خارطة المعارك بعد شهر من القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع

لا يزال السودان غارقا منذ شهر في دوامة اقتتال داخلي دام بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان (الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب 2021) ونائبه السابق محمد حمدان دقلو -الملقب “حميدتي”- قائد قوات الدعم السريع. أوقعت هذه الحرب ما لا يقل عن 750 قتيلا وآلاف الجرحى إضافة إلى نحو مليون نازح ولاجئ. للوقوف على آخر تطورات الوضع الميداني، رسمت فرانس24 خارطة للمعارك الدائرة في هذا البلد بناء على معلومات استقتها من مصادر محلية ومن خبراء عسكريين، بعدما اتضحت معالم سيطرة قوات الجانبين على عدة مدن أو باتت تتقاسم السيطرة عليها، فيما تتركز المواجهات خصوصا بالعاصمة الخرطوم.

تواصل الأحد القصف الجوي والمدفعي في العاصمة السودانية الخرطوم، رغم اتفاق الطرفين المتحاربين الخميس على “احترام قواعد تتيح توفير المساعدات الإنسانية” بدون التوصل إلى وقف لإطلاق النار، خلال محادثات احتضنتها السعودية.

وبعد شهر على اندلاع القتال بين الجيش الحكومي بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والقوات شبه العسكرية التي يقودها الجنرال محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ترسم لكم فرانس24 خارطة المعارك بما يوضّح مناطق سيطرة قوات الجانبين أو تقاسم السيطرة وعديد القوات والأسلحة المقحمة بالمواجهات.

خارطة المعارك في السودان وفق معطيات استقتها فرانس24 بتاريخ 12 مايو/أيار 2023. © استوديو غرافيك فرانس ميديا موند

ومنذ بدء القتال في 15 أبريل/نيسان 2023، تتركز الاشتباكات في مدن العاصمة الثلاث الواقعة وسط البلاد وهي الخرطوم، ومدينتي بحري وأم درمان الواقعتين قبالتها على الجانب الآخر من فرعي النيل الأبيض والأزرق، بالإضافة لإقليم دارفور غربا.

  • معركة الخرطوم ومدنها الثلاث

تبلغ مساحة السودان 1.879.358 كيلومترا مربعا وفق موقع “دوني مونديال دوت كوم” للإحصائيات العالمية، وتعد أحد أفقر بلدان العالم، يعيش 45 مليون مواطن بالخوف ويعانون من أزمات غذائية تصل إلى حد الجوع.

ولعل أهمية الخرطوم التي تعد محورا لأعنف المعارك وأبرز المواجهات في الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع، إضافة لكونها العاصمة السياسية، تكمن في تواجد المقار الحكومية الرئيسية فيها أبرزها القصر الجمهوري وقيادة الجيش ومطار الخرطوم الدولي.

وبالنسبة للوضع الميداني، فقد أعلنت قوات الدعم السريع الأربعاء عبر منصة تلغرام ومواقع التواصل، عن سيطرتها “التامة على 95 بالمئة من مدن العاصمة الخرطوم”. لكن إسلام عبد الرحمن مراسل إذاعة مونت كارلو في السودان قال إن قوات الدعم السريع تسيطر على “80‎ بالمئة من مساحة الخرطوم”، رقم أكده لفرانس24 اللواء د. سيد غنيم أستاذ أكاديمية ناصر العسكرية العليا والأستاذ الزائر في الناتو وجامعة بروكسل الملكية العسكرية.

من جانبه، أوضح الرشيد المعتصم محمد الباحث بمركز الخرطوم للحوار بأن المعارك في السودان تنحصر الآن في محلية الخرطوم التي تحتضن المقار الحكومية وأهمها القصر الجمهوري والوزارات الاتحادية والقيادة العامة للجيش ومطار الخرطوم، ومحلية أم درمان، إضافة إلى منطقة بحري وبها محليتين محلية مدينة بحري ومحلية شرق النيل، حيث تدور معارك متقطعة ومتحركة في قطر لا يتعدى 15 كلم من مركز مدينة الخرطوم مع المدن الثلاثة”. أضاف نفس المتحدث: “يتواجد الجيش بكثافة حول وداخل الخرطوم. في أول جولة ميدانية له أقحم الجيش السوداني المشاة بمواجهات مباشرة مع القوات المتمردة في 10 مايو/أيار بتركيز على مدينة بحري، فقدت فيها قوات الدعم السريع مساحات وانحصر وجودها على شريط النيل من كبري الحلفايا شمالا وحتى جامعة الخرطوم جنوبا في المزارع الموجودة على شريط النيل، وجنوبا لتشمل جسر شمبات ومنطقة الصبابي وحلة خوجلي حتى الديار القطرية في منطقة لا تتعدى مسافة كيلومتر تقريبا، لكنها تحتفظ بقوة تقدر بـ23 عربة تتحصن بمصفاة الجيلي والمنطقة المحيطة بها. في الخرطوم تحتل هذه القوات كل المستشفيات الموجودة وسط العاصمة وهي حوالي 21 مستشفى إضافة إلى قوات بالقصر الجمهوري معها عدد كبير من الأسرى منذ اليوم الأول للتمرد (حوالي الساعة 9:15 من يوم 15 أبريل/نيسان) وهي محاصرة داخل القصر والمعلومات الواردة تفيد بفقدانهم لأكثر من 100 من قواتهم”.

