تواصل المعارك الشرسة لليوم الثاني ومناشدات دولية لوقف القتال

الخرطوم – اليراع – وكالات- شن الجيش السوداني ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع شبه العسكرية بالقرب من العاصمة في محاولة لاستعادة السيطرة على البلاد يوم الأحد، وذلك بعدما تسبب صراع الطرفين على السلطة في نشوب اشتباكات أسفرت عن مقتل العشرات من العسكرين و56 مدنيا على الأقل.

والاشتباكات التي اندلعت يوم السبت هي الأولي بين وحدات الجيش التي تدين بالولاء لرئيس مجلس السيادة وقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو المعروف أيضا باسم حميدتي منذ أن اشترك الطرفان في الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير عام2019.

وقال شهود في ساعة متأخرة من مساء السبت إن الجيش قصف معسكرا تابعا لقوات الدعم السريع شبه العسكرية في مدينة أم درمان التي تقع على الضفة الأخرى لنيل العاصمة الخرطوم، وذلك في نهاية يوم من القتال العنيف.

وادعى كل طرف سيطرته على المطار ومنشآت حيوية أخرى في الخرطوم التي احتدم فيها القتال أثناء الليل.

وفي الساعات الأولى يوم الأحد، قال سكان إنهم سمعوا دوي أعيرة نارية وانفجارات قذائف مدفعية ثقيلة خلال الليل. وبثت قناة العربية لقطات تظهر تصاعدا للدخان الكثيف من بعض الأحياء في الخرطوم.

وقالت هدى وهي من سكان حي في جنوب الخرطوم “نحن خائفون ولم نذق طعم النوم منذ 24 ساعة بسبب الأصوات المدوية واهتزاز المنازل. نحن قلقون من نفاد الماء والغذاء والأدوية من أجل أبي فهو مريض بالسكري”.

وأضافت “هناك الكثير من المعلومات المضللة والجميع يكذبون. لا نعلم متى ينتهي ذلك وكيف سينتهي”.

وقالت تغريد عابدين وهي مهندسة معمارية تعيش في الخرطوم إن التيار الكهربائي انقطع ويحاول الناس ترشيد استهلاك بطاريات الهواتف المحمولة. وأضافت “يمكننا سماع دوي ضربات جوية وقصف وأعيرة نارية”.

وقالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان إن من الصعب على المسعفين والمرضى الوصول من وإلى المستشفيات ودعت الجيش وقوات الدعم السريع لتوفير ممرات آمنة.

وأظهرت مقاطع مصورة نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي طائرات عسكرية تحلق على ارتفاع منخفض فوق المدينة، وبدا أن واحدة منها على الأقل تطلق صاروخا.

واستبعدت القوات المسلحة السودانية يوم السبت إمكانية إجراء مفاوضات أو حوار مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية في البلاد.

وقالت القوات المسلحة على صفحتها على فيسبوك “لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت ميليشيا حميدتي المتمردة”.
.قال الجيش في بيان اليوم الأحد “اقتربت ساعة النصر”.

وأضاف البيان “نترحم على الأرواح البريئة التي أزهقتها هذه المغامرة المتهورة التي ارتكبتها مليشيا الدعم السريع المتمردة ودعواتنا للمصابين، ونبشر شعبنا الصابر الأبي بأخبار سارة قريبا بإذن الله”.
وشن الجيش السوداني ضربات جوية على معسكر لقوات الدعم السريع بمنطقة صالحة بجنوب أم درمان.
ويحاول سكان العاصمة السودانية الخرطوم الفرار من إطلاق النار وسط اشتباكات بين القوات المتناحرة من أجل السيطرة على القصر الرئاسي، والتلفزيون الرسمي، ومقر القيادة العامة للجيش.

وتفيد التقارير بسقوط عدد من القتلى من جراء المواجهات.
ووصف سكان العاصمة السودانية مدى ما يشعرون به من ذعر وخوف وروى كثيرون كيف كانت الطلقات تسدد إلى المنزل المجاور لمنزله.

