مئات القتلى في دارفور … ومعارك عنيفة في الخرطوم والأبيض

الخرطوم – في وقت اشتدت فيه المعارك في مدن العاصمة السودانية الخرطوم، أمس الثلاثاء، ارتفع عدد ضحايا العنف القبلي في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، إلى أكثر من 500 قتيل وأكثر من 534 جريحا، حسب تصريحات لوالي الولاية، خميس عبد الله.
وتصاعدت الأحداث في الجنينة، بعد معارك بين الجيش و»الدعم السريع»، الجمعة الماضية، وتحولت إلى أحداث عنف قبلي، في ظل أوضاع صحية وإنسانية كارثية. كما تجددت المعارك في مدينة الأبيض، شمال كردفان، والتي يسيطر عليها الجيش منذ بداية الاشتباكات، بينما يعتبرها «الدعم السريع»، ممرا هاما لإمداداته من دارفور إلى الخرطوم.
وتصاعدت المعارك في مدن الخرطوم الثلاث، الخرطوم والخرطوم بحري وأمدرمان، بمشاركة سلاح الجو والمشاة التابع للجيش مقابل قوات «الدعم السريع».
وقال الجيش السوداني إنه تصدى لهجوم من قوات الدعم السريع على معسكر الكدرو شمال الخرطوم وسيطر على آلياتها العسكرية، وحرر مبنى قيادة قوات الدفاع الجوي وسط الخرطوم من قبضتها.
وبين أن العشرات من تلك القوات قتلت خلال المعركة، فيما تم أسر 8 وأستحوذ الجيش على أسلحة وآليات وذخائر كانت بحوزتهم .