وتابع الرشيد المعتصم محمد: “يستخدم الجيش سلاح الطيران والمدفعية إضافة إلى قوات برية موجودة في شارع النيل. توجد قوات للدعم السريع بمنطقة الخرطوم 2 والخرطوم 3 والعمارات داخل البيوت التي غادرها رجال الأعمال والمواطنين، في محيط يتواجد فيه الجيش من ناحية الشمال والجنوب وسط الخرطوم. كما تنتشر قوات الدعم السريع على الطريق الدائري من ناحية الشرق في جبرة ولوحظ تجمعهم الخميس بمنطقة الشهيد طه الماحي بأعداد متوسطة. وإلى الجنوب من مدخل منطقة السلمة وحتى حي الراقي. في أم درمان توجد قوة في الإذاعة وتحتفظ بعدد من العاملين بالإذاعة والتلفزيون كأسرى. تتعرض هذه القوات لضغوط كبيرة دفعتها للتحرك في محيط حي الملازمين والاتجاه غربا ناحية سوق ليبيا بوابة أم درمان الغربية. في شرق النيل، تتواجد هذه القوات في حي الهدى ومنطقة حي النصر. أتوقع أن تغير معارك الأربعاء والخميس كثيرا في خارطة المعارك على اعتبار استخدام الجيش للمشاة للمرة الأولى بعد استخدام كثيف لسلاح الطيران”.

  • السيطرة على القصر الجمهوري وإذاعة أم درمان

في نفس السياق، قال محمد منصور محلل عسكري وباحث في المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: “المعارك داخل العاصمة هدفها قطع طرق إمداد قوات الدعم السريع، التي تمر عبر الجنوب من الأبيض باتجاه جنوب الخرطوم، ومن دارفور باتجاه أم درمان، في حين تحاول قوات الدعم السريع الاحتفاظ بتواجدها في الأحياء السكنية والمقرات الحكومية والرئاسية بالعاصمة. تواجه هذه القوات بعض المعضلات المتعلقة بإمداد وحداتها، فرغم تكديسها لكميات كبيرة من الذخائر في عدة مناطق بالعاصمة، إلا أن استمرار النشاط الجوي للجيش السوداني، قلّص بشكل كبير من عمليات الإمداد. لوحظ في هذا الصدد أن عناصر الدعم السريع تتسلح بقاذفات كتفية مضادة للطائرات من نوع FN-6 صينية الصنع، تمكنت إحداها من إسقاط مروحية قتالية تابعة للجيش السوداني. على مستوى القوة البشرية، استعانت قوات الجيش السوداني بقوات الاحتياطي المركزي، وهي قوات شرطية تم الدفع بها باتجاه أسواق وسط العاصمة، ودخلت في اشتباكات مع الدعم السريع، لكن لم تمثل هذه القوات إضافة إلى المجهود العسكري للجيش السوداني، نظرا لمحدودية تسليحها وتدريبها. ما زالت قوات الدعم السريع قادرة على إرسال تعزيزات لوحداتها في العاصمة، انطلاقا من إقليم دارفور ومن مدينة الأبيض، وتحاول قوات الجيش السوداني حاليا قطع خط الإمداد الرئيسي لقوات الدعم السريع المتواجدة في القصر الجمهوري، والذي يمر من أم درمان إلى الخرطوم بحري ثم إلى القسم الجنوبي من العاصمة السودانية”.

وأضاف محمد منصور: “تسيطر وحدات الدعم السريع على القصر الجمهوري وبعض مباني القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية في الجزء الشمالي من القسم الجنوبي للعاصمة الخرطوم، بجانب تواجد متفرق لعناصرها في الأحياء الجنوبية منها. في أم درمان تتواجد قوات الدعم السريع في مبنى الإذاعة والتلفزيون، بجانب تواجدها بالمناطق الجنوبية والوسطى من أم درمان، والمناطق الجنوبية والشرقية من الخرطوم بحري، بجانب تواجد أساسي لها في منطقة مصفاة الجيلي النفطية شمال الخرطوم بحري. في الساعات الأخيرة جرت معارك كبيرة بمنطقة الخرطوم بحري، حيث تحاول قوات الجيش السوداني إخراج عناصر الدعم السريع التي تتمركز في الأحياء الجنوبية لهذه المنطقة، وتحديدا في منطقتي كافوري وشمبات”.

