الخرطوم- اليراع- (رويترز) – قال سكان إن اشتباكات مسلحة اندلعت امس الاثنين في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور وأقصى مدينة في غرب السودان، مع اتساع نطاق العنف جراء القتال الذي أودى بحياة العشرات في بلدة قريبة في مطلع هذا الأسبوع.
وتزايدت الاضطرابات في أنحاء دارفور في العامين الماضيين. وفي أوائل العقد الأول من القرن الحالي، أدت الحرب بين المتمردين والقوات الحكومية المدعومة من الميليشيات إلى مقتل ما يقدر بنحو 300 ألف شخص ونزوح الملايين.
وكانت الاشتباكات التي وقعت في مطلع الأسبوع وأدت إلى مقتل وإصابة نحو 300 شخص من بين أكثر الاشتباكات دموية في المنطقة خلال العامين الماضيين. وفي العام الماضي وحده، نزح حوالي 430 ألفا.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إنه لم يتسن تحديد عدد القتلى يوم الاثنين، لكن ما لا يقل عن عشرة أشخاص قُتلوا.
وقال أحد سكان الجنينة امس”بنسمع الرصاص من بعد المغرب. أنا سامع الصوت حسي”.
وأضاف في حديث عبر الهاتف “كل زول متدسي جوا بيته عشان الضرب في الشارع، وما في زول قادر يمرق”. وامتنع عن ذكر اسمه خوفا على سلامته.
وقال محللون وناشطون إن بعض الجماعات التي لم يتم ضمها إلى اتفاق للسلام أُبرم عام 2020 ربما صارت أكثر عدوانية. ولم تتشكل بعد بالكامل في أنحاء المنطقة قوة حفظ السلام المشتركة التي دعا إليها هذا الاتفاق.
* تصاعد المعارك في مطلع الأسبوع
بدأت المعارك الأحدث بعد اشتباك يوم الخميس بين أفراد من قبائل مختلفة، بحسب جماعات حقوقية ناشطة في المنطقة.
وتصاعدت يوم الجمعة بهجوم لميليشيات الجنجويد على بلدة كرينك قرب الجنينة أسفر عن مقتل تسعة أشخاص على الأقل، بحسب المنسقية العامة للنازحين واللاجئين.
والجنجويد هو الاسم الذي يُطلق على ميليشيات يحملها البعض مسؤولية بعض من أسوأ الأعمال الوحشية في دارفور.
وظل الوضع في المنطقة متوترا قبل هجوم آخر يوم الأحد على كرينك، موطن نحو 40 ألفا من النازحين، حيث قُتل ما لا يقل عن 168 شخصا وأُصيب 98 آخرون، بحسب المنسقية.
وقالت نقابة المحامين في دارفور يوم الاحد إن الاشتباكات أدت إلى تشريد ما لا يقل عن 20 ألفا بعد احتراق منازلهم.
وامتد القتال إلى الجنينة حيث تعرض المستشفى الرئيسي بالمدينة للهجوم وقُتل أربعة أشخاص، بحسب لجان الأطباء.
وقال سكان يوم الاثنين إنهم لم يروا أي علامة على تدخل الجيش.
وأضافوا أن القتال امس الاثنين بدا أنه بين ميليشيات الجنجويد وجماعات متمردة مما أعاد إلى الأذهان الصراع في أوائل العقد الأول من القرن الحالي.
وتدعم ميليشيات الجنجويد الحكومة في مواجهة متمردين معظمهم من غير العرب اتهموا الحكومة بإهمال المنطقة.
ومَثُل رجل متهم بأنه من زعماء الجنجويد أمام المحكمة الجنائية الدولية في وقت سابق من هذا الشهر بتهم ارتكاب جرائم حرب.
وبينما انضمت بعض الجماعات المتمردة إلى الحكومة في اتفاق سلام عام 2020، دخل بعض أفراد الجنجويد في قوات الدعم السريع شبه العسكرية التي هي أيضا جزء من الحكومة.
إدانات دولية
ومن جهة اخرى ادانت الولايات المتحدة، امس الاثنين ، العنف ضد المدنيين في محلية “كرينك” ، داعية إلى نشر فوري لقوة حفظ سلام بالإقليم.
جاء ذلك في بيان صادر عن السفارة الأمريكية بالخرطوم،
ومن جهتها دعت بريطانيا، كذلك امس الإثنين، الأطراف السودانية إلى تحمل مسئوليتها لمنع مزيد من العنف في إقليم دارفور، غربي البلاد، ودعم الضحايا.
