700 ألف نازح داخل السودان… وتظاهرات رافضة للحرب اليوم

الخرطوم ـ كشفت المنظمة الدولية للهجرة عن نزوح أكثر من 700 ألف سوداني داخل البلاد، هرباً من القتال المحتدم بين الجيش وقوات الدعم السريع، وحذرت من تفاقم الوضع الإنساني المتردي. وفيما تتزايد عمليات النهب والسلب التي تستهدف الأسواق والبنوك والمحلات التجارية، تعتزم لجان المقاومة تنظيم تظاهرات رافضة للحرب، اليوم الأربعاء.
وقال المتحدث باسم منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بول ديلون «هناك الآن أكثر من 700 ألف شخص نزحوا داخليا من القتال الذي بدأ في 15 نيسان/إبريل» مؤكدا «الثلاثاء الماضي، وصل العدد إلى 340 ألف نازح».
وحسب ديلون، حتى قبل بدء القتال، كان نحو 3,7 مليون شخص مسجلين كنازحين داخليا في السودان.
وزاد: «يصعب جدا الآن (عليهم) الحصول على المال. أجهزة الصراف الآلي معطلة والنظام المصرفي متوقف عن العمل. يصعب الحصول على الوقود أيضا وتكلفته باهظة».
في السياق، كشفت منظمة الصحة العالمية، عن مقتل 604 أشخاص على الأقل منذ بداية الاشتباكات.
وقال متحدث المنظمة الأممية، طارق ياساريفيتش، في مؤتمر صحافي، إن «604 أشخاص لقوا حتفهم، وأصيب 5127 آخرون منذ بدء الاشتباكات في السودان».
يشار إلى أن أغلب النازحين فروا من العاصمة الخرطوم بعد اشتداد الحرب بين طرفي النزاع، وتردي الخدمات العامة، خاصة في ظل انقطاع متواصل للكهرباء والمياه بعدد من الأحياء، إضافة إلى يأس الكثيرين من حسم المعركة في القريب العاجل.

نداءات إنسانية عاجلة

وأطلقت المنسقية العامة لمعسكرات النازحين واللاجئين في السودان، نداءات إنسانية عاجلة للمجتمع الإقليمي والدولي والأمم المتحدة لما وصفته بالوضع الكارثي في معسكرات النازحين في دارفور ولاسيما النازحين في مراكز الإيواء في مدينة الجنينة التي تم حرقها ونهبها بالكامل وعددها (105) بالإضافة لمعسكري أبوذر وجامعة زالجني.
وأشار بيان المنسقية إلى أن المعسكرات في دارفور تحتاج إلى خدمات ضرورة متمثلة في مياه الشرب والمأكل والأدوية المنقذة للحياة والمأوى. ودعا البيان الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها وعدم تجاهل النازحين بدارفور وكل المناطق في السودان. وطالب طرفي النزاع المتحاربين بتحكيم صوت العقل ووقف التعبئة والحرب فوراً وفتح ممرات آمنة لأغراض إنسانية.
وفي سياق دعوات رفض الحرب، أعلنت لجان مقاومة مدني في ولاية الجزيرة وسط السودان، الخروج اليوم الأربعاء في تظاهرات تندد بالحرب العبثية، وقتل المدنيين، وعسكرة وانهيار الدولة.
وقالت اللجان إنه «منذ اندلاع الحرب العبثية في 15 أبريل/نيسان زهقت أوراح المدنيين وشرد المواطنون العزل من منازلهم هرباً من الرصاص والقصف العشوائي من فوهات المدافع والطائرات العسكرية» مشيرة إلى أن «هذه الحرب لا طائل منها سوى الخرب وحرمان الشعب من حق الحياة».

