تقرير فولكر بيرتس ونص بيان مندوب النظام حول رؤيتهم لمعوقات التحول الديمقراطي امام مجلس الامن

الامم المتحدة- اليراع الدولية- وكالات- : حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال الديمقراطي في السودان، فولكر بيرتس، امس الثلاثاء، من أن الحالة العامة في السودان محفوفة بالمخاطر، بما في ذلك الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصاد، مشددا على أن الوقت محدود بالنسبة للسودانيين للتوصل إلى حل سياسي لإيجاد مخرج من الأزمة

والبعثة الأممية “يونيتامس” ضمن آلية دولية ثلاثية تضم إلى جانبها الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد، تسعى إلى حل سياسي ينهي الأزمة في البلاد من خلال تسيير عملية يقودها السودانيون.

وقال فولكر أنه “منذ أن إنشاء آلية ثلاثية لتسهيل محادثات سودانية – سودانية، ونحن نؤكد أنها لن تنجح إلا في بيئة مواتية، وقلنا أيضاً إنّ الأمر متروك للسودانيين، ولا سيّما السلطات لخلق هذه البيئة”.

.
ولفت في إحاطة قدمها أمام مجلس الأمن إلى وجود من وصفهم بـ«المفسدين الذين لا يريدون الانتقال إلى الديمقراطية أو يرفضون الحل من خلال الحوار»، داعيا الأطراف السودانية لـ»عدم السماح لهم بتقويض فرصة إيجاد مخرج تفاوضي للأزمة والسماح بتعيين حكومة متفق عليها مع برنامج عمل لما تبقى من الفترة الانتقالية».
وأشار إلى مقتل متظاهر بيد قوات الأمن السبت الماضي، وإلى استمرار احتجاز السلطات السودانية نحو 110 معتقلين في العاصمة الخرطوم ومدينة بورتسودان شرقي البلاد ومناطق أخرى، بينما أطلقت سراح 86 آخرين بينهم شخصيات سياسية بارزة.

واعتبر إطلاق سراح بعض المعتقلين «خطوة إيجابية نحو تهيئة الظروف المواتية وإعادة بناء الثقة»، لافتا إلى أن من الضروري محاسبة المسؤولين عن العنف ضد المتظاهرين لاستمرار بناء الثقة.
وشدد على أن الوقت قد حان لإنهاء جميع أعمال العنف، داعيا السلطات لإطلاق سراح المحتجزين المتبقين وايقاف الاعتقالات التعسفية ورفع حالة الطوارئ من دون قيود.
وشدد على أن الجمود السياسي لا يزال يتسبب في خسائر اجتماعية واقتصادية فادحة، وأن الاحتياجات الإنسانية آخذة في الازدياد، مما يؤثر تأثيراً كبيراً على أشد الفئات ضعفاً.
وأشار إلى أن ما سبق ذكره إلى جانب العوامل الجيوسياسية العالمية، يستمر في رفع أسعار السلع الأساسية في السودان. وأفاد بأن شهر أبريل/نيسان شهد ارتفاعا بأسعار المواد الغذائية الأساسية في المتوسط بنسبة 15٪ مقارنة بشهر مارس/ آذار، وأنه ظلت أعلى بنسبة 250 في المئة من العام الماضي.
وأشار إلى أنّ الآثار المشتركة لعدم الاستقرار السياسي والأزمة الاقتصادية وضعف المحاصيل وصدمات العرض العالمية، لها تأثير كارثي على التضخم والقدرة على تحمل تكاليف الغذاء في السودان، وأن من المتوقع أن يتضاعف عدد السودانيين الذين يواجهون الجوع الحاد إلى حوالى 18 مليوناً بحلول أيلول/ سبتمبر من هذا العام.
وبخصوص المحادثات التي تيسرها الآلية الثلاثية، أوضح المبعوث الأممي أنه «منذ أن أنشأنا الآلية الثلاثية، لتسهيل محادثات سودانية – سودانية، صرحت أنا ومبعوثا الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) أنّ هذه المحادثات لن تنجح إلا في بيئة مواتية»، مشيرا إلى إنّ الأمر متروك للسودانيين، خاصة السلطات، لخلق هذه البيئة.
وتابع: تتواصل المطالب بالتغيير وباستعادة العملية الانتقالية الديمقراطية باحتجاجات سلمية، بينما تقدم عدد كبير من الأحزاب السودانية والتحالفات السياسية بمبادرات لحل الأزمة السياسية، وقد أكملت لجان المقاومة في ولاية الخرطوم ميثاقها السياسي، وتجري حواراً مع اللجان في الولايات الأخرى.
وأكمل: «يواصل السودان مواجهة المزيد من عدم اليقين، وتسعى أطراف عدّة إلى إيجاد أرضية مشتركة وهي منفتحة أكثر على الحوار». وزاد: «هناك اعتراف متزايد بالحاجة إلى حوار مدني – عسكري بشأن مخرج من الأزمة، وهناك مزيد من النقاش العام حول هذه المسألة».
وأشار إلى أن «الآلية الثلاثية للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) أجرت محادثات أولية مع المكونات الرئيسية للمجتمع السوداني والقوى السياسي طوال شهر أبريل/نيسان الماضي، شملت الأحزاب والتحالفات السياسية وممثلي لجان المقاومة والشباب والجيش والجماعات المسلحة والزعماء الصوفيين والمجموعات النسائية والأكاديميين».
وقال إن «الهدف من تلك المحادثات استطلاع آراء أصحاب المصلحة حول جوهر وشكل محادثات يقودها السودانيون ويملكونها»، لافتا إلى أن «جميع المكونات تقريباً أبدت استعدادها للمشاركة بشكل إيجابي في جهود الآلية التيسيرية، بينما يواصل بعض أصحاب المصلحة الرئيسيين رفض المحادثات المباشرة مع نظرائهم الآخرين أو يفضلون المشاركة بشكل غير مباشر».

