الخرطوم ـ «القدس العربي»: يواجه المتطوعون العاملون في غرفة الطوارئ المكونة من قبل لجان المقاومة السودانية، تحديات حقيقية ومخاطر مميتة في القيام بأدوارهم المتعلقة بالمساعدة ومد يد العون مع اشتداد القتال بين الجيش و«الدعم السريع».
ولقي أحد المتطوعين في غرفة طوارئ كرري في مدينة أمدرمان، إبراهيم بابكر «جيفا» مصرعه، متأثرا بإصابته بشظية مقذوف مضاد للطيران أمام مستشفى النو أثناء تقديمه ليد العون، في حين، أطلقت لاعبة المنتخب السوداني لكرة القدم النسائية، أزهار شلقامي، نداء لمساعدة أسرتها في إخراج ودفن جدتها المتوفية منذ (9) أيام في المنطقة القريبة شارع البلدية وسط العاصمة الخرطوم.
وقالت إن القناصة موجودون في المباني المجاورة لها، ودعت كل من له معرفة مع شخص في الجيش أو «الدعم السريع» في المنطقة لمساعدتها في مواراة جثمان جدتها حتى ولو في فناء المنزل.
يشار أن الحياة شلت تماما في منطقة وسط الخرطوم وسط معاناة حقيقية ومخاوف متزايدة بسبب عصابات النهب المسلحة وتفلتات قوات «الدعم السريع».
وفي السياق، تواصل القتال في أحياء شمال بحري الكدرو، وجنوب الخرطوم، بالإضافة إلى المنطقة المحيطة بالقصر الجمهوري ومنطقة السوق العربي، كما قام سلاح الجو التابع للجيش بطلعات جوية استهدفت ارتكازات وأرتالاً عسكرية للطرف الآخر. وكانت قد أصدرت لجان مقاومة أحياء بحري تنبيها لجميع السكان في مناطق شمال بحري «الدروشاب، الحلفايا السلمة، الكدرو، الأزيرقاب» بأخذ الحيطة والحذر والبقاء في المنازل وعدم الخروج لأي سبب من الأسباب مع إغلاق الأبواب والشبابيك والابتعاد عنها، وتجنب المساحات المفتوحة والابتعاد قدر الإمكان عن أسطح المنازل، والحذر جراء الاشتباكات الجارية في محيط تلك الأحياء.
وشددت، في بيان لها، على «ضرورة الالتزام بتوجيهات السلامة» موضحة أن «الحرب ليست محتوى للتصوير أو المخاطرة بالحياة».
ويلاحظ أن قوات «الدعم السريع» أعادت انتشارها في مواقع جديدة داخل الخرطوم مع تقليل أعداد ارتكازاتها خارج المدينة، خاصة في منطقة الباقير، فقد قامت أمس باقتحام رئاسة ديوان الزكاة في حي جبرة جنوبي الخرطوم ونشرت الجنود والمركبات المسلحة حول المكان، وعلى طول الطريق شرقا حتى المدينة الرياضية، ويأتي ذلك وسط تحركات القوات البرية للجيش ومحاولة تمشيط للعاصمة.
ويتخوف المواطنون من أن يتسبب ازدياد انتشار «الدعم السريع» وسط الأحياء والتحركات العسكرية من الجيش في انتقال المعارك داخل الأحياء بصورة أعنف، مما يزيد عدد الضحايا المدنيين وتدمير منازلهم.
وفي السياق، نشر ناشطون سودانيون صورا توثق لحجم الدمار الذي طال القصر الرئاسي ومطار الخرطوم بسبب القتال، وكذلك عملية التخريب والحريق المهولة التي استهدفت الميناء البري جنوبي الخرطوم.
وأعلن الجيش السوداني حظر استخدام الدراجات البخارية مؤقتا لحين الانتهاء من العمليات العسكرية في العاصمة الخرطوم التي تحول عدد من أحيائها إلى ثكنات حربية ممتدة وتتسع فيها مشاهد التسليح وانتشار الجنود واحتدم القتال، لدرجة أدت إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية وإعاقة حركة الفارين بعد إغلاق جسور رئيسية.
وقال في بيان: «يلاحظ لجوء الميليشيا المتمردة لاستخدام الدراجات البخارية بطريقة مكثفة في تحركاتهم وعلى متنها متمردون يرتدون أزياء مدنية مما يجعلها أهدافا مشروعة للتعامل معها بواسطة قواتنا، نلفت انتباه مواطنينا لعدم استخدام الدراجات البخارية مؤقتا لحين انتهاء العمليات حفاظا على أرواحهم».
وكان قد شكا بعض المواطنين من استيلاء عناصر «الدعم السريع» على دراجاتهم النارية واستخدامها في عمليات القتال الدائرة في الخرطوم.
وقال المواطن أحمد سعيد لـ «القدس العربي» إن «جنودا من الدعم السريع المنتشرة في منطقة السجانة، أوقفوه تحت تهديد السلاح وطالبوه بالنزول عن دراجته وتركها، لكنه رفض وتعرض للضرب والتهديد بالقتل، قبل أن يتدخل أحد قادتهم ويطلب منه مغادرة المكان مع ترك الدراجة التي استخدمت لاحقا في عمليات التمشيط والقتال». وتسبب القتال المحتدم خلال اليومين الماضيين، في توقف حركة السفر من مدينة الخرطوم إلى الولايات الشمالية ومصر، خاصة بعد إغلاق غالبية الجسور والكباري من طرفي النزاع المسلح.
وبين أويس صلاح، محام ينوي المغادر إلى مصر: «ذهبنا صباح أمس إلى موقف سفريات أبو آدم، والتقينا بأصحاب الباصات الذين أفادونا بوقف الرحلات السفرية إلى الولايات الشمالية وأسوان المصرية بسبب قفل الكباري والمعارك التي تدور بالقرب من جسر الحلفايا وقالوا إن الباصات الآتية من شمال السودان لم تستطع دخول مدينة الخرطوم».
وأوضح أن «هناك بعض الرحلات اتجهت نحو الولاية الشمالية ومصر عن طريق مدينة عطبرة، وهي رحلة طويلة وتذاكرها مرتفعة القيمة».
ولفت أن «تذكرة سفرة من الخرطوم إلى مدينة أسوان المصرية فيالطريق البري بلغت (150 الى 160) ألف جنيه، أي ما يعادل نحو (300) دولار، وهي كما يقول تعرفة مرتفعة مقارنة بقيمتها قبل الحرب التي كانت لا تتجاوز (30) ألف جنيه التي تساوي (50) دولارا».