قوات الدعم السريع تقتحم المنازل وتستخدمها مقرات عسكرية

الخرطوم (أ ف ب) – مع بداية المعارك في السودان، لزم محمد منزله للاحتماء فيه مع أسرته في منطقة بحري شمال الخرطوم، الى أن فوجىء بأفراد من قوات الدعم السريع يقفون على عتبة بيته قبل أن يخرجوه منه.

وتعد منطقة بحري من البؤر التي تشهد اشتباكات مكثفة منذ أن اندلع النزاع في 15 نيسان/أبريل بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.

في اليوم الرابع من الاشتباكات وبينما كان محمد (45 عاما) (اسم مستعار) وأسرته في المنزل وسط أزيز الرصاص ودوي الانفجارات التي تصمّ الآذان، “توقفت أربع سيارات تقل أفرادا من الدعم السريع أمام البناية التي نسكن بها”، وفق ما يروي لوكالة فرانس برس.

ويتابع “أخذوا يطرقون الأبواب ويطلبون منا المغادرة.. فخرجنا إلى شمال بحري”.

وقرّر محمد أن يعود إلى بيته بعد ثلاثة أيام من المغادرة. ويضيف “وجدت البناية وقد تحوّلت إلى ثكنة عسكرية ورأيت أسلحة وذخائر”.

ويتابع “تم التحقيق معي حتى يسمحوا لي بالدخول إلى شقتي”.

ودفعت المعارك التي تستخدم فيها أسلحة ثقيلة وطائرات، الملايين إلى ملازمة منازلهم، وسط انقطاع الكهرباء مع صعوبة الحصول على الموارد من ماء وغذاء ودواء ومال.

من منزل إلى ثكنة عسكرية

خلال الأسابيع الماضية قال شهود في الخرطوم إن مقاتلي قوات الدعم السريع يتمركزون في شوارع سكنية، ويختبئ الجنود داخل شاحنات مموهة تحت الأشجار.

كذلك شوهد مقاتلون يتجولون في الشوارع بزيهم العسكري مستقلين شاحنات صغيرة ويحملون الرشاشات الثقيلة، وأبلغ العديد من سكان العاصمة – البالغ عددهم خمسة ملايين نسمة تقريبا – عن تعرض منازلهم لاعتداءات.

كان السوداني بابكر (اسم مستعار) البالغ من العمر 44 عاما، من بين كثيرين اضطروا إلى مغادرة منازلهم في وسط الخرطوم وسط تبادل النيران المستمر، إلا أنه عاد بعد أسبوعين ليجد بيته مشغولا.

ويقول لفرانس برس “ذهبنا إلى أهلنا في جنوب الخرطوم وبعد أسبوعين عُدت لتفقد المنزل فوجدت أكثر من 20 عنصرا من الدعم السريع يقيمون فيه”.

ويضيف “يستخدمون كل أدوات المنزل ويطهون طعامهم في مطبخنا.. وجدت جميع الغرف التي أغلقناها قبل أن نغادر، مفتوحة”.

ولا يتوقف الأمر عند اقتحام المنازل، إذ أفادت لجان المقاومة، وهي مجموعات غير رسمية ظهرت خلال الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بالرئيس عمر البشير من الحكم في عام 2019، بأن قوات الدعم السريع سيطرت على العديد من المستشفيات والمرافق الطبية وحولتها إلى “ثكنات”.

ودانت منظمة الصحة العالمية الاحتلال العسكري للمستشفيات ووصفته بأنه “انتهاك صارخ”.

وكتبت مستخدمة سودانية على حسابها على “تويتر” الأسبوع الماضي “استولت قوات الدعم السريع على منزل عائلتي في الخرطوم حيث وثائقنا ومقتنياتنا الثمينة وجميع ذكرياتنا أنا وأبناء عمومتي”.

وأسفرت المعارك منذ نشوبها عن سقوط أكثر من 750 قتيلاً وخمسة آلاف جريح، بحسب منظمات غير حكومية والسلطات، في ظل فشل هدنة وراء أخرى أعلنها الطرفان المتناحران على السلطة. ويلقي كل طرف باللوم على الآخر في خرق وقف إطلاق النار.

وأفادت الأمم المتحدة أن حوالى 900 ألف شخص نزحوا إلى مناطق بمنأى عن المعارك، بينهم 177 ألفا لجأوا إلى دول الجوار، فيما تخطى عدد النازحين داخليا 700 ألف شخص، ما يزيد عن ضعف العدد الذي أُحصي قبل أسبوع.

“سلاح في الشرفة”

حتى البعثات الدبلوماسية لم تسلم من الاعتداءات.

في الثالث من أيار/مايو، أعلنت السعودية التي تنظم عمليات لإجلاء مدنيين وتقود جهوداً لوقف المعارك، أنّ مجموعة مسلّحة اقتحمت وخرّبت ملحقيتها الثقافية في السودان.

ودانت السعودية الاقتحام ودعت إلى احتواء التصعيد ووضع حد للعنف.

في 17 نيسان/أبريل، تعرّض سفير الاتّحاد الأوروبي في السودان لاعتداء في منزله في الخرطوم، بحسب بيان للاتحاد الأوروبي لم يوضح الجهة التي نفذت الهجوم.

وبدأت حكومات دول عدة منذ الأيام الأولى للنزاع بإجلاء الآلاف من رعاياها برا وبحرا وجوا.

وحتى الآن، تتعثر جهود الوساطة الدبلوماسية لوقف القتال، ولم تحرز محادثات تجري بمدينة جدة السعودية بين ممثلين عن الطرفين، بوساطة سعودية-أميركية، أي تقدم بعد.

وتقول الشابة السودانية تهاني (اسم مستعار) البالغة من العمر 33 عاما، أنها تخلّت عن آمالها في وقف القتال وقرّرت الانضمام إلى عشرات الآلاف من السودانيين الذين شرعوا في رحلة طويلة شاقة إلى مصر للفرار من جحيم المعارك.

وتوضح أنها غادرت مع أسرتها إلى منزل أقاربها عندما اشتد القتال، وعندما قررت السفر إلى خارج البلاد عادت مع والدتها إلى المنزل لجمع بعض الأغراض، إلا أن “ضباطا من الدعم السريع كانوا يفترشون الأرض أمام منزلنا ودخلنا المنزل برفقة عنصر منهم”.

وتضيف مذعورة “وجدنا سلاحا على شرفة منزلنا في الطابق الثاني”.

وتتابع “بحثنا عن جوازات سفرنا وأخذناها وخرجنا مسرعين. نحن الآن في طريقنا إلي مصر ولا نعرف مصير منزلنا”.

Share this post