محادثات

وأضاف: «في أعقاب الإفراج الأولي عن المحتجزين والحد من العنف، بدأنا عملية محادثات غير مباشرة بشأن أساس الأزمة، تشمل المسائل الأساسية المتعلقة بولاية وتكوين الأجهزة الدستورية الرئيسية والعلاقة المستقبلية بين العنصرين العسكري والمدني وآلية ومعايير اختيار رئيس الوزراء».
وأكد أن «صياغة تفاهمات مشتركة حول هذه القضايا، قد يساعد في رسم طريق الخروج من الأزمة ومعالجة الفراغ المؤسسي بعد الانقلاب»، مشيرا إلى أنه «بمجرد تهيئة بيئة مواتية كافية، ستجتمع الآلية الثلاثية مع الأطراف أصحاب المصلحة الرئيسيين حول طاولة التفاوض». وأضاف: «يمكن أن يحدث هذا، ويجب أن يحدث من دون مزيد من التأخير».

وأكمل: «أنّ «الآلية الثلاثية تدعم بقوة إشراك المرأة في العملية السياسية من خلال تشجيع الأحزاب بقوة على إشراك 40 ٪على الأقل من النساء في وفودها بما يتماشى مع الوثيقة الدستورية».
ونوه إلى «تداعيات عدم التوصل إلى اتفاق سياسي حتى الآن وعدم وجود حكومة تعمل بشكل كامل على الوضع الأمني»، مشيرا إلى أن الأحداث الأخيرة في دارفور، بما في ذلك التدمير والتشريد في محلية كيرينيك والعنف المستمر في الجنينة بين 22 و26 أبريل/ نيسان الماضي، كشفت مرة أخرى عن قصور قدرة الدولة على توفير الأمن والحماية للمدنيين.
وأشار إلى هدوء نسبي في دارفور ونشر قوات حكومية وإرسال عدة وفود رفيعة المستوى للتصدي للعنف، بالإضافة إلى توقيع اتفاق لوقف الأعمال القتالية بين المجتمعات المتنازعة في الجنينة.
وذكر أن لجنة وقف إطلاق النار الدائم، التي ترأسها «يونيتامس»، شاركت في تهدئة التوترات وبدأت تحقيقاً في الانتهاكات المحتملة لوقف إطلاق النار في سياق هذه الأحداث عقب تقديم الأطراف شكاوى رسمية.
وحسب المبعوث الأممي «لا يزال خطر اندلاع أعمال عنف جديدة مرتفعاً»، مضيفا: «على الرغم من مأساة هذه الأحداث والجرائم البشعة المرتكبة بحقّ المدنيين، كان من المشجع أن نرى الجماعات المسلحة والقوات النظامية قد قبلت استخدام لجنة وقف إطلاق النار الدائم كمؤسسة مشتركة لحل النزاع».
وأكد على أن «حماية المدنيين تتطلب معالجة الأسباب الجذرية للصراع، بما في ذلك قضايا التهميش التي دامت عقوداً طويلة والمسائل المتعلقة بالأراضي وعودة النازحين واللاجئين»، مشيرا إلى «ضرورة توفير الحماية المادية وأن تمثل أولوية للحكومة السودانية وللحكومات الإقليمية والولائية في دارفور».
وبيّن أن «يونيتامس تواصل بانتظام تقديم المشورة والتدريب لعناصر قوات الشرطة السودانية على أعمال الشرطة المجتمعية والحماية من العنف الجنسي والجنساني، وعلى نحو أعمّ حماية المدنيين».
وأشار إلى أن «الدفعة الأولى من أفراد الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، وعدد أفرادها 2000، ستكمل تدريبا استمر لتسعين يوماً في نهاية هذا الشهر وسيتم نشرهم في شمال وغرب وجنوب دارفور.».
وبين أن «السلطات وافقت على منحهم راتباً منتظماً على قدم المساواة مع جنود القوات المسلحة السودانية بمجرد تخرجهم، وأنه تمّ اختيار مجموعة من 80 ضابطاً من هذه الدفعة لتلقي مزيد من التدريب ثم إدماجهم في القوات النظامية». وأشار إلى أن «البعثة الأممية تقدم تدريباً لضباط الصف من هذه المجموعة حول حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، من أجل المضي قدماً. يلزم توفير الدعم اللوجستي الكافي لتشغيل مناطق التجمع لصالح الجماعات المسلحة وإحراز مزيد من التقدم في نشر قوات حفظ الأمن المشتركة».
وذكر أنه «بمجرد التوصل إلى اتفاق سياسي، سيلزم دعم مادّي إضافي من المجتمع الدولي لتنفيذ جوانب أخرى من اتفاق جوبا للسلام، بما في ذلك البروتوكولات الرئيسية التي تعالج الأسباب الجذرية للصراع».
وبين أن «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية خصص 20 مليون دولار استجابة من الصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ، ويواصل المانحون تقديم المساعدات الإنسانية»، مشيرا إلى «تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 بنسبة 13٪ فقط».
وأوضح أنه «في غياب اتفاق سياسي لاستعادة الشرعية الدستورية، ظلت الكثير من المساعدات الإنمائية الدولية ومشاركات المؤسسات المالية الدولية، متوقفة، بينما فرض بعض المانحين قيوداً على المساعدة التي تمر عبر أنظمة الدولة، للوصول إلى العاملين في القطاع العام مثل المعلمين ومقدمي الرعاية الصحية».
وأضاف أن «المسؤولية الأساسية عن تغيير هذه الديناميكيات، تقع على عاتق أصحاب المصلحة السودانيين أنفسهم، فإنني قلق بشأن العواقب الطويلة المدى، حيث نراقب المزيد من التآكل في قدرة الدولة، الهشة أصلاً، ورأس المال البشري في السودان».
وحسب المبعوث الأممي «يواجه السودان أيضاً خطر إعادة تخصيص المساعدة الحيوية من برنامج المؤسسة الدولية للتنمية 19 التي كانت قد خصصت للسودان كجزء من المبادرة المتعلقة بالبلدان الفقيرة المثقلة بالديون إلى بلدان أخرى بحلول نهاية حزيران/ يونيو إذا لم يتم التوصل إلى حل سياسي للأزمة». وأشار إلى «تحذير بعض الدول المانحة من أنّ الدعم المالي الدولي للحكومة السودانية، بما في ذلك تخفيف الديون، لن يستأنف دون حكومة مدنية ذات مصداقية».
وأشار إلى أن الأزمة التي تواجه السودان محلية ولا يمكن حلها إلا من قبل السودانيين، منوها إلى الحاجة إلى حل.
وأشار إلى أن «معظم أصحاب المصلحة السودانيين يدركون أن البيئة الجيوسياسية أصبحت أكثر صعوبة، وأن نظرة المجتمع الدولي تنحرف عن السودان، وأنهم يتوقعون أن تيسر الآلية الثلاثية العملية الصعبة لإيجاد مسار توافقي للخروج من الأزمة».