  • “الجيش يواجه مشكلة في نشر قواته البرية بالخرطوم”

رصد إسلام عبد الرحمن مراسل إذاعة مونت كارلو الدولية في السودان “سيطرة كاملة لقوات الدعم السريع على مسرح العمليات في الخرطوم، من خلال انتشار كثيف لهذه القوات البرية في كل مداخل ومخارج العاصمة والمواقع الاستراتيجية وداخل الأحياء والطرق الرئيسية حتى القصر الجمهوري والمطار والإذاعة ومناطق أخرى. نلاحظ بالمقابل فقدان الجيش للسيطرة والانتشار على هذه المواقع ما يدفعه إلى استخدام القصف الجوي والمدفعي، الذي تتفاداه قوات الدعم السريع بفضل مرونة الحركة وسرعتها وعدم البقاء في منطقة بعينها لزمن طويل”.

وأضاف إسلام عبد الرحمن: “هناك إشكالية بالنسبة للجيش متعلقة بانتشار قوات المشاة حيث تعرضت أكثر من قوة للضرب والتشتت قبل أن تصل إلى الخرطوم. كذلك انعدام انتشار المدرعات (الكثير منها متعطل) إضافة لصعوبة حركتها داخل المدن مما يجعلها هدفا سهلا للاصطياد بمضادات الدروع المحمولة على سيارات الدفع الرباعي. عمليا وعلى الأرض ليس هنالك قوة برية (مشاة) من الجيش الآن قادرة على مواجهة انتشار قوات الدعم السريع الكبير في العاصمة. فيما أن الحديث عن عملية تمشيط واستخدام قوات خاصة وغيرها فهو لرفع الروح المعنوية ليس إلا، بدليل استخدام الجيش قوة من الاحتياطي المركزي لمحاولة الدخول لوسط الخرطوم (السوق العربي) تصدت لها قوة من الدعم السريع وأبادتها تماما واستولت على آلياتها ومدرعاتها. الإشارة هنا واضحة فعندما يستخدم الجيش قوات من الشرطة في القتال فهذا يعني أنه يعاني نقصا مريعا بقوة مشاته. حاليا ومنذ يوم أمس بدأ الجيش السوداني حملة كبرى باستخدام سلاح الجو والمدفعية الثقيلة والمتوسطة وفرق المشاة لطرد قوات الدعم السريع من المواقع التي تتمركز فيها غير أن الحملة بدت متعثرة نظرا لضراوة المعارك والتي تواصلت الخميس”.

  • “حرب الجسور” في العاصمة السودانية؟

تتميز الخرطوم بموقعها الاستراتيجي عند نقطة التقاء نهر النيل الأبيض المتدفق من بحيرة فيكتوريا جنوبا بالنيل الأزرق المتدفق من إثيوبيا غربا، والتي تعرف بمسمى المَقرَن أي نقطة التقاء النهرين. وتبلغ مساحة العاصمة السودانية 20.736 كيلومترا مربعا وتتصل مدنها الثلاث فيما بينها بعدد من الجسور التي تربط ضفاف نهر النيل من أربع جهات، والتي لوحظ أن معارك عدة تدور للسيطرة عليها أو على الأقل محيطها، كما يشرح اللواء د. سيد غنيم أبرز التمركزات للقوتين المتحاربتين على أو قرب وفي محيط جسور الخرطوم. وهو يقول في هذا السياق بأن “حوالي 20 بالمئة من أراضي الخرطوم فقط هي تحت سيطرة الجيش السوداني، الذي يتواجد في القيادة العامة للقوات المسلحة وجزء من موقف جاكسون والخرطوم2 والخرطوم3 وهما حيّان صغيران مجاوران للموقف المذكور. أما شارع الستين وعلى امتداده فتقف ارتكازات الدعم السريع حتى الصينية المركزي. بالنسبة إلى جسور الحلفايا والنيل الأبيض والإنقاذ وكوبر من ناحية بحري فهي تحت سيطرة الجيش السوداني، أما جسور شمبات والمنشية فهي تحت سيطرة قوات الدعم السريع. ويسيطر الجيش على شرق جسر المك نمر في بحري وأما عناصر الدعم السريع فيختبئون بمحيط محطة المياه الوابورات تجاه الخرطوم وهم يسيطرون على غرب الجسر. كذلك، يسيطر الجيش مدعوما بالاحتياطي المركزي على منطقة السوق العربي من النيل الأبيض والمقرن حتى شارع المك نمر، عدا القصر الجمهوري ووزارة الداخلية حيث يختبئ فيهما عناصر الدعم السريع تحت الحصار”.

