممارساتهم عكس ذلك، وكثير من المواطنين يشكون من اقتحامهم للمنازل ونهب ممتلكاتهم، وإجبار المواطنين في الشوارع على تسليمهم سياراتهم تحت تهديد السلاح».
ودعت الشبكة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية للضغط على طرفي القتال، لحماية الصحافيين وتهيئة بيئة آمنة تمكنهم من أداء واجبهم بشفافية واستقلالية ودون أي تدخل أو تأثير عليهم من جهة، محملة طرفي القتال مسؤولية أمن وسلامة الصحافيين.
وسبقت تلك الانتهاكات مجموعة من الاعتداءات التي تعرض لها الصحافيون والمؤسسات الإعلامية، في وقت لا تزال فيه المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع تدور ما بين كر وفر في مباني الإذاعة والتلفزيون القومي، منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل/ نيسان الماضي.
وبينما كانت تحتجز قوات «الدعم السريع» صحافيين وفنيين داخل مباني هيئة البث الرسمية، قام الجيش بقصفها. وهذه المباني التي تُمثّل إرثاً وتاريخاً للإعلام السوداني، ما زال محفوظاً في مكتباتها الصوتية والمرئية.
ما حدث للإعلاميين في التلفزيون والإذاعة السودانية يأتي ضمن انتهاكات واسعة تعرض لها الصحافيون في خضم الحرب الدامية الجارية في البلاد. فيما لفتت نقابة الصحافيين إلى أن العديد من العاملين والعاملات في مجال الإعلام يعيشون أوضاعاً صعبة ويواجهون مخاطر يومية بحثًا عن الحقيقة وسط القتال.
وفق رصد قدمته الأسبوع الماضي، أشارت إلى قصف عدد من مكاتب وغرف الأخبار وسط الخرطوم، بينما ظل العشرات من الصحافيين عالقين في أماكن عملهم التي كانت تقع في خطوط النار بين الأطراف المتقاتلة، وتعرض بعض الصحافيين لانتهاكات وقمع أثناء تغطيتهم للاشتباكات.
وبينت أنه في ظل عدم رضا الطرفين المتحاربين عن الأخبار والمعلومات التي ينقلها وينشرها صحافيون مستقلون، تعرض عدد من الصحافيين لتهديدات بالتصفية في ظل مناخ تسيَّده خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي.
وأصيب الإذاعي خالد شرف الدين بطلق ناري، خلال المعارك التي تصاعدت يومي الخميس والجمعة الماضيين، في مدينة نيالا، عاصمة جنوب دارفور، كما تعرض الصحافي عيسى دفع الله للاعتداء بالضرب والاستيلاء على أدواته وممتلكاته من قبل قوات الدعم السريع خلال تغطيته للأحداث ذاتها.
وبينت نقابة الصحافيين السودانيين أن مراسل هيئة الإذاعة البريطانية» بي بي سي» في الخرطوم، محمد عثمان تعرض للضرب من قبل جنود يتبعون للجيش أثناء محاولته عبور جسر الفتيحاب الرابط بين مدينتي أمدرمان والخرطوم والوصول إلى مقر عمله يوم السبت 15 أبريل/ نيسان الماضي. كما تعرض مقر صحيفة «الجريدة» لإطلاق نار مرتين يومي الأحد والاثنين 16 /17 نيسان/أبريل. واحتجز (15) صحافياً في وكالة السودان للأنباء لمدة 72 ساعة في مقر عملهم بجانب اثنين من العمال في الوكالة. كذلك احتجز صحافيون يعملون في قناتي الحرة و«روسيا اليوم» في بناية وسط الاشتباكات لمدة 72 ساعة، و(5) آخرون يعملون في وكالة «تانا فورميديا» لمدة 72 ساعة، كما تعرض مكتبهم لإطلاق نار، بالإضافة إلى مراسل قناة الشرق الإخبارية أحمد العربي وزميله المصور اللذين احتجزا في اليوم الأول لاندلاع المعارك من قبل قوة مسلحة بالقرب من مطار مروي وأطلق سراحهما لاحقا. وتعرض مكتب القناة ذاتها إلى إطلاق نار يوم الأحد 16 أبريل/ نيسان.
أما مقر إذاعة «هلا 96» فقد احتجز الصحافيون في داخله لمدة 72 ساعة، وأظهر مقطع متداول اثنين من أفراد الدعم السريع داخل استوديو الإذاعة وهما يلبسان سماعة الراديو، ويحملان لافتة تظهر شعار قوات الدعم. واحتجز 9 من صحافيين من التلفزيون العربي في مكاتبهم في أبراج النيلين منذ السبت 15 أبريل/ نيسان.
وروت الخبيرة الإعلامية، مديحة عبد الله لـ «القدس العربي» أن «السودانيين في ظل الحرب الراهنة محرومون من حق الحصول على المعلومة في ظل التشويش المتعمد والمعلومات المتضاربة، من الأطراف المقاتلة» مشيرة إلى أن الجانبين «لا يريدان توفير معلومات عن سير القتال ومناطق المعارك. يتقاتلون دون اعتبار لحق المواطنين في معرفة أين يدور القتال، وعلى الأقل ما يوفر لهم سبل حماية أنفسهم».
ولفتت إلى «المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها المدنيون بسبب نقص المعلومات أو المعلومات المغلوطة، فهم يريدون أن يكونوا آمنين ويعرفون أين يجدون الغذاء وأي مستشفى مفتوح وهل الطريق آمن أم لا؟ هناك تخبط، في حياة الناس وخطر كبير على حياة مواطني الخرطوم بسبب انتهاك حق المدنيين في الحصول على المعلومات، والانتهاكات والمخاطر التي يتعرض لها الإعلاميون، التي تعيق حركتهم وقدرتهم على العمل، وخطورة الوصول الى مناطق الحدث للحصول عن المعلومة».
وأكملت: «حق الحصول على المعلومة تزداد أهميته في وقت الحرب لأن المواطنين يتطلعون للمعلومة المتعلقة بالأمن، والتي قد تنقذ حياتهم، لذلك يجب ضمان حرية الحركة للإعلاميين وحق الحصول على المعلومات وخدمات الإنترنت».


اكتشاف المزيد من اليراع

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مواضيع مرتبطة

مواضيع حديثة