وبدأت “يونيتامس” مهامها بالسودان في يناير/ كانون ثاني 2021، بطلب من حكومة الخرطوم للمساعدة في عملية الانتقال الديمقراطي وبناء السلام، لتكون بديلة لبعثة حفظ السلام في دارفور، “يوناميد” التي تم سحبها في نهاية 2020.

لكن العلاقة بين الحكومة السودانية و”يونيتامس” توترت لاحقاً، وأعرب المسؤولون في الخرطوم مراراً عن عدم رضاهم عن أداء البعثة الأممية وأنها “لم توف بالتزاماتها وتجاوزت تفويضها بالتدخل السافر في شؤون البلاد.”

وفي 21 أبريل/ نيسان الماضي، دفعت حكومة الخرطوم بطلب إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، لاختصار مهام “يونيتامس” في 7 ملفات رئيسية ضمن محاولة لتحجيم دور البعثة التي تقود مبادرة لحل الأزمة السياسية بالبلاد.

والملفات التي طلبتها الخرطوم من البعثة الأممية هي دعم تنفيذ اتفاق جوبا للسلام، وتقديم الدعم اللوجستي لبناء القدرات، ودعم الآليات الوطنية لحقوق الإنسان، والمساعدة في إنشاء ودعم مفوضية نزع السلاح وإعادة الدمج، وآلية العدالة الانتقالية، وإعادة الإعمار والتنمية.

في السياق، شدد نائب مندوب المملكة المتحدة، على إطلاق سراح المحتجزين، وإنهاء العنف ضد المحتجين. وأكد دعم تمديد ولاية يونيتامس.

في الأثناء، أعلنت المجموعة الإفريقية مساندة تمديد ولاية بعثة يونيتامس، بينما أكدت مندوبة الإمارات مساندة الأمر نفسه بالتمديد للبعثة.

بيان السودان قدمه السفير الحارث إدريس، مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة

