البابا في دولة جنوب السودان للدعوة الى السلام بعد زيارة الكونغو الديموقراطية

جوبا (أ ف ب) – وصل البابا فرنسيس الجمعة إلى جوبا، في زيارة هي الأولى لجنوب السودان تستمر ثلاثة أيام تهدف إلى الدعوة للسلام والمصالحة في الدولة التي عانت من حرب أهلية عنيفة وتعتبر من أفقر بلدان العالم.

ورحلة “الحج من أجل السلام” هي الأولى لحبر أعظم إلى دولة جنوب السودان ذات الغالبية المسيحية منذ استقلالها عن السودان ذي الغالبية المسلمة في 2011 بعد عقود من النزاع.

وأدت الحرب الأهلية التي اشتعلت من 2013 إلى 2018 إلى مقتل 380 ألف شخص ونزوح الملايين.

وكان في استقباله لدى وصول طائرته إلى مطار جوبا الساعة 14,45(12,45 ت غ) عدد من الشخصيات بينهم رئيس الدولة سلفا كير، الكاثوليكي المتدين والذي سيستقبله في القصر الرئاسي.

واصطف آلاف الأشخاص، بعضهم حاملين الأعلام والأغصان، على الطريق الذي يربط مطار جوبا بوسط المدينة، وفق مراسل فرانس برس.

وسيلقي خورخي بيرغوليو بعد الظهر أول كلمة له أمام السلطات والسلك الدبلوماسي.

والسبت، يلتقي البابا مسؤولين دينيين كاثوليك ونازحين وسيحتفل بصلاة مسكونية قبل أن يترأس قداسا الأحد.

وتأتي رحلته بعد زيارة استمرت أربعة أيام إلى جمهورية الكونغو التي تشهد مناطقها الشرقية هجمات مسلحة تشنها جماعات متمردة.

ويرافق البابا البالغ 86 عاما في زيارته لجوبا جاستن ويلبي رئيس أساقفة كانتربري الزعيم الروحي للكنيسة الانغليكانية وإيان غرينشيلدز المسؤول الأبرز في كنيسة اسكتلندا.

شارك القادة الروحيون الثلاثة شخصيا في عملية السلام مع أن مسؤولي جنوب السودان لم يستجيبوا بعد نداءات المصالحة فيما تتهم الأطراف المتواجهة بارتكاب جرائم حرب.

 

حشود في استقبال البابا في مطار جوبا، في 3 شباط/فبراير 2023 © سايمون ماينا / ا ف ب

وحضت منظمة هيومن رايتس ووتش غير الحكومية الجمعة القادة الدينيين على الضغط على مسؤولي جنوب السودان “لوضع حد لأزمة حقوق الإنسان المستمرة في البلاد والإفلات من العقاب على نطاق واسع”.

يوم عطلة

وقالت هنا زكريا (20 عاما) التي جاءت مع عشرات الحجاج الذين ساروا تسعة أيام من بلدة رومبيك إلى جوبا قطعوا خلالها حوالى 400 كلم لوكالة فرانس برس “أنا بغاية الحماسة لرؤيته”.

رئيس جمهورية الكونغو الديموقراطية فيليكس تشيسيكيدي يمشي قرب البابا فرنسيس الجالس على كرسي متحرك لدى مغادرة هذا الأخير من البلد في مطار في كينشاسا في الثالث من شباط/فبراير 2023 © أليكسيس اوغيه / ا ف ب

من ناحيته قال مالك أرول ديو طالب الطب البالغ 29 عاما إن “مجيء قداسته سيسجل في تاريخنا”.

في العام 2019، بعد عام على إبرام اتفاق السلام، استقبل البابا زعيمي البلاد في الفاتيكان. وفي بادرة طبعت النفوس، انحنى البابا فرنسيس لتقبيل اقدام الزعيمين اللذين يتوليان السلطة راهنا في إطار حكومة وحدة وطنية يشغل فيها كير منصب الرئيس ومشار منصب نائب الرئيس.

ورغم توقيع اتفاق سلام في 2018 تتواصل أعمال العنف تغذيها النخب السياسية. وتحل الكنيسة في هذا البلد محل السلطات في مناطق تفتقر إلى المرافق والخدمات الحكومية وحيث تعرض العاملون في المجال الانساني لهجمات لا بل للقتل.

ويأمل كثيرون أن تضع زيارته حدا للمواجهات. وقال روبرت مايكل، رجل أعمال يبلغ 36 عاما تحت إحدى اللوحات الإعلانية العديدة في جوبا المرحبة بالبابا “لقد عانينا كثيرا، والآن نريد تحقيق السلام”.

ونشر نحو خمسة آلاف شرطي وجندي إضافي في الشوارع على ما أعلن مسؤولو الأمن فيما أعتبر الجمعة يوم عطلة رسمية في البلاد.

قبل مغادرته جمهورية الكونغو الديموقراطية، ألقى البابا، الذي بدا متعبًا، خطابًا أخيرًا أمام أساقفة البلد، دعاهم فيه إلى عدم حصر أنفسهم في “العمل السياسي” والتركيز على الشعب، في بلد تعمل فيه الكنيسة تقليديًا كسلطة موازية بما يتجاوز دورها الرئيسي في التعليم أو الثقافة أو الصحة.

في كينشاسا عاصمة أكبر دولة كاثوليكية في القارة الإفريقية، ندد الحبر الأعظم مرارا بأعمال العنف الدامية في شرق البلاد داعيا المسؤولين إلى وضع حد للفساد والشباب إلى أن يكونوا “اطرافا فاعلين” في مستقبل البلاد.

وكانت رحلة البابا هذه مقررة أساسا في تموز/يوليو 2022 لكنها أرجئت بسبب أوجاعه في الركبة وقد تخللها حتى الآن دعوات مؤثرة إلى وضع حد “للفظائع الوحشية” في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية والفساد.

وهي الزيارة الخارجية الأربعون للبابا فرنسيس منذ وصوله إلى السدة البابوية العام 2013 والخامسة له في إفريقيا.

Share this post