الخرطوم ـ – اليراع الدولية- صحيفة (القدس العربي)- وكالات-بالتزامن مع اجتماع بين الآلية الثلاثية (البعثة الأممية وبعثة الاتحاد الإفريقي وإيغاد) والعسكر، ومع اقتراب موعد قرار مجلس الأمن الدولي، بخصوص تجديد تفويض بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان (يونيتامس)، تتزايد، أمس الأربعاء، الضغوط من السلطات والموالين لها على البعثة، وسط تهديدات قبائل البجا، بإغلاق جديد لموانئ الشرق.
فحسب إعلام مجلس السيادة فقد “التأم في القصر الجمهوري الاجتماع التشاوري الثاني، للجنة العسكرية برئاسة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) وعضوية عضوي المجلس، الفريق أول ركن شمس الدين كباشي والفريق بحري إبراهيم جابر إبراهيم، والآلية الثلاثية المُيَسِرة للحوار السوداني، والمكونة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي ومنظمة دول الإيغاد، بمشاركة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة رئيس البعثة المتكاملة للمساعدة في الانتقال في السودان (يونيتامس) فولكر بيترس وممثل الاتحاد الإفريقي في الخرطوم السفير محمد بلعيش ومبعوث الإيقاد إسماعيل ويس”.
وعن البيان عن السفير محمد بلعيش، ممثل الاتحاد الإفريقي في السودان، والناطق الرسمي باسم الآلية، قوله إن “الاجتماع، الذي اتسم بروح إيجابية وبناءة، تناول القضايا ذات الصلة بالحوار المباشر المرتقب خلال الأسبوع المقبل، بين الأطراف السودانية أصحاب المصلحة، للتوصل إلى توافق لترتيب دولاب الحكم بالبلاد، بما يلبي رغبة الشعب السوداني نحو التحول الديمقراطي المدني وبناء السودان الجديد”.
وأصدرت الآلية بياناً عقب اللقاء، جاء متطابقاً في جزء منه مع ذلك الذي صدر عن مجلس السيادة، لكن برز في البيان جزء آخر ورد فيه “عشية الذكرى الثالثة لفض اعتصام القيادة العامة للقوات المسلحة في الثالث من يونيو، تدعو الآلية الثلاثية السلطات إلى احترام وحماية الحق في التجمع السلمي والامتناع عن الاستخدام غير المبرر للعنف ضد المتظاهرين السلميين، وبما من شأنه تعزيز البيئة المواتية للعملية السياسية في السودان. وتدعو في الوقت ذاته كافة الأطراف إلى الحفاظ على الطابع السلمي لإحياء هذه الذكرى”.
تظاهرات
تزامن ذلك مع خروج، المئات من أنصار النظام السابق الموالين للعسكر، في تظاهرات، مطالبة بطرد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في السودان ورئيس البعثة الأممية، فولكر بيرتس.
وقالت مجموعة التيار الإسلامي العريض، المشاركة في التظاهرة، في بيان، إن التظاهرة “جاءت احتجاجاً على التدخل الخارجي في الشؤون السودانية ولصيانة السيادة الوطنية والقرار السوداني مما وصفته بالارتهان والتبعية والتمسك بوحدة شعب وأرض السودان”.
وأكدت “رفضها لوجود البعثة الأممية ورئيسها فولكر بيرتس”، واصفة إياه بـ”المستعمر الجديد”. وشددت على رفضها تمديد تفويض البعثة الأممية.
ولم تكن هذه التظاهرة الأولى من نوعها، حيث نظم الموالون للعسكر، خلال الأشهر الماضية، عدة تظاهرات تطالب بطرد البعثة الأممية، تزامنت مع إطلاق “يونيتامس”، عملية سياسية لاستعادة الانتقال الديمقراطي مطلع العام الجاري.
وينتظر أن يمنح مجلس الأمن الدولي في 3 يونيو/ حزيران، تمديداً ثانياً لعمل بعثة الأمم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، الأمر الذي يتم سنوياً، وفق قرار إنشاء البعثة.
تهديد بالطرد
وكان القائد العام للجيش، عبد الفتاح البرهان، قد هدد بطرد بيرتس، مطلع أبريل/ نيسان الماضي، بعد إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن الدولي، استعرض خلالها الانتهاكات وأعمال القتل والعنف منذ انقلاب الجيش في 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مؤكداً أن السودان يواجه انهياراً سياسياً وأمنياً واقتصادياً واسعاً يتطلب التحرك السريع لاستعادة الانتقال الديمقراطي في البلاد بقيادة حكومة مدنية.