شكراً السيدة الرئيسة؛
بدايةً اسمحوا لي أن أتقدم لكم بالتهنئة الحارة على رئاسة بلادكم لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي، ونؤكد استعدادنا على العمل معكم في القضايا المتعلقة بالسودان في مجلس الأمن، كما أود أن أعرب عن تقديرنا للمملكة المتحدة خلال فترة رئاستها للمجلس الشهر الماضي.
أودُّ أيضاً أن أتقدم بالشكر للسيد فولكر بيرثيس، الممثل الخاص للأمين العام ورئيس بعثة يونتامس، على الإحاطة التي قدمها اليوم، وقد أحطنا علماً كذلك بتقرير الأمين العام المقدم للمجلس والمضمّن في الوثيقة (S/2022/400).
السيدة الرئيسة، السيدات والسادة؛
ينتظم الساحة السودانية منذ بضعة أشهر حراكاً متواصلاً يسعى لإنجاح الانتقال السياسي في السودان ووضعه في مساره نحو الديمقراطية والحرية والسلام والعدالة، ويستهدف هذا الحراك العمل علي تأليف حكومة مدنية عبر التوافق الوطني تتمخض عن العملية التفاوضية التي ترعاها الآلية الثلاثية التي تضم يونتامس والإتحاد الأفريقي، ومنظمة إيقاد والتي بدأت عدة منظمات وفعاليات سياسية على المشاركة البناءة فيها، حيث أكد لي الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي، أنه أخطر ممثل الأمين العام ورئيس بعثة يونتامس بالسعي إلي توحيد المبادرات والتوصل إلى توافق وطني ذي معنى بهدف تكوين حكومة مدنية، وفي هذه الحالة فإنه سيسلم السلطة إلى تلك الحكومة، وأن الخيار الآخر هو إكمال الفترة الانتقالية والاحتكام الى الانتخابات الديمقراطية وهي الغاية القصوى التي تهدف إليها الفترة الإنتقالية ونقّدر دعم الأمم المتحدة بضرورة التوصل إلى حل تفاوضي توافقي وطني.
السيدة الرئيسة،،،
أودُّ أن أركز على النقاط الثلاثة التالية المتعلقة بالوضع الإجمالي في السودان، ونقطة رابعة تتعلق بعمل بعثة يونتامس ومنظور الحكومة السودانية لهذا العمل، إلى جانب تعليقنا على ملاحظات الأمين العام الواردة في تقريره المعروض أمام هذا الاجتماع؛
أولاً؛ فيما يتعلق بالوضع الأمني وتنفيذ اتفاقية جوبا للسلام، نشير إلى أن الحكومة السودانية تعمل بتنسيق تام مع شركاء العملية السلمية من أجل تنفيذ بنود الاتفاق. في هذا الصدد، سيتم في خلال الأيام القليلة المقبلة تخريج الدفعة الأولى من قوات الحركات الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، ويبلغ قوام من سيتم تخريجهم عدد 2000 من عناصر الحركات المسلحة وهم يمثلون النواة للقوة الأمنية لحفظ الأمن وحماية المدنيين في دارفور والطليعة للقوات المشتركة المعنية بحفظ الأمن في إقليم دارفور والتي سيبلغ قوامها 12 ألف عنصر، مناصفة بين القوات الحكومية وقوات الفصائل الموقعة على اتفاق السلام.