جاء ذلك في بيان صادر عن السفارة البريطانية بالخرطوم،نقلته وكالة الأناضول.
وأعرب سفير المملكة المتحدة بالسودان جايلز ليفر بحسب البيان، عن “أسفه وصدمته للعنف والدمار والمستمرين في ولاية غرب دارفور”.
وأضاف “هذه ليست حادثة معزولة، وقد تصاعدت أعمال العنف في دارفور منذ أِشهر ومن الضروري أن تتحمل جميع الأطراف السودانية المعنية مسؤولياتها لمنع مزيد من العنف ودعم الضحايا”.
ودعا البيان السلطات السودانية إلى “تكثيف الجهود لتنفيذ الخطة الوطنية لحماية المدنيين بالاشتراك مع الموقعين على اتفاق جوبا للسلام ( الحركات المسلحة الموقعة أكتوبر/تشرين أول 2020)”.
وتابع “هذه الأحداث المأسوية في دارفور تؤكد الحاجة الملحة لإحراز تقدم سريع نحو اتفاق يعيد تشكيل حكومة انتقالية بقيادة مدنية تحظى بدعم شعبي”.
وحتى اليوم لم تصدر عن السلطات السودانية إفادة بشأن حصيلة الخسائر البشرية والمادية في أحداث “كرينك” ولا أسباب النزاع القبلي.
وتعليقًا على تلك الأحداث قال بيان السفارة الأمريكية “ندين بشدة العنف المرتكب ضد المدنيين وتشريد الآلاف في كرينك، ونحث جميع الجناة على الكف فوراً”.
وشدد على أنه “يجب على قوات الأمن الوفاء بالتزاماتها لضمان سلامة المتضررين من هذه الأعمال المؤسفة”.
وأضاف “ندعو للنشر الفوري لقوة حفظ السلام في دارفور ، وتنفيذ الترتيبات الأمنية لاتفاقية جوبا للسلام، وتطوير مبادرات لتعزيز التعايش السلمي بين المجتمعات.”
وفي أكتوبر/ تشرين أول 2020، وقعت الخرطوم اتفاقا لإحلال السلام مع حركات مسلحة ضمن تحالف “الجبهة الثورية”، فيما تخلفت عن الاتفاق “الحركة الشعبية ـ شمال” بزعامة عبد العزيز الحلو، وحركة “تحرير السودان” بقيادة عبد الواحد نور، والتي تقاتل القوات الحكومية في دارفور.
وفي 2003، اندلع في دارفور نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.
وتشهد مناطق عديدة في دارفور من حين إلى آخر اشتباكات دموية بين القبائل، ضمن صراعات على الأرض والموارد والمياه ومسارات الرعي.
الدفع بقوات امنية لاحتواء الصراع
وامس قرر مجلس الدفاع والأمن السوداني، الدفع بقوات لاحتواء اقتتال قبلي في ولاية غرب دارفور غربي البلاد.
جاء ذلك في جلسة طارئة للمجلس، برئاسة رئيس مجلس السيادة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، في القصر الرئاسي بالخرطوم، وفق بيان للمجلس .
ومجلس الدفاع والأمن هو أعلى هيئة أمنية بالبلاد، ويتكون من أعضاء مجلس السيادة الانتقالي ورئيس الوزراء ووزيري الداخلية والدفاع ومدير المخابرات.
وذكر البيان أن المجلس استمع إلى تقارير الأجهزة الأمنية المختصة بشأن أسباب تجدد الصراعات ذات الطابع القبلي في ولاية غرب دارفور، خاصة في مدينة الجنينة ومحلية (منطقة) كرينك (دون تفصيل).
وقال وزير الدفاع الفريق ياسين إبراهيم ياسين، بحسب البيان، إن “المجلس اتخذ عدة إجراءات شملت تعزيز التواجد الأمني بولاية غرب دارفور بدفع قوات للفصل بين الأطراف واحتواء الموقف”.
وأكد “ضرورة استكمال الجهود والترتيبات الأمنية والاستمرار في إنفاذ نصوص اتفاق جوبا لسلام السودان”.
وهذا الاتفاق وقعته الحكومة مع حركات مسلحة في 3 أكتوبر/ تشرين الأول 2020.
وأردف ياسين أن “المجلس كلف وفدا للوقوف على الأحداث بولاية غرب دارفور وتهدئه الأوضاع وتكوين لجنة لمعالجة الأوضاع الإنسانية وتحسين وتطوير بيئة لعمل النيابات والمحاكم