القاهرة (رويترز) – بينما تحاول أزهار شلقامي إنقاذ جديها المريضين العالقين وسط القتال في الخرطوم، ناشدت من نيويورك الفصيلين المتحاربين في السودان وعمال الإغاثة والسفارات القريبة من منزل جديها، لكن جهودها باءت بالفشل.
وماتت جدة أزهار وحيدة ولا تزال جثتها في منزل العائلة لم تُدفن بعد. وأصيب جدها بالرصاص ثلاث مرات أثناء خروجه لتأمين الاحتياجات الأساسية ولا يزال عالقا في الخرطوم وهو مصاب.
وتشبه قصة أزهار قصص سودانيين آخرين يائسين في الشتات وأولئك خارج العاصمة الذين يكافحون من أجل إجلاء أحبائهم المحاصرين تحت القصف وليس لديهم إلا فرصة ضئيلة للحصول على الطعام أو الماء فيما تدور المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في الخرطوم.
وقالت أزهار وهي تروي بالتفصيل جهود العائلة الحثيثة لمساعدة الجدين المسنين، علوية رشوان وعبد الله شلقامي، المتزوجين منذ 60 عاما “العملية مرهقة”.
وأضافت الطالبة التي تعيش في نيويورك “ماتت جدتي وحيدة وهذا كسر قلبي لأنها كانت تقول لي دائما إنها تخشى من أنها وحيدة”.
وتحول كثير من غضبها وإحباطها إلى السفارة البريطانية وما تعتبره إحجاما منها عن مساعدة جدها المواطن البريطاني لأنه يحمل الجنسية السودانية أيضا.
وذكرت “السفارة البريطانية تقع على بعد أربع خطوات من منزل جدي… وجدي مواطن بريطاني أيضا. وفي كل مرة نتصل بها أو نملئ استمارة، كنا نُسأل عما إذا كان يحمل جنسية أخرى. كيف لا يجعله ذلك يرقى إلى مستوى الأولوية؟”.
وقال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن البلاد قامت بأطول وأكبر عملية إجلاء تقوم بها أي دولة غربية من السودان، وإنها تجلي المواطنين البريطانيين وأفراد أسرهم المستحقين.
وبعد أسبوع من نشوب الصراع، بدأت بريطانيا ودول غربية أخرى إجلاء الدبلوماسيين ومواطنين آخرين. لكن الجدين لم يحالفهما الحظ ويعيشان في منطقة تجارية ليس لهما جيران فيها وهما غير قادرين على شحن هواتفهما بسبب انقطاع التيار الكهربائي، فكانا بمفردهما.
واستولى مقاتلو قوات الدعم السريع على منزلهما. ويقول سكان الخرطوم إنهم فعلوا ذلك بمنازل أخرى في جميع أنحاء المدينة، رغم أن قوات الدعم السريع تنفي ذلك.
وبعد مرور عشرة أيام، خرج جدها مستقلا سيارة لتأمين الاحتياجات الأساسية لكنه أصيب بطلق ناري في اليد والصدر وأسفل الظهر. ونقله جندي من الجيش إلى المستشفى، تاركا زوجته وحدها في المنزل.
ولم تعلم الأسرة أنه أصيب بالرصاص إلا بعد ذلك بأيام، واضطرت إلى الاتصال بما تبقى من المستشفيات العاملة في الخرطوم لمعرفة ما إذا كان لا يزال على قيد الحياة. وكثفت أزهار جهودها مع السفارة.
وقالت “أردنا أن نعرف ما إذا كان بإمكانهم إرسال الطعام أو الماء لهما فقط. حاولنا 30 مرة على الأقل إجلاءهما، لكن دون جدوى”.
وحدث في نهاية المطاف أن أبلغ دبلوماسي تركي أزهار بوفاة جدتها عبر تويتر وطلب رقمها.
وقالت “اعتقدت أنه سيخبرني بأنهم على وشك إجلاء جدتي، لكنني علمت بوفاتها بدلا من ذلك”.
وتحاول الأسرة في هذه الأثناء ترتيب وثائق سفر الجد إلى القاهرة لأن جواز سفره في مكتبه ومن المستحيل الوصول إليه.
وذكرت “ماتت من الجوع، من الحر بدون كهرباء… لا نزال غير قادرين حتى هذه اللحظة على الوصول إلى جثمانها”.
وأضافت “نتوسل إلى قوات الدعم السريع، نتوسل إلى أي شخص أن يدفنها فقط في فناء منزلها الخلفي على الأقل”.