إن تخريج تلك الدفعة الأولى هو خطوة أساسية في إنفاذ بند الترتيبات الأمنية، وهي تأتي بالتوازي مع استجابة الفصائل المسلحة للقرارات التي صدرت عن اجتماع المجلس الأعلى للترتيبات الأمنية، الذي عقد مؤخراً بمدينة الفاشر في مارس الماضي، لا سيما تلك المتعلقة بإخلاء المدن وعواصم الولايات من السلاح، وتجميع قوات الحركات في مواقع خارج المدن.
وأود أن أوضح أن الحكومة تقوم، وضمن تنفيذ بنود إتفاقية جوبا، بتسهيل عمل لجنة وقف إطلاق النار الدائم والتي تترأسها بعثة يونتامس، حيث تواصل اللجنة مهمتها بولايات دارفور. يجدر أن نشير إلى أن الحكومة مصممة على الالتزام بوقف إطلاق النار وإسكات البنادق حتى مع الأطراف غير الموقعة على اتفاق سلام جوبا وذلك لمنح الثقة لهذه الأطراف للانضمام لعملية السلام الشامل والمستدام، ونؤكد على أن الحكومة الانتقالية تتوافر على إرادة سياسية قوية من أجل تنفيذ بنود اتفاقية جوبا الخاصة وما يتعلق منها بالترتيبات الأمنية وبرامج التسريح ونزع السلاح وإعادة الإدماج وتشكيل ونشر القوة المشتركة لحماية المدنيين، ذلك من أجل تقوية وتعزيز الأمن في دارفور. نرجو أن نشدد هنا على أن هذه المهام شاقة وعسيرة ويصعب على حكومة السودان أن تقوم بها بمفردها على النحو المطلوب، ولذلك نناشد المجتمع الدولي بتقاسم هذه الأعباء عبر تقديم الدعم المالي والفني اللازمين للقيام بذلك، ولبعثة يونتامس دوراً كبيراً نتوقعه في هذه الناحية.
إننا عازمون على مواصلة العمل لتحسين الأوضاع الأمنية في دارفور من خلال تطبيق إتفاقية جوبا للسلام، وجمع السلاح غير المرخص به، وتحقيق العدالة والمحاسبة، وتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين بمشاركة من أطراف إتفاقية جوبا للسلام، والعمل على التفاوض مع حركة عبدالواحد بشأن العملية السلمية.
إن دارفور تمر اليوم بانتقال مهم من حفظ السلام إلى بناء السلام، وهو انتقال نتطلع من خلاله إلى دعم المجتمع الدولي لجهود الحكومة الإنتقالية من أجل إشاعة الأمن والسلم والاستقرار المستدام في المنطقة.
ثانياً؛ اندلعت اشتباكات قبليّة مؤسفة ببلدة كرينك بولاية غرب دارفور. وإذ أترحم على الضحايا وأتمنى عاجل الشفاء للمصابين، أود أن أشير إلى أنه لا يمكن فهم الأحداث القبلية في دارفور إلا بوضعها في سياقها الصحيح بحسبانها جزءً لا يتجزأ من العبء الأمني الهائل الذي ورثته الحكومة عن النظام السابق، حيث تبذل الحكومة قصارى جهدها لإيجاد حل مستدام لهذه التحديات.
ونشير إلى أنه فور اندلاع الاشتباكات القبلية عقد مجلس السيادة وكذلك المجلس الوطني للأمن والدفاع اجتماعات طارئة أسفرت عن اتخاذ إجراءات وتدابير من ضمنها:

المسارعة بإرسال تشكيلات من القوات المسلحة إلى المنطقة من أجل استعادة الأمن والسلم فيها المنطقة.

