دول أجنبية تبدأ إجلاء رعاياها من السودان مع احتدام القتال

الخرطوم (رويترز) – بدأ بعض الرعايا الأجانب في مغادرة السودان يوم السبت بعد أسبوع من بدء صراع أدى إلى مقتل مئات المدنيين، حتى في الوقت الذي وجه فيه الجيش ضربات جوية لقوات الدعم السريع شبه العسكرية خلال معارك بوسط الخرطوم.

وأدى القتال في المناطق الحضرية إلى محاصرة أعداد كبيرة في العاصمة. وجرى استهداف المطار بشكل متكرر ولم يتمكن العديد من السكان من مغادرة منازلهم أو الخروج من المدينة إلى مناطق أكثر أمانا.

وحثت الأمم المتحدة ودول أجنبية قائدي طرفي الصراع على احترام وقف إطلاق النار المعلن الذي تم تجاهله في كثير من الأحيان، وفتح ممرات آمنة للسماح للمدنيين بالفرار وإدخال مساعدات تشتد الحاجة إليها.

ولم يتمكن آلاف الأجانب، من بينهم موظفو سفارات وعمال إغاثة وطلاب، من الخروج من الخرطوم ومناطق أخرى في السودان، ثالث أكبر دولة في أفريقيا، بسبب إغلاق المطار والمجال الجوي غير الآمن.

وقال الجيش في وقت سابق يوم السبت إنه سيوفر ممرات آمنة لإجلاء رعايا الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين، بينما تقوم السعودية والأردن بالفعل بإجلاء المواطنين عبر بورسودان على البحر الأحمر. وأشار الجيش إلى وجود صعوبات في مطار الخرطوم ومطار نيالا أكبر مدن دارفور.

وبحلول مساء السبت، قالت السعودية إنها أجلت 157 سعوديا وأشخاصا من جنسيات أخرى، وبثت لقطات لأشخاص على متن سفينة بحرية. وقالت الكويت إن بعض مواطنيها وصلوا إلى جدة بينما أعلن الأردن البدء في إجلاء 300 مواطن.

وقال دبلوماسي أجنبي طلب عدم نشر اسمه إن بعض الدبلوماسيين في الخرطوم يأملون في إجلائهم جوا من بورسودان خلال اليومين المقبلين. وحذرت السفارة الأمريكية مواطنيها من “معلومات غير وافية” عن قوافل تغادر الخرطوم مضيفة أن السفر سيكون على مسؤولية الأفراد.

ولم يلتزم الجيش بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، حتى الآن بوقف لإطلاق النار يجري الاتفاق عليه يوميا تقريبا منذ اندلاع القتال في 15 أبريل نيسان.

وانتهك القتال يوم السبت ما كان يفترض أن يكون هدنة لثلاثة أيام بدأت يوم الجمعة للسماح للمواطنين بالوصول إلى مناطق آمنة وزيارة عائلاتهم خلال عطلة عيد الفطر. ويتهم كل طرف الآخر بخرق الهدنة.

* قصف

من شأن أي هدوء في القتال يوم السبت أن يسرع وتيرة نزوح سكان الخرطوم اليائسين إلى خارج العاصمة بعدما قضوا أياما في منازلهم أو أحيائهم تحت تهديد القصف وتحركات المقاتلين في الشوارع.

وقال سكان في الخرطوم ومدينتي أم درمان وبحري إن القتال اشتد صباح يوم السبت إذ وقعت ضربات جوية بالقرب من هيئة الإذاعة والتلفزيون الحكومية ومعارك بالأسلحة النارية في عدة مناطق منها مواقع قريبة من مقر الجيش.

وقال أحد السكان في حي كافوري بمدينة بحري إن إمدادات المياه والكهرباء مقطوعة منذ أسبوع، وأفاد بوقوع ضربات جوية متكررة مع استمرار المواجهات بين طرفي الصراع.

وأظهر بث تلفزيوني مباشر لعدة قنوات تصاعد سحابة كبيرة من الدخان الأسود من مطار الخرطوم ودوي إطلاق نار ومدفعية.

وقالت مواطنة تقيم في الخرطوم في إشارة للطائرات المقاتلة التي توجه ضربات لمواقع قوات الدعم السريع “الطيارات الكريهة رجعت. تاني ما دايرة (لا أريد) أسمع صوت طيارة”.

وقالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة لفتح جميع مطارات السودان أمام حركة الملاحة جزئيا للسماح بعمليات الإجلاء. لكن الوضع في مطارات السودان ما زال غير واضح. وقال مطار الخرطوم على تويتر إن المجال الجوي السوداني سيظل مغلقا أمام حركة الملاحة.

ودعت منظمة أطباء بلا حدود إلى فتح ممرات آمنة لتزويد المستشفيات بالإمدادات الطبية والسماح للأطقم الطبية بالعمل بحرية.

وقال عبد الله حسين مدير عمليات السودان بالمنظمة “نحتاج إلى مساحة حيث يمكننا إمداد مواقع مختلفة… نحتاج إلى موانئ لدخول البلاد حتى يمكننا إحضار أطقم متخصصة في التعامل مع الصدمات وإدخال إمدادات طبية”.

وقالت نقابة أطباء السودان يوم السبت إن ما يربو على ثلثي المستشفيات في مناطق الاشتباكات توقفت عن الخدمة، مضيفة أن 32 مستشفى إما أنها تقع في مرمى النيران أو قام جنود بإخلائها قسرا.

ووردت تقارير عن وقوع أسوأ أعمال عنف خارج العاصمة في دارفور، وهي منطقة صحراوية في غرب البلاد على الحدود مع تشاد. وشهدت دارفور منذ عام 2003 صراعا أسفر عن مقتل ما يصل إلى 300 ألف وتشريد 2.7 مليون.

وجاء في إفادة للأمم المتحدة عن الأوضاع الإنسانية يوم السبت أن لصوصا استولوا على ما لا يقل عن عشر مركبات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي وست شاحنات طعام أخرى بعد اقتحام مكاتب ومخازن تابعة للمنظمة في نيالا بجنوب دارفور

* انزلاق مفاجئ

قوض انزلاق السودان المفاجئ إلى الحرب خططا لاستعادة الحكم المدني، ودفع البلد الذي يعاني من الفقر بالفعل إلى شفا كارثة إنسانية وهدد باندلاع حرب أشمل قد تجتذب قوى خارجية.

ولا توجد أي مؤشرات حتى الآن على أن أيا من الطرفين يستطيع تحقيق نصر سريع أو أنه مستعد للتراجع وإجراء حوار.

ويملك الجيش قوات جوية لكن تنتشر قوات الدعم السريع بشكل كبير في المناطق الحضرية.

ومع ذلك قال البرهان يوم السبت “يجب أن نجلس جميعا كسودانيين ونجد المخرج الملائم حتى نعيد الأمل ونعيد الحياة”. وهذه أكثر تعليقاته تصالحية منذ اندلاع القتال.

ويشغل البرهان وحميدتي أعلى منصبين في مجلس السيادة الحاكم الذي كان يشرف على عملية الانتقال السياسي بعد انقلاب 2021، وهي العملية التي كان من المفترض أن تشمل الانتقال إلى الحكم المدني ودمج قوات الدعم السريع في الجيش.

وذكرت منظمة الصحة العالمية يوم الجمعة إن 413 شخصا قُتلوا وأصيب 3551 آخرون منذ اندلاع القتال. وتشمل حصيلة القتلى خمسة على الأقل من عمال الإغاثة في بلد يعتمد على المساعدات الغذائية.

Share this post