وأضاف الأستاذ الزائر في حلف شمال الأطلسي: “يسيطر الجيش على القيادة العامة والمناطق المحيطة عدا حي المطار وجهاز المخابرات العامة والشرطة العسكرية، أما (الجهة الغربية من القيادة) فهي محاصرة. المنطقة بين شارع المعرض وشارع رويال كير من القيادة حتى بري الشريف يتم تمشيطها من الجيش حتى مستشفى دريم بشارع الستين. شارع النيل بين كوبري (جسر) كوبر وكوبري المنشية هو تحت سيطرة قوات الدعم السريع. امتداد ناصر وجنوبا وشرق الخرطوم وشارع الستين حتى المجاهدين تمر بها دوريات الدعم السريع. الأحياء اعتبارا من الخرطوم3 إلى القيادة العامة هي تحت سيطرة الجيش. أبو سعد من شارع الشهيدة سلمى وصيدلية محمد سعيد حتى الصالحة رُصد فيها دوريات وارتكازات الدعم السريع. صينية المنصورة وحتى ود البشير والسوق الشعبي أم درمان يقع تحت سيطرة الدعم السريع. ومن ود البشير وحتى الإذاعة والدايات يقع تحت سيطرة الدعم السريع. الثورات وكرري حتى نهر النيل تحت سيطرة الجيش. كذلك، يتواجد عناصر من قوات الدعم السريع في بحري من حلة حمد حتى جسر شمبات. بالنسبة إلى سلاح الإشارة ومستشفى الأمل ومبنى المخابرات وحي كوبر وشارع الإنقاذ حتى السكة حديد شمالا وشرقا حتى كافوري فهي تحت سيطرة الجيش. أما شارع الإنقاذ من السكة حديد والصناعات حتى البراحة فتقع تحت سيطرة الدعم السريع. تقع البراحة وشمالا حتى الكدرو تحت سيطرة الجيش. شرق النيل والحاج يوسف وكافوري حتى العيلفون تحت سيطرة الدعم السريع. وهو أكبر انتشار لهم بعد المطار حيث يتواجد أكبر معسكر لقوات الدعم السريع. ويقدر حجم أسطول العربات بمصفاة الجيلي بعدد 400 سيارة حسب شهود عيان. إضافة لتمركزهم في حي النصر والدائري مرورا بـ”عيد بابكر” حتى الجيلي. وتقوم دوريات قوات الدعم السريع بتمشيط هذه المنطقة. وحسب شهود العيان، في حي كافوري تدور معارك ضارية للسيطرة عليه”.

  • من بورتسودان إلى دارفور… ما هي مناطق سيطرة الجانبين؟

تعكس الخارطة العسكرية الحالية للسودان الأهداف الاستراتيجية لكل طرف من هذه الحرب، وأهمية كل ولاية وأيضا أهمية كل مدينة داخل تلك الولايات وموقعها. فمثلا  تكمن أهمية دارفور في كونها قاعدة خلفية لإمداد قوات الدعم السريع، في المقابل تعتبر مدينة بورتسودان غربا والمطلة على البحر الأحمر بمثابة الرئة والمتنفس الأساسي لنظام الخرطوم، وهي أيضا مطمع لأكثر من قوة كبرى تسعى للسيطرة على المنطقة الممتدة من مضيق باب المندب مرورا بالبحر الأحمر ووصولا إلى البحر الأبيض المتوسط. يسمح ميناء بورتسودان إضافة لدوره الاقتصادي الحيوي، بإمداد الجيش السوداني بالعتاد والعديد إن اقتضى الأمر، كما هو الحال بالنسبة إلى مطار الخرطوم الذي يعد هدفا أساسيا للجانبين وكان مسرحا لأولى المعارك بينهما، خصوصا لأهميته في بناء جسر جوي لإمداد القوات المتحاربة بالعديد والعتاد أيضا.

كذلك، تسمح ولايات ومدن غرب السودان التي تخضع كثير منها لسيطرة قوات الدعم السريع، لهذه الوحدات شبه العسكرية بالتزود بالعديد والعتاد من إقليم دارفور، وأيضا حسب مراقبين حاورتهم فرانس24 في مقال سابق، بالإبقاء على صلة مع تشاد المجاورة والتي تؤوي مناطقها الحدودية عشائر عربية قريبة من الجنرال دقلو.