تعزيز مراقبة الحدود لمنع تدفق الأسلحة الصغيرة والخفيفة.

الشروع في تحقيق شامل في أعمال العنف لمحاسبة المسؤولين عنها.

الإسراع في تقديم المساعدات الإنسانية للمتضررين من أعمال العنف القبلية.

و في ذات إطار جهود إنهاء التوتر القبلي وعدم تكراره قام عضو من مجلس السيادة يرافقه وفد رفيع المستوى بزيارة إلى مدينة الجنينة، ونتيجة لهذه الزيارة تم اتخاذ قرارات فعالة لتنفيذ الإجراءات المذكورة أعلاه.
ثالثاً: يواصل السودان في تنفيذ إجراءات إصلاحية اقتصادية، وهي إصلاحات شديدة الوطأة على شرائح كبيرة من المواطنين لكنها ضرورية لمعالجة التشوهات الموروثة في هيكل الاقتصاد السوداني، وحتى تحقق هذه الإصلاحات الاقتصادية أهدافها المرجوة، فإننا نتطلع إلى استئناف أوجه التعاون والمساعدات التنموية من الشركاء الثنائيين الحريصين على نجاح الانتقال في السودان، وكذلك من مؤسسات التمويل الدولية، وذلك للتخفيف من آثار الإصلاحات وتخفيف عبء الدين الخارجي الذي تأهل له السودان باتخاذه للخطوات اللازمة وفقاً لمبادرة هيبيك “HIPCs” واستكمال معالجة التشوهات الاقتصادية الموروثة.
فضلاً عم ذلك، نود الإشارة في هذا الصدد إلى أن السودان فتح أبوابه لاستضافة اللاجئين من بعض دول جواره المتأثرة بأوضاع إستثنائية، سيما إثيوبيا وجنوب السودان، وبذلك أصبحت البلاد أكبر الدول المضيفة للاجئين في القارة الأفريقية. وإذ يستمر السودان في استقباله للاجئين من دول الجوار إنطلاقاً من قيمه وأخلاقه التي تحض على إغاثة الملهوف ووفاءً بالتزاماتنا الدولية، فإننا نحث المجتمع الدولي على زيادة تحمل مسؤولياته تجاه التبعات التي يتحملها السودان جراء موجات اللجوء الإنساني وما يترتب عليها من ضغوط متزايدة على الحكومات المحلية والمجتمعات المضيفة فاقم منها الوضع الاقتصادي وانتشار فيروس كوفيد 19.
رابعاً؛ بخصوص عمل بعثة يونتامس، أودُ الإشارة إلى أن الحكومة، ومن منطلق حرصها على الانخراط البنّاء مع البعثة، أعادت تشكيل الآلية التنفيذية الوطنية للتعامل مع يونتامس، وهي جهاز تنسيقي تترأسه وزارة الخارجية ويضم الأجهزة والمؤسسات ذات الصلة. وقد عكفت هذه الآلية خلال الفترة الماضية على دراسة وتقييم نشاط “يونيتامس” منذ إنشائها قبل عامين في مقابل التفويض الممنوح للبعثة، وخلصت الآلية إلى وضع مصفوفة تشتمل على أحد عشر محورًا تستند على المرجعيات التي تحكم عمل الحكومة الانتقالية وتلك التي تقيد عمل البعثة، وهي الوثيقة الدستورية واتفاقية سلام جوبا، وخطاب السودان إلى الأمين العام ومجلس الأمن في فبراير 2020م لطلب إنشاء البعثة وقرارات مجلسكم الموقر ذات الصلة، وقد تم تسليم هذه المصفوفة إلى المجلس والسكرتارية، وبالنسبة لنا فإن هذه المصفوفة هي الوثيقة الهادية لحكومة السودان للتعامل مع البعثة بهدف تحقيق الأهداف المقصودة من وجودها في السودان.
في رأينا، من الضروري اعادة تقييم موضوعية لعملية يونيتامس من حيث أنها آلية دولية لتقديم المشورة والدعم إلى الحكومات والمدنيين في مجال بناء السلام خلال فترات الإنتقال بحيث يتم التوافق على أطار منهجي وسياق مفاهيمي جديد يتميز بالغائية بجانب العمل على درء نشوب النزاعات ووضع وايلاء استقرار المجتمعات المحلية في اسبقية الأولويات بالاعتماد الكلي على الوقائع والوضعيات المحلية للنزاعات والرصيد القيمي لحل تلك النزاعات.
