القاهرة تبدأ ببيع شركات الجيش في ماراثون بيع كيانات الدولة

القاهرة – جاءت خطوة طرح شركات تابعة للجيش المصري في وقت تشهد فيه بعض الأسواق العالمية حالة من عدم اليقين بسبب تفجر أزمة بنك “سيليكون فالي” الأميركي ما قد يدفع المستثمرين الكبار إلى تعليق جزء من استثماراتهم إلى حين استقرار الأوضاع في المصارف العالمية بسبب مؤشرات بتكرار هذه الأزمة في مصارف أخرى.

وبدأ صندوق مصر السيادي بتجهيز شركتي “صافي” و”وطنية” للبيع عبر صندوق ما قبل الطروحات، وقام بإسناد عملية البحث عن مستثمرين إلى بنوك الاستثمار، وسيبدأ مستشارو الطرح التواصل مع مستثمرين إستراتيجيين في مرحلة الترويج للطرح.

وتشهد الفترة المقبلة جولات ترويجية من جانب بنوك الاستثمار للبحث عن مشترين لشركات الجيش، ثم يتم تحديد نسب الطروحات في البورصة ولكبار المشترين، ومن المهم أن تُنجز بنوك الاستثمار المهمة سريعا أملاً في تدفق العملة الصعبة للبلاد.

ولم تؤكد القاهرة حجم الحصة التي تستعد لطرحها للمستثمرين من شركتي “صافي” التي تعمل في مجال تعبئة المياه والمواد الغذائية، و”وطنية” صاحبة عدد من محطات الوقود، لكن الأولوية ستكون لمستثمرين كبار، ما يعني بيع نسبة ليست قليلة.

وتمت إضافة الشركتين المملوكتين لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة إلى صندوق ما قبل الطروحات التابع لصندوق مصر السيادي، والذي كان يعيد هيكلة الشركتين استعدادا للطرح في يناير الماضي.

ومن المتوقع أن يطرح الصندوق حصة تتراوح بين 20 و30 في المئة في هذه الشركات أمام المستثمرين قبل الطرح في البورصة عندما تتحسن السوق العالمية.

ووفق ما أعلنه رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تفضل الحكومة طرح حصص في شركات مملوكة للدولة أمام مستثمرين إستراتيجيين على أن تطرحها للاكتتاب العام.

وكشف مدبولي عن خطة الحكومة لطرح حصص في 32 شركة مملوكة للدولة من خلال البيع لمستثمرين كبار أو الاكتتاب العام في البورصة على مدار عام كامل.

وتعد خطة إعادة إحياء برنامج الطروحات الحكومية وزيادة دور القطاع الخاص جزءا من برنامج القرض الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي، والذي تعهدت بموجبه الحكومة بالحد من مشاركة الشركات المملوكة للدولة في الاقتصاد، من بينها شركات تابعة للجيش.

ومن غير المرجح أن يخف الضغط على الجنيه بعد طرح الشركتين (صافي ووطنية) قبل أن تبدأ الحكومة في الوفاء ببعض تعهداتها بشأن برنامج الطروحات.

ويراقب المستثمرون الأجانب الوضع حاليًا وسط مخاوف من توقف زخم برنامج الطروحات، فيما يتزايد الضغط مرة أخرى على الدين المحلي والعملات الصعبة، لأن صفقتي بيع حصص في المصرف المتحد وفودافون مصر واجهتا صعوبات.

وبدأت السلطات المصرية باثنتين من أكبر الشركات لتكون فرص نجاحها كبيرة ومحفزًا للطروحات المقبلة، فضلاً عن ضرورة أن ترسم صورة إيجابية في أذهان المستثمرين المحليين والأجانب.

 

السيسي يدشن مرحلة جديدة

 

وبدأت “صافي” نشاطها في عام 1993 وتمتلك ثلاثة مصانع متخصصة في إنتاج وتعبئة مياه الشرب الطبيعية وإنتاج وتعبئة زيت الزيتون وإنتاج وتعبئة مخللات الزيتون بأنواعها، بجانب مجمع يضم 6 مصانع تعمل في تكرير وتجفيف وإنتاج وتعبئة ملح الطعام، وغسيل وإنتاج وتعبئة الملح، ووحدة الغربلة والتصنيف الحجمي للملح، ومصنع أقراص الملح المضغوطة، وإنتاج أقراص ملح الأعلاف، ووحدة إنتاج الأملاح الخاصة للاستحمام (سبا حليبي) والزيوت النباتية وغسالات الأطباق.