عمليات نهب تطال الأسواق والبنوك والمحلات التجارية

في حين ثمنت هيئة محامي دارفور مبادرة لجان المقاومة والمكتب الميداني المشترك لقوى الثورة في مدني، في الدعوة للخروج في الموكب الرافض للحرب، مشيرة إلى أن «الأجواء صارت مواتية للخروج في مسيرات الثورة بكل أنحاء البلاد لوقف الحرب ومنع استمرار العملية العسكرية واستغلال نتائجها في تكريس أوضاع شمولية تعصف بالمسار الديمقراطي».
وأوضحت أنها «ترفض أي مفاوضات تتجه نحو إصباغ أي مشروعية لطرفي الحرب تتجاوز وقف العمليات العسكرية وعودهما إلى الثكنات والمقار العسكرية، أو تقنين الإفلات من مرتكبي الجرائم الجسيمة من المساءلة».
وأسست في السودان جبهة لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية وتضم أحزابا سياسية وأجساما مهنية وحقوقية وحركات مسلحة، وحذرت الجبهة في بيان أمس لها من استغلال فلول النظام البائد للقوات المسلحة ومنصاتها المختلفة لتصفية حسابتها مع القوى السياسية والمجتمع المدني الحي.
وقالت: «تواصل عناصر النظام البائد محاولتها لتصفية قوى الثورة بعد إشعالها للحرب عبر حملةٍ منظمةٍ بدأت في استهداف القوى السياسية والمدنية والأطباء والصحافيين وقادة الرأي العام ولجان المقاومة».
ورأت أن «حادثة استهداف لجان المقاومة ومحاولة تخوينهم واتهامهم بالانحياز لأحد طرفي الصراع، هو النهج ذاته الذي سعى لتخوين الأطباء والتشكيك في مهنيتهم واتهامهم بالاتهام ذاته، ومن قبلهم تمت مهاجمة القوى السياسية والمدنية التي أعلنت موقفها الرافض للحرب، والذي يُحمِّل طرفي الصراع المسؤولية الكاملة عما حدث».
وهذا» يوضح أكثر فأكثر هدفاً مهماً من أهداف هذه الحرب، وهو تصفية قوى الثورة تماماً، والانقضاض عليها، سيما وأن خطاب الكراهية والدعاية الإعلامية لعناصر النظام المعزول قد فضحت مخططاتهم بصورةٍ لا لبس فيها».
وأكدت على «وجوب أن تكون القوات المسلحة مؤسسةً قومية، يجب ألا تُستغل أو تنحاز لإي جماعةٍ سياسية أو أيديولوجية، خاصةً إذا كانت تلك الجماعة تقف ضد عملية التحول المدني الديمقراطي، وتسعى لإعادة النظام الشمولي المعزول».
وشددت أنها «تُجدد مع كل القوى المدنية والسياسية والمجتمعية الساعية إلى تحقيق الانتقال الديمقراطي، والتحول المدني، وتحقيق أهداف وتطلعات ثورة ديسمبر المجيدة، الدعوة للالتفاف والعمل المستمر والمشترك لوقف الحرب وتنسيق المواقف والجهود والاستمرار في محاصرة خطاب الحرب والكراهية».
ومع اشتداد القتال في العاصمة الخرطوم، تفاقمت الأوضاع الإنسانية والمعيشية كما تزايدت عمليات النهب والسلب التي استهدفت الأسواق والبنوك والمحلات التجارية وسط مخاوف من المواطنين من أن تنقل العصابات المسلحة وتنفذ عمليات نهب منظمة داخل الأحياء التي هجرها السكان بعد أن تحولت إلى ميدان للحرب.

أعمال تخريب

وهناك عدد من الأسواق الرئيسية في الخرطوم تعرضت للسرقة والحرق خاصة في مدينتي بحري وأمدرمان، كما طالت أعمال التخريب والنهب أهم المناطق الصناعية في الخرطوم والخرطوم بحري، بالإضافة إلى مخازن المواد الغذائية، مما زاد من مخاوف حدوث ندرة في السلع خاصة بعد أن لجأ بعض التجار في الأسواق الأخرى إلى نقل بضائعهم إلى ولايات مجاورة أكثر أمناً.
وفي الأثناء، طمأن اتحاد المصارف السوداني، جميع عملاء البنوك في البلاد، بأن أرصدتهم ومدخراتهم ومعلوماتهم المالية محفوظة بأكملها ولن يتأثروا بعمليات السرقة والتخريب التي طالت البنوك. وقال إن رئاسات المصارف تسعى لاستعادة الخدمات المصرفية للمواطنين في كافة الولايات وفي ولاية الخرطوم حال توفر الظروف المواتية. وأعرب عن عميق أسفه وإدانته لتعرض بعض فروع المصارف بولاية الخرطوم للسطو والتخريب دون مراعاة لدورها في خدمة الجمهور وحفظ ودائع العملاء.

الآثار الاقتصادية

وعن الأثار الاقتصادية الناجمة عن الاقتتال في السودان، قال الخبير الاقتصادي، محمد الناير لـ “القدس العربي»: إن «الحرب ستكون لها آثار كبيرة على الأوضاع الاقتصادية والخسائر المتوقعة لا يمكن حصرها بدقة ما لم تنته الأزمة، ولكنها ستقدر بمليارات الدولارات وليس ذلك بسبب الحرب فقط، وإنما بسبب التدمير الممنهج الذي يحدث الآن من خلال النهب والسلب».
ووفقا لـه «هناك (16) ولاية مستقرة لم تحدث فيها اشتباكات واستطاع الجيش أن يسيطر فيها بصورة كاملة، بينما تنحصر الاشتباكات في ولايتي غرب وجنوب دارفور بالإضافة إلى الخرطوم التي يقع فيها التأثير الأكبر».
ورأى أن «حكومات الولايات يمكن أن تعيد الأمور إلى وضعها الطبيعي وتقوم بصرف الرواتب وتعمل على إنجاح الموسم الزراعي، خاصة بعد فتح البنوك والمصارف هناك، بينما سيتطلب صرف المرتبات في الخرطوم مزيدا من الوقت». وبين أن عودة الاقتصاد السوداني للتعافي بعد الحرب بصورة سريعة يتطلب رصد الدولة لدعومات كافية للقطاع الخاص، وذلك لإحداث التوازن لما تبقى في موازنة عام 2023.

القدس العربي

Share this post