-لابد من تقييم أعمال ومنجزات وإخفاقات البعثة بشكل عقلاني وهو ما وافقني عليه السيد فولكر يوم أمس ووضعها ضمن الاولويات الرئيسية لعملية بناء السلام في السودان التي تجري وسط تحديات جسام.
– أن الحفاظ على السلام المستدام ينبغي ان يكون اهم مقاصد يونيتامس بجانب عملية الحوكمة الديمقراطية وحشد الدعم المالي والتنموي لإنفاذ اتفاقية سلام جوبا. وأهم المقاصد هنا هي دعم عملية حماية المدنيين في دارفور مما يستوجب تحريك الدعم الاقتصادي والتنموي وتنسيق العون الإنساني وتفعيل عملية بناء السلام.
-تاريخياً لقد تعاون السودان مع الأمم المتحدة في عدة عمليات أذكر منها علي سبيل المثال:
1- المشروعات الإنمائية المنتجة.
2- عمليات الإغاثة برعاية إدارة الشئون الإنسانية بالمنظمة.
3- عملية شريان الحياة خلال الديمقراطية الثالثة في الثمانيات .
4- دعم اللاجئين حيث ظل السودان بحكم موقعة في وسط افريقيا يشكل نقطة جذب للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين.
-أننا نرى عدم ربط الدعم التنموي بالشرطيات السياسية، لأن ذلك يضر بعملية بناء السلام المتكاملة التى تستهدفها بعثة يونيتامس.
– أن العنف مهما تعددت اسبابه لا يخلو منه مجتمع من المجتمعات في العالم ولكن عدم استواء عملية بناء السلام بأولوياتها المطلوبة لا يساعد علي تطويق المناوشات القبلية أو العنف المجتمعي وان حماية المدنيين عملية نسبية مرهونة بتنازع المصالح على الموارد الاقتصادية وتحقيق الرفاه الأقتصادي والتنموي الذي يقلل من حدة الخلافات بين وحدات المجتمع لاسيما في مناطق النزاع. ومن أجل هذا أنشئت عملية بناء السلام.
– كما أنه ينبغي الأخذ بالاعتبار المؤثرات العابره والمهددة للأمن القومي والنظام العام في دارفور بحكم الوضعيات السائدة في الجوار الإقليمي ونأمل أن تشتمل عملية بناء السلام على تخصيص الدعم لمنع انتشار الاسلحة الصغيرة ودوافع العنف الجندري وتعزيز الجهود الوطنية لتدعيم الأجهزة الشرطية والأمنية والعدلية والقضائية في دارفور، ويبدو واضحاً خطأ تعليق نشاط الحوكمة الديمقراطية بحجة انعدام السبب القانوني لمواصلة تلك الجهود ولابد من الاخذ بالاعتبار مسألة حشد الموارد الخارجية لدعم نشاط اللجنة الدائمة لوقف اطلاق النار، في دافور.
-ان الدعم الدولي المنقطع سيؤثر بالضرورة على انفاذ عملية الترتيبات الأمنية وحماية المدنيين التي تتم بموارد محلية غير كافية ضمن الوضعية الاقتصادية الراهنة كما ان التحديات التمويلية اثرت سلباً على الجهود التي ابتدرت حيال وضعية الاطفال في مناطق النزاعات المسلحة وتوقف حملات التوعية الاعلامية وقد تأثرت ايضاً جهود المجلس القومي لرعاية الطفولة وعمليات الدمج والرعاية بالمعسكرات بذلك السبب .
-كما اننا نأمل بتعزيز الخطة الوطنية لحماية المدنيين في دارفور برئاسة وزير الداخلية والتى اودعت وثيقتها بمجلس الأمن. كما أن وزارة المالية خصصت ميزانية ضمن الموارد الشحيحة المتاحة لتعزيز حماية المدنيين، وتدفقات اللاجئين لشرق البلاد.
وارجو الا ينطبق علينا هنا المثل القانوني: أن القوانيين التي تمنعنا من الفعل هي نفسها التي تلومنا على عدم الفعل.
-ان الوضعية السياسية الراهنة قابلة للتطوير بإنتظار نتيجة جهود السيد فولكر في تنسيق المبادرات الوطنية بهدف تشكيل حكومة مدنية انتقالية ثالثة وهي مرهونة بتوافق المكون المدني وأن ذلك ممكناً.