أما الشركة الوطنية لبيع وتوزيع المنتجات البترولية “وطنية” فتأسست عام 1993 بهدف إنشاء وإدارة محطات خدمة وتموين السيارات داخل وخارج المدن وتسويق المنتجات البترولية والزيوت والشحومات، وبدأت الشركة نشاطها بالمشاركة مع شركات شل وموبيل لاكتساب ونقل الخبرة، ومنذ عام 2002 بدأت الشركة في إنشاء المحطات الخاصة بها وتحمل اسم “وطنية”.

ويبلغ عدد المحطات العاملة حاليًا التابعة لشركة “وطنية” نحو 255، فيما يبلغ عدد المحطات تحت الإنشاء 20 محطة، وعدد المحطات المخططة 25 وصولًا إلى 300 محطة.

ويشير خبراء إلى احتمال أن تقوض أزمة بنك “سيليكون فالي” الأميركي من خطة الترويج خارجيًا للشركتين، لأن فترات الأزمات والاضطرابات الاقتصادية تتسم بتعليق المستثمرين لضخ السيولة إلى حين تستقر الأوضاع وتتضح الرؤية، وربما تكون منحة بأن يتجه مستثمرون إلى الاستثمار في الأسواق الناشئة، ومنها مصر.

ويمثل رفع سعر الفائدة على المستوى العالمي عاملاً سلبيًا لتسويق بيع الشركات، خاصة أن الاستثمار في البورصة يتناسب عكسيًا مع رفع معدلات الفائدة، كما أن الأخير خال من المخاطر ما يمنح أهمية طرح نسب من الكيانات لمستثمر إستراتيجي.

وقال الخبير الاقتصادي وعضو جمعية مستثمري السويس (شرق القاهرة) سعيد يونس إنه سيتم طرح نحو 10 إلى 15 في المئة بالبورصة المصرية للأفراد، وقد يكون ذلك قبل البيع لمستثمر إستراتيجي نظرًا إلى طبيعة الشركتين ويتم منح المستثمرين المحليين حصة منها لكسب الثقة، باعتبار أنهم يساهمون في كيانات بلادهم.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن السوق المحلية لا تواجه عائقًا حال طرح نسبة من الشركتين مع زيادة أحجام التداول خلال الفترة الماضية، إذ تتخطى نحو ملياري جنيه يوميًا (نحو 75 مليون دولار)، فضلاً عن استقرار الجهاز المصرفي.

وأكد البنك المركزي المصري أن أزمة بنك “سيليكون فالي” الأميركي ليس لها تداعيات سلبية على القطاع المصرفي، لأن البنوك المصرية لا تمتلك ودائع أو تعاملات مالية مع البنك الأميركي.

وأوضح محلل أسواق المال محمد سعيد أن القاهرة تراهن على بيع كيانات الجيش، لأن نجاحها يرسم مستقبل الطروحات الحكومية الفترة المقبلة، لذلك يسعى الصندوق السيادي للاستعانة ببنوك محترفة لنجاح خطته.

وتأتي خطة الطروحات المصرية ضمن الجهود المبذولة لإنعاش الاقتصاد الوطني الذي يعاني من أزمة طاحنة بسبب شح العملات الأجنبية.

وتكمن أهمية برنامج الطروحات كجزء من وثيقة سياسة ملكية الدولة التي تهدف إلى زيادة مشاركة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي بأكثر من الضعف ليصل إلى 65 في المئة وجذب 40 مليار دولار في الاستثمارات الخاصة بحلول عام 2026.

وأشار سعيد في تصريح لـ”العرب” إلى أن بيع شركات الدولة، وبينها التابعة للجيش، لن يتم بسهولة في ظل بعض الاضطرابات العالمية، وسوف تواجه بنوك الاستثمار عقبات عديدة، وربما يضطر بعضها إلى التنازل عن كثير من الشروط أو منح المستثمرين الإستراتيجيين مزايا في قيمة الشركات

Share this post