الخرطوم-اليراع-وكالات- في وقت لم تعلن الآلية عن أسباب تعثر انطلاق الاجتماع أمس، قال المتحدث باسم يونيتامس فادي القاضي، إن جلسات المحادثات التي أعلنتها الآلية الثلاثية ستنعقد الأسبوع الجاري، مؤكداً في تعميم صحفي أنه لا تتوفر لديه معلومات حول وقتها بالتحديد.
وحالت تعقيدات المشهد السياسي الراهن في البلاد، وعدم التزام السلطات العسكرية بتهيئة المناخ للحوار، بالإضافة إلى استمرار مساعيها لتشكيل كتل مدنية موالية لها، دون انعقاد الاجتماع التحضيري، الذي ترفضه عدد من أطراف المعارضة وتضع له شروط أطراف أخرى، حسب تقارير صحفية محلية.
ورفضت تنسيقيات لجان المقاومة وتجمع المهنيين السودانيين الانخراط في حوار مع العسكر، في إطار الآلية الثلاثية أو غيره، بينما وضع المجلس المركزي للحرية والتغيير، شروطا للمشاركة في العملية السياسية.
وتشمل إجراءات تهيئة المناخ للعملية السياسية، التي أعلنها المجلس المركزي، إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن جميع المعتقلين وإيقاف العنف، مع الالتزام بحماية المدنيين وتمكين الحركة الجماهيرية من المشاركة في العملية السياسية في مناخ حر وسلمي.
وشددت قوى الحرية والتغيير على ضرورة محاسبة المتورطين في جرائم قمع التظاهرات وتقديمهم للعدالة.
وقالت إنها شرعت في إعداد رؤية للعملية السياسية المطلوبة لإنهاء الانقلاب لجهة رفضها في وقت سابق التصور المعروض من الآلية التي أشركت مجموعات مدنية موالية للانقلاب والنظام السابق في العملية السياسية، مؤكدة أن أي عملية سياسية يجب أن تقود إلى إنهاء انقلاب 25 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وفي وقت يبدو أن الآلية الثلاثية تواجه تحديات أدت إلى تعثر انعقاد الاجتماع التحضيري، جددت واشنطن دعمها لجهود الآلية لتسهيل عملية سياسية لاستعادة المدنيين لقيادة الانتقال الديمقراطي في السودان.
وقالت في بيان أمس إنها ترحب بالتواصل والتقدم المحرز حتى الآن، مع تقدم العملية وبدء الميسرين محادثات مع أصحاب المصلحة حول جوهر الحل، مؤكدة قناعتها بأن الآلية الثلاثية هي الأكثر قدرة على لتحقيق اتفاق مناسب لمطلوبات المرحلة الانتقالية بقيادة مدنية.
وحثت واشنطن جميع الأطراف المدنية والعسكرية السودانية على الاستفادة من هذه العملية لتحقيق تقدم ديمقراطي واستقرار وطني.
وقالت إن مساعدة وزيرة الخارجية للشؤون الأفريقية مولي في، رحبت في مكالمات هاتفية مع قادة مدنيين وعسكريين سودانيين، بالإفراج عن المعتقلين السياسيين في الأسابيع القليلة الماضية، وفي الوقت نفسه، ضغطت من أجل التنفيذ الكامل لإجراءات بناء الثقة الموعودة من قبل الجيش السوداني بما في ذلك رفع حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين المتبقين.
وأكدت على ضرورة مشاركة جميع أصحاب المصلحة بشكل بناء في العملية الميسرة للآلية وإحراز تقدم سريع في الصدد، مشددة على ضرورة قيام الجيش بنقل السلطة إلى حكومة مدنية يتم تشكيلها بموجب هذا الإطار لاستئناف الدعم المالي الدولي والمساعدة الإنمائية.
وفضلاً عن التحديات المتعلقة بمواقف الأطراف السودانية من العملية السياسية، تواجه الآلية تحديات متعلقة برفض مجموعات موالية للسلطات والمعارضة لمكونات الآلية، حيث تظاهرت مجموعات موالية للعسكر والنظام السابق عدة مرات أمام مباني يونيتامس مطالبين بطرد رئيس البعثة فولكر بيرتس.
إلى ذلك، ترفض بعض أطراف المعارضة للانقلاب مبعوث الاتحاد الأفريقي محمد ولد لبات، باعتباره من صناع الاتفاق السابق بين العسكر والمدنيين الذي انهار لاحقا بعد الانقلاب العسكري، وتعتبره تلك المجموعات موالي للعسكر وتطالب بتغييره.
والشهر الماضي، قامت السلطات السودانية بتحركات في مجلس الأمن لتحديد مهام يوناميد بما لا يشمل العمل السياسي.