احتلال كنيسة واختطاف إمام مسجد … وحرق مكتبة عريقة في أمدرمان

في حين أكدت قوات «الدعم السريع» أنها استولت على قيادة الدفاع الجوي وفرع الرياضة العسكري وقامت بتحرير أسرى من قبضة الجيش، وغنمت معدات وآليات عسكرية ضخمة، فضلا عن أسر 700 من قوات الجيش.
وقالت إنها تصدت لهجوم مباغت نفذه الجيش على ارتكازاتها في منطقة شمال بحري، واستولت على معسكر «السواقة» ومعسكرات أخرى في المنطقة ذاتها، وإن العشرات من قوات الجيش قتلوا خلال المعركة. واتهمت الجيش بالهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة على المستشفيات والمناطق المأهولة بالسكان، منددة بما وصفته بـ»قرع الطبول الفارغة» من قبل أنصار النظام السابق في وزارة الخارجية السودانية حيث قاموا بـ»الاستيلاء على المستندات والحسابات الرسمية للوزارة في مواقع التواصل الاجتماعي، وسخروها لخدمة قادة الانقلاب والنظام السابق».
وقالت إنها «رصدت استعانة قادة الجيش بمرتزقة للقتال إلى جانبهم بالإضافة إلى محاولات تجييش الشعب السوداني بغرض توسيع دائرة الحرب». واعتبرتها «محاولات فاشلة ويائسة ومكشوفة تعكس حالة التخبط والتوهان داخل صفوف الانقلابيين».
ووفق بيان الدعم: «قام المتطرفون بتسليح عصاباتهم المعروفة لمهاجمة المساجد والكنائس والمستشفيات على حد سواء، ما يؤكد بجلاء أن هولاء مستعدون لأي فعل أخرق من شأنه إثارة الفتن الدينية والقبلية وكل ما هو ضد مصلحة الشعب السوداني»، مشيرا إلى «تعرض العشرات من المواطنين إلى عمليات نهب لمقتنياتهم في نقاط تفتيش تابعة للجيش إلى جانب تنفيذ اعتقالات وتصفيات لمواطنين على أساس عنصري وقبلي» .
وقال شهود عيان تحدثوا لـ «القدس العربي» إن الاشتباكات العنيفة في حي جبرة جنوب الخرطوم اشتدت على نحو مروع، خاصة في محيط منازل قوات «الدعم السريع»، فيما فر المواطنون في الأحياء القريبة مع تصاعد القتال وأعمال النهب المسلح وتحويل المنازل لثكنات عسكرية.
وأعلنت لجان مقاومة العشرة جنوب الخرطوم، مقتل مواطن في الحي السابع، إثر إصابته بعيار ناري، منددة بتجدد الاشتباكات في شارع محمد نجيب، وأحياء الصحافة وميدان الفروسية وصينية الإسطبلات، جنوب الخرطوم.
ودعت السكان لـ»أخذ الحيطة والحذر والبقاء داخل المنازل والابتعاد عن النوافذ والأبواب والمناطق المكشوفة، تفادياً للقذائف والأعيرة النارية»، فيما نشرت لجان مقاومة امتداد، لقطات مصورة لحرائق في مبان وسيارات في حي الديم الذي شهد معارك عنيفة.
وقالت مريم محمد، التي تسكن في حي الصحافة، جنوب الخرطوم لـ»القدس العربي»: « نحن محاصرون من كل الجهات وخائفون للغاية»، مشيرة إلى اشتداد المعارك في محيط المنطقة وسماعهم دوي انفجارات وسحب دخانية من ناحية السوق المحلي الواقع جنوبا والسوق العربي وسط الخرطوم.
ولفتت إلى تصاعد أعمال النهب داخل الأحياء وتردي خدمات المياه والكهرباء، ونقص الغذاء، مشيرة إلى أن معظم القاطنين في الحي فروا بسبب المعارك وضعف الخدمات، إلا أن الكثيرين لا يقدرون على كلفة الفرار من الحرب التي أصبحت باهظة مع تزايد المخاطر وارتفاع تكاليف أجرة السيارات والوقود بشكل جنوني.
وفي حي الكدرو، شمال الخرطوم، حذرت لجان المقاومة من تصاعد الاشتباكات العسكرية داخل الأحياء، داعية المواطنين لأخذ الحيطة والحذر، في ظل تبادل جانبي القتال القصف بالطائرات ومضادات الطائرات.
واتهمت لجنة مقاومة حي المغتربين في مدينة بحري، قوات «الدعم السريع» باختطاف إمام مسجد المنطقة. وقالت في بيان إن قوة تابعة للدعم السريع اعتدت على إمام مسجد اليقين، الشيخ طه، واقتادته إلى مكان غير معلوم، معبرة عن استنكارها الشديد إزاء ما وصفتها بـ»انتهاكات ميليشيا الدعم السريع المتواصلة»، وحملتها «مسؤولية سلامة الإمام، وطالبت بإطلاق سراحه فوراً.
في السياق، اعلنت أسرة القيادي الإسلامي البارز، أنس عمر، اعتقاله من قبل قوات تابعة للدعم، من منزله في حي المعمورة شرق الخرطوم، وتم اقتياده إلى مكان غير معلوم.
وندد كبير أساقفة ومطران الخرطوم، حزقيال كندو، باقتحام قوات «الدعم السريع» مباني الكنيسة الأسقفية الأنغليكانية، في حي العمارات وسط العاصمة، داعيا إلى خروج تلك القوات فورا واحترام مقدسات العبادة.
وقال في بيان إن قوات «الدعم السريع» احتلت الكنيسة وجعلت من مبانيها مقراً لها»، مشيرا إلى تحطيم أبواب المكاتب وبيت السلام وقاعة الاجتماعات والسيارات الموجودة في المبنى، فضلا سرقة سيارة تابعة لمطرانية الخرطوم تحت تهديد السلاح لحارس مباني مطرانية الخرطوم في مدينة أمدرمان. وأضاف: « لا نزال لا نعلم ما حدث لبقية ممتلكات الكنيسة».
كذلك تداول ناشطون في مواقع التواصل الاجتماعي صورا لمكتبة محمد عمر بشير في جامعة أم درمان الأهلية عقب تعرضها للحرق الشامل، والتي تعد من المكتبات الجامعية العريقة، وتضم كتبا نادرة بعدة لغات. وأظهرت الصور رفوف المكتبة ومحتوياتها المتفحمة، وتهدم أجزاء من مبانيها.

 

«القدس العربي»

Share this post