ولقي حوالي 56 مدنيا مصرعهم في أنحاء متفرقة من البلاد، وفقا للجنة من الأطباء السودانيين. وأضافت المصادر الطبية أن العشرات من قوات الجيش قتلوا بينما يتلقى آخرون العلاج في المستشفيات.

وأشارت إلى أن إجمالي عدد المصابين في تلك الاشتباكات بلغ 595 على الأقل.

وقتل ثلاثة موظفين في برنامج الغذاء العالمي في السودان، وهو منظمة توفر إمدادات الغذاء للمجتمعات الأكثر احتياجا، أثناء تبادل إطلاق نار في قاعدة عسكرية في مدينة كبكابية غربي البلاد.


من جانبه قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة على تويتر إن الأمين العام أنطونيو جوتيريش دعا يوم السبت إلى الإنهاء الفوري لأعمال العنف في السودان.

وأضاف أن جوتيريش تحدث مع القائد العام للقوات المسلحة السودانية عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي محمد.

وأعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن قلق بلاده البالغ من تطورات الموقف في السودان، مطالبًا الأطراف السودانية بتغليب لغة الحوار والتوافق الوطني.
جاء ذلك خلال تلقيه اتصالا هاتفيا، مساء اليوم السبت، من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وفق بيان للمستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية.
وتناول الاتصال “التباحث حول مستجدات الأوضاع في السودان”، وأعرب السيسي “عن قلق مصر البالغ من تطورات الموقف في السودان الشقيق، على إثر الاشتباكات الدائرة هناك”.
وأكد الرئيس المصري على “خطورة التداعيات السلبية لتلك التطورات على استقرار السودان، الذي يمر بلحظة تاريخية دقيقة، تستدعي أقصى درجات الحكمة وضبط النفس”.

 

ودعا وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي القيادة السودانية يوم السبت لكبح جماح قواتها ووقف التصعيد بعد اشتباك قوات الدعم السريع مع الجيش في محاولة للانقلاب على ما يبدو.

وقال كليفرلي عبر منصة تويتر “العنف الدائر في أنحاء السودان يجب أن يتوقف فورا… المملكة المتحدة تدعو القيادة السودانية لبذل قصارى جهدها لكبح جماح قواتها ووقف التصعيد لمنع سفك المزيد من الدماء”.

وأضاف “الإجراء العسكري لن يؤدي إلى حل هذا الموقف”.

 

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم السبت إنه تشاور مع وزيري خارجية السعودية والإمارات بشأن الاشتباكات في السودان.

وقال بلينكن في بيان إنهم اتفقوا على ضرورة إنهاء أطراف الاشتباكات الأعمال القتالية على الفور دون أي شروط مسبقة.

القتال الحالي يأتي بعد سلسلة من المشاكل التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السوداني عمر البشير من سدة الحكم في عام 2019.

إذ قاد الجيش انقلاباً للتخلص منه، وطالب المدنيون بدور في الانتقال إلى حكم ديمقراطي.

وتشكلت حكومة مشتركة من المدنيين والعسكريين، لكنها أسقطت لاحقاً بعد انقلاب عسكري آخر في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.

ومنذ ذلك الحين، تصاعدت حدة التنافس بين عبد الفتاح البرهان، قائد القوات المسلحة والرئيس الفعلي للبلاد، من جهة، ونائبه قائد قوات “الدعم السريع” محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، من جهة أخرى.

ووضع إطار لاتفاق حول نقل السلطة إلى المدنيين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لكن المحادثات حول تنفيذ تفاصيله فشلت.

ويختلف الرجلان على الاتجاه الذي تسير فيه البلاد نحو الحكم المدني.

كما يختلفان حول خطة ضمّ قوات الدعم السريع التي يبلغ عددها 100 ألف عنصر، إلى الجيش وحول من سيقود القوة الجديدة بعد ذلك.

Share this post