وبالإضافة إلى ذلك، أشارت تقارير صحفية محلية، إلى تباين الرؤي بين مبعوثي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي حول شكل ومضمون العملية السياسية المطلوبة لإنهاء الأزمة السودانية.
وعلى الرغم من ذلك، ظلت الآلية تؤكد عملها بشكل مشترك لدعم السودانيين على إيجاد مخرج من الأزمة الحالية الناتجة عن الانقلاب العسكري في 25 أكتوبر/ تشرين الأول، وتيسير العودة للوضع الدستوري ومسار انتقالي نحو الحكم المدني والديمقراطية والسلام في السودان. وقال رئيس يونيتامس فولكر بيرتس، في تصريحات سابقة، إن الآلية لا تعمل على فرض أي حل على السودانيين، ولكن لتسهيل عملية الوصول إلى حل يكون سودانياً. وأشار إلى أن نتائج المشاورات السابقة، أظهرت كثير من مجالات التوافق والتقارب وأظهرت أن الوصول الى حل هو أمر ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية.
وأضاف: “ليس لدينا متسع من الوقت، في وقت تشهد البلاد تدهور اقتصادي واجتماعي وأمني خلال الأشهر الماضية”، وتابع: “هناك مواقيت مهمة تتعلق بالإعفاء من الديون ومِنح من البنك الدولي ستضيع على السودان إن لم يتم التوصل الى حل قبل شهر يونيو/ حزيران الماضي”. وأكد التزام الأمم المتحدة بالتعاون مع شركائها في الميسرين من الاتحاد الأفريقي والإيغاد لمساعدة الأطراف السودانية على التوصل لحل يعيد البلاد الى مسار انتقالي حقيقي ينتهي بانتخابات حرة وحكم مدني ديموقراطي يحقق طموحات الشعب السوداني.
ولا يمكن استدامة أي حل أو مساومة بين النخب بدون مشاركة وقبول الشباب والنساء ولجان المقاومة، حسب بيرتس، الذي يرى أن المطلوب في الوقت الراهن، حل غير معقد، يصلح للمرحلة الانتقالية المحدودة بطبيعتها.
وفي وقت تعمل مجموعة واسعة من القوى الرافضة للانقلاب، أبرزها لجان المقاومة على ما أسمته بالتأسيس لمرحلة جديدة لسلطة الشعب تناقش كل القضايا السودانية، تقول الآلية المشتركة للوساطة، أن المرحلة القادمة لا تكفي للتركيز على كل القضايا العالقة، ولكن على قضايا الخروج من الأزمة، مشيرة إلى ضرورة أن تتم مناقشة القضايا الأخرى في مرحلة أخرى لحوار سوداني حول الأسئلة الهيكلية الهامة مثل الدستور وتوزيع الموارد والعلاقة بين المركز والهامش.
ومن المتوقع أن يواجه الحوار تعقيدات عديدة في ظل النهج الذي تتبعه الالية الثلاثية، من حيث فتحها الباب لمشاركة قوى سياسية كانت تشارك نظام الرئيس المخلوع عمر البشير حتى سقوطه في 11 أبريل/ نيسان، الأمر الذي ترفضه قوى الثورة وليس الحرية والتغيير فحسب.
بجانب ضرورة تحقيق مطلوبات انعقاد الحوار قبل تحديد موعده، التي أعلنت عنها الحرية والتغيير وعدداً من قوى الثورة، وتشمل إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين وايقاف العنف والقمع للتظاهرات الرافضة للانقلاب.
وهنالك من يرى أن دخول الاتحاد الافريقي في العملية السياسية التي قادت يونيتامس المرحلة الأولى منها، عقد عمل الوساطة وأخرجها عن مسارها، مشيرا إلى أن مبعوث الاتحاد الأفريقي غير مقبول لبعض قوى الثورة التي ترى أنه عمل على إلحاق أطراف غير ذات صلة بالحوار، في ظل مخاوف من إغراق العملية السياسية والجنوح عن الهدف الأساسي للحوار وهو خروج العسكريين من المشهد وتسليم السلطة للمدنيين.
ويوافق هذا الرأي كثيرون مشيرين الى النتائج التي تلت المتمثلة في تسرع الآلية المشتركة في تحديد موعد الإجتماع التحضيري،
كما يشير البعض أيضا الى انه حتى الان لم يقدم الطرف العسكري اي تنازلات مسبقة بموجبها يتم الحوار وأن يكون هناك اتفاق على شكل العلاقات المدنية العسكرية مستقبلاً، بالإضافة لتحديد مهام الفترة الانتقالية وربطها بفترة زمنية غير طويلة يحدد بعدها موعد للانتخابات.