أما شرقا، فيسعى السودان لإبقاء الطريق نحو المناطق الحدودية مع إثيوبيا سالكا لإمداد قواته المرابطة هناك بالعديد والعتاد، تحسبا لأي هجوم من “قوات إثيوبية” على منطقة الفشقة الزراعية الخصبة المتنازع عليها، كما جاء على لسان مصادر محلية وخبراء حاورتهم فرانس24 في مقال سابق. وكان الجيش السوداني نشر فيديو أعلن فيه سيطرته على منطقة الفشقة بعد معارك مع قوات الدعم السريع.

 

بلغة الأرقام، يضم السودان 18 ولاية يسيطر الجيش حسب مصادرنا على أغلبها فيما عدا ولاية دارفور الإقليم الواقع بغرب البلاد على الحدود مع تشاد، والذي تم فيه تسليح مدنيين للمشاركة في الاشتباكات بين الجنود وقوات الدعم السريع ومقاتلين قبليين ومتمردين، وفقا للأمم المتحدة، حسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية. وشهد إقليم دارفور حربا دامية في 2003 بين نظام البشير ومتمردين ينتمون إلى أقليات عرقية أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 191 قتيلا واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف.

ولعل أهمية هذا الإقليم إضافة إلى مساحته الممتدة على مليون كيلومتر مربع غنية بخام البترول واليورانيوم والغاز ومناجم كبيرة لاستخراج الذهب، هي المخاوف من أن يتسبب الصراع الحالي في إيقاظ النزاع السابق، في ظل مقتل العشرات باشتباكات شهدتها دارفور. جدير بالذكر أن الجيش خلال قتاله المتمردين كان مدعوما من ميليشيا الجنجويد التي انبثقت منها قوات الدعم السريع.

وعن الوضع الميداني في دارفور، أعلنت قوات الدعم السريع في بيان الأحد نشرته على منصاتها، بأن الجيش السوداني هاجم “بالمدافع الثقيلة والدبابات عددا من الأحياء السكنية في مدينة الجنينة بولاية غرب دارفور مما تسبب في مقتل 20 شخصا وإصابة العشرات”. وكانت أعلنت في بيان سابق السبت عن “تجدد النزاع القبلي بولاية غرب دارفور” مشيرة إلى سقوط ضحايا وعدد من الجرحى.

في السياق، قال اللواء د. سيد غنيم إن ولايات دارفور الخمس كما الخرطوم تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، موضحا: “كل عواصم الولايات السودانية عدا ولايات دارفور الخمس والخرطوم، تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، الذي يسيطر على معظم المدن شمالا وشرقا والجانب الجنوبي الشرقي. يتقاسم الجيش السيطرة مع قوات الدعم السريع في الخرطوم، أم درمان، الأبيض، والفاشر. كما يسيطر الجيش بشكل كامل على المدن شمالا بورتسودان، عطبرة، مروي، دنقلة، وشرقا على كسلا، ود مدني، القضارف، سنار، وجنوبا على دمازين، كادقلي، وغربا على زالنجي. ورغم عدم اليقين بشأن الوضع في ولايات دارفور الخمس سوى وقف القتال الذي تم بموجب اتفاقات قبلية، يبدو أن قوات الدعم السريع تسيطر على معظم مدن وسط غرب وجنوب غرب السودان وهي كبكابية، الجنينة، فورو بارانجا، نيالا، أم دافوق، الداين”.

من جانبه، قال المحلل العسكري محمد منصور: “بشكل عام، يسيطر الجيش السوداني على معظم المدن شمالا وشرقا والجانب الجنوبي الشرقي، مع وجود جيوب مهمة لقوات الدعم السريع في الأُبيض والدمازين وتواجد مهم لها في إقليم دارفور، خاصة في عواصم ولايات الأقاليم الفاشر، الجنينة، ونيالا، حيث شهدت مدينة الجنينة خلال الفترة الأخيرة اشتباكات ذات طابع عرقي”.

كذلك، أوضح مراسل إذاعة مونت كارلو في السودان بأن “أغلب ولايات السودان هي تحت سيطرة الجيش” وقدّر “عدد قوات الدعم السريع بنحو 100 ألف فرد لهم قواعد وينتشرون في أنحاء السودان، أما العتاد فهو يتوزع على عشرة آلاف سيارة رباعية الدفع مزودة برشاشات ومضادات طيران. وعدد غير معلوم من المدافع. مع امتلاكهم لعدد من الدبابات استخدمت في معارك دارفور”.

Share this post