-إضافة إلى الاستجابة إلى بناء السلام وفق المنظور الوطني والبيئة المحلية المستهدفة ببناء السلام، وان ضروريات بناء السلام تتأثر بعدم التمويل الكافي علي مستوى المجتمعات المحلية مما ينعكس سلباً على وضعية المشردين داخلياً بجانب دعم آليات حل النزاعات المحلية والفجوات المتعلقة بحماية المدنيين وما ينجم عنه من عدم القدرة المالية لانفاذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين وما تواجهه من تحد بسبب التفلتات الامنية من قبل مجموعات مسلحة عابره للحدود.
عليه لابد من إعادة النظر بتمويل تلك العمليات من قبل المجتمع الدولي مع التباعد عن الحكم القيمّي مع استعداد السلطات للتعاون مع الأمم المتحدة لدفع عملية حماية المدنيين إلى مستوى أمثل.
– ان عملية خفض مستوى انشطة بناء السلام بسبب غموض أو عدم وضوح البيئة السياسية وما ينجم عنها من فراغ أنما هو رأي خاطئ لأنه لولا تعقيدات مشهد السلام لما بادرت حكومة السودان أساساً بطلب بعثة السلام الأممية، لذلك نرى أن خفض معدل الارتباط بالواقع السوداني سيؤدي إلى نتائج سلبية.
وبالرغم من ذلك نشيد بدعم صندوق بناء السلام التابع للأمين العام للحاجات المرتبطة ببناء السلام على مستوى المجتمعات المتأثرة بالمحليات الثمان في اقليم دارفور بواقع 20 مليون دولار.
ختاماً:
– نرحب بملاحظات الأمين العام الواردة في ختام تقريره الحالي لاسيما دعم سير الانتقال الديمقراطي، بالتأكيد على سلام وحوار الملكية والبصمة الوطنية تحت اشراف الآلية الأممية والاقليمية الثلاثية لتشكيل حكومة مدنية ذات قاعدة عريضة وأكمال مفاوضات السلام الدائم مع بقية فصائل دارفور وجنوب كردفان.
-ونؤمن على دعوته بمساهمة كافة الفاعلين الوطنيين واصحاب المصلحة بتذليل العقبات وخلق البيئة المؤاتية للتقدم إلى الأمام وأنه أكد أن النظامين الأقليمي والدولي علي أهبة الاستعداد لتقديم الدعم .
– وكذلك إشادته بمبادرة مجموعة حقوق الإنسان وضمان مشاركة نساء السودان في عملية السلام.
– ونثمن مطالبته بمراعاة الوضع الإنساني في السودان المتأثر بالأزمة الاقتصادية والمناخية وهزات التموين العالمية وأثرها المباشر على معدل التضخم وزيادة مستوى العوز حيث يتم تحويل 15% فقط من الضرورات الإنسانية. وكذلك مناداته بدعم رأس المال الاجتماعي والبشري السوداني بتشجيعه للدول الاعضاء بأكتشاف الخيارات المعقولة في هذا الصدد.
-ومن بينها ترفيع مستوى الشراكات الخاصة بالمؤسسات المالية الدولية التابعة للأمم المتحدة، واشادته بالجهود الوطنية المبذولة بترفيع مستوى القوة المشتركة لحفظ الأمن في دارفور وكذلك ترحيبه بلجنة وقف اطلاق النار بإعتبارها وسيلة لخفض مستوى التوترات فى دارفور بزيادة القدرة على ضبط انتهاكات وقف اطلاق النار ونقاط تجميع الوحدات المسلحة وفق اتفاقية سلام جوبا توطئة لانجاز عمليات نزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج.
-وأنه لمن دواعي السرور ان ينادي امين عام الامم المتحدة الدول الأعضاء بزيادة مستوى الدعم من قبل المانحين للبرامج ذات الأولوية في السودان بغض النظر عن الأزمة السياسية التى اشار إليها.
– وأننا ندعم اطروحة الأمين العام الخاصة بالاستثمارات في عملية بناء السلام المحلي التي من شأنها خفض بواعث النزاعات وتأمين حياة المواطنين والمجتمعات.

Share this post