ومنذ أبريل/ نيسان الماضي، شرعت السلطات السودانية في تحركات في مجلس الأمن الدولي لتحديد مهام بعثة “يونيتامس”، بما لا يشمل العمل السياسي.
تباين في الرؤى
وبالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير صحافية محلية إلى تباين الرؤى بين مبعوثي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، حول شكل ومضمون العملية السياسية المطلوبة لإنهاء الأزمة السودانية. وعلى الرغم من ذلك، ظلت الآلية تؤكد عملها بشكل مشترك لدعم السودانيين على إيجاد مخرج من الأزمة الحالية الناتجة عن الانقلاب، وتيسير العودة للوضع الدستوري ومسار انتقالي نحو الحكم المدني والديمقراطية والسلام في السودان.
وقال، بيرتس، في تصريحات سابقة، إن الآلية لا تعمل على فرض أي حل على السودانيين، ولكن لتسهيل عملية الوصول إلى حل يكون سودانياً.
وأشار إلى أن نتائج المشاورات السابقة أظهرت كثيراً من مجالات التوافق والتقارب وأظهرت أن الوصول إلى حل هو أمر ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية.
الخبير الدبلوماسي، الرشيد أبو شامة، قلل، في حديثه لـ”القدس العربي”، من قيمة التحركات التي تقوم بها السلطات السودانية والموالون لها للضغط على البعثة الأممية، مشيراً إلى أن العملية السياسية التي تيسرها البعثة تمضي للأمام الأمر الذي يهدد استمرار الحكم العسكري والموالين له، خاصة من أنصار النظام السابق.
ولفت إلى أن عودة الحكم المدني، ومؤسساته، بما فيها المؤسسات العدلية يتعارض مع مصالح العسكر وأنصار الإنقاذ الذين بدأوا في استعادة مناصبهم وحساباتهم المالية التي جمدتها الحكومة الانتقالية، مما يجعلهم متعلقين بالعسكر ويخشون خروجهم من السلطة، لذلك ترتفع أصواتهم المطالبة بطرد البعثة الأممية.
وحسب أبو شامة، التحركات التي قامت بها السلطات في مجلس الأمن الدولي لتحديد مهام البعثة الأممية التي تحظى بدعم الترويكا والاتحاد الأوروبي، محاولات يائسة ولن تكون لها أي نتائج على أرض الواقع.
أما أستاذة العلاقات الدولية في جامعة الخرطوم، تماضر الطيب، فقالت لـ”القدس العربي” إن ما تقوم به السلطات ومناصروها دليل على افتقارهم للحنكة السياسية، مشيرة إلى أن أنصار النظام السابق والمجموعات الأخرى الموالية للعسكر ليسوا جزءاً من العملية السياسية، ومطالبهم غير مؤثرة في حقيقة الأمر، ولا تعدو كونها تحركات للاستهلاك الدعائي ليست ذات قيمة.
استعادة الانتقال الديمقراطي
وأشارت إلى أن البعثة تم تكوينها بطلب من الحكومة الانتقالية، وأن تحقيق مهامها مرتبط بشكل أساسي باستعادة الانتقال الديمقراطي، الأمر الذي لا يتوافق مع نوايا ومساعي العسكريين والموالين لهم. وأضافت: “الدور الذي تقوم به البعثة الأممية يتضارب مع دور السلطة العسكرية في السودان والتي نفذت في 25 إكتوبر/ تشرين الأول الماضي انقلاباً على الحكومة الانتقالية المنوط بها الانتقال المدني الديمقراطي”. وكذلك يتضارب وجود البعثة مع عمل المجموعات العشائرية وأنصار النظام السابق الذين لا يبدو الانتقال المدني الديمقراطي في صالحها، وفقاً لتماضر.
يشار إلى أن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان أنشئت بموجب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2524 في 4 يونيو/ حزيران 2020. وتشمل مهام البعثة، حسب القرار، المساعدة في تحول السودان إلى الحكم المدني الديمقراطي ودعم وتعزيز وحماية حقوق الإنسان بالإضافة إلى دعم وبناء السلام والحماية المدنية وسيادة القانون خاصة في المناطق المتأثرة بالحرب في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.
وبدأت “يونيتامس” أعمالها في مطلع العام 2021 بالتزامن مع إنهاء مهام البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة لعمليات السلام في دارفور (يوناميد) والتي تكونت في 31 يوليو/ تموز 2007 من بعثة مختلطة مدنية وعسكرية، اضطلعت بمهام حماية المدنيين دون المساس بمهام الحكومة السودانية وتيسير وصول المساعدات الإنسانية والوساطة بين الحكومة والحركات المسلحة فضلاً عن الوساطة في النزاعات الأهلية