بعد مظاهرات السادس من أبريل/نيسان الجاري، بدأت القوى المناهضة للعسكر تستشعر خطر تشرذمها في مواجهة خطوط موالية تتجمع لتشكيل حاضنة سياسية تنجز تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية تشرف على إجراء الانتخابات.
أحمد فضل- الخرطوم- منذ اللحظات الأولى للإجراءات التي اتخذها قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تحرك الشارع لصد هذه الإجراءات، واستمرت المظاهرات حتى أبريل/نيسان الجاري من دون وصول المتظاهرين لمبتغاهم رغم وصولهم أكثر من مرة إلى القصر الرئاسي بالخرطوم، وهو ما جعل مؤيدين للحراك يطرحون أسئلة بقوة على منصات التواصل الاجتماعي عقب موكب 6 أبريل/نيسان الجاري تتعلق بالمدى الزمني المطلوب للاحتجاجات بإعادة العسكر لثكناتهم كما يطالب منظموها في ظل عدم وجود غطاء سياسي لحراك الاحتجاجات الذي تقوده لجان المقاومة، وذلك بفعل قطيعة بين القوى السياسية ولجان مقاومة آخذة في الاتساع.
وفي مسعى لتحقيق التقارب والتنسيق بين الكتلتين، فإن كوادر سياسية ومهنية محسوبة على قوى إعلان الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي تبسط أمامها خريطة لجان المقاومة في العاصمة الخرطوم والولايات النشطة في الحراك المناهض للعسكريين في السلطة، لفرز اللجان القريبة والبعيدة من الوحدة.
وهي إزاء ذلك تنظر إلى لجان المقاومة في الأحياء بوصفها قلاعا موالية أو غير موالية لدعوات توحد قوى الثورة المبذولة منذ نحو أشهر بلا طائل.
ورغم أن كل الأطراف المناهضة للعسكريين توصلت إلى أن الوحدة هي الكلمة السحرية لإسقاط ما يرونه انقلابا نفذه قائد الجيش رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي، فإنها في الوقت ذاته تعجز حتى الآن عن الوصول لهذا الهدف.
ويقول “أ ر” -كادر في قوى الحرية التغيير، المجلس المركزي، ينشط في الاتصال بلجان المقاومة- إن قيادة لجان المقاومة للشارع نجحت يوم 19 ديسمبر/كانون الأول الفائت في إيصال عشرات الآلاف إلى القصر الرئاسي بالخرطوم بعد تمكن المتظاهرين من عبور الجسور.
لكن الكادر ذاته يؤكد -للجزيرة نت- أنه نسبة لعدم وجود غطاء السياسي لم يتحصل الحراك الجماهيري على نتائج سياسية في ذلك اليوم، الذي صادف الذكرى الثالثة للثورة السودانية.
مناسبات ثورية
ولارتباط المظاهرات الكبيرة بمناسبات خاصة بالثورة، انتظر المناهضون للعسكر تواريخ 6 و11 من أبريل/نيسان الجاري، الذكرى الثالثة لسقوط الرئيس المعزول عمر البشير، لكن المظاهرات في هذين اليومين عبرت من دون تحقيق المراد.
وهذه المرة اضطر المؤيدون للحراك الجماهيري لطرح السؤال الملح عن المدى الزمني المطلوب لإعادة العسكر إلى ثكناتهم، كما يهتفون، في ظل عدم وجود غطاء سياسي لحراك الاحتجاجات الذي تقوده لجان المقاومة، وذلك بفعل قطيعة بين القوى السياسية ولجان المقاومة الآخذة في الاتساع.
لكن عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير شهاب إبراهيم يقر -في حديث للجزيرة نت- بعدم وجود نتائج مباشرة للحراك في الشارع رغم الزيادة المستمرة فيه.
ويقول إبراهيم إنه بناء على ذلك -حتى يصل الحراك لأهدافه السياسية المباشرة- لا بد من وحدة تنسيق العمل الميداني لتقليل ما أسماه “الموت المجاني” خلال المظاهرات.
ويضيف أنه لا بد أيضا من تنسيق سياسي وإعلامي للحراك ووحدة بين القوى الثورية المناهضة لما وصفه بالانقلاب.
خطر قريب
وبعد مظاهرات السادس من أبريل/نيسان الجاري، بدأت القوى المناهضة للعسكر تستشعر خطر تشرذمها في مواجهة خطوط موالية تتجمع لتشكيل حاضنة سياسية تنجز تشكيل حكومة تكنوقراط انتقالية تشرف على إجراء الانتخابات.
وبعد مظاهرات الأربعاء الماضي، دوّن رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير مقالا -على حسابه بموقع فيسبوك- قال فيه “إن المسؤولية الوطنية والأخلاقية واعتبارات الرشد السياسي تقتضي أن تنهض كل قوى الثورة، دون تردد أو مماطلة، لمواجهة الحقيقة وأداء الفريضة الغائبة، وهي التنسيق الفوري عبر جبهة عريضة بقيادة سياسية موحدة”.
كما أصدرت قوى الحرية والتغيير بيانا حددت فيه لأول مرة أطراف الجبهة العريضة، فضلا عن هيكل يتولى قيادة مشتركة تؤدي إلى إسقاط “الانقلاب”.
وحدد التحالف أطراف الجبهة الموحدة بـ4 دوائر مدنية رئيسية: قوى الحرية والتغيير والقوى السياسية المناهضة للانقلاب، ولجان المقاومة حول السودان، والقوى والأجسام المهنية والنقابية، والمجتمع المدني العريض.
وحتى الحزب الشيوعي الذي اتخذ شروطا لوحدة القوى السياسية أفاد -في بيان أمس الأحد- بأن “الوضع يتطلب المزيد من التنظيم في مجالات السكن والعمل والدراسة ووحدة وتلاحم قوى الثورة، وصولا للمركز الموحد والميثاق الثوري الذي يحقق الحد الأدنى لإسقاط الانقلاب وقيام الحكم المدني الديمقراطي وإلغاء اتفاق جوبا للسلام”.
في انتظار الذروة
وبما أن لجان المقاومة هي التي تسيطر على الشارع بحكم أن المظاهرات تخرج تلبية للدعوات التي تطلقها، سيكون على القوى السياسية إحكام التنسيق معها، وصولا لغطاء سياسي للحراك الجماهيري.
وحسب شهاب إبراهيم القيادي في قوى الحرية والتغيير، فإن هناك تواصلا مع عدد كبير من لجان المقاومة مؤمن بالوحدة، لكن التحالف الذي شكل الحكومة المعزولة في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي يريد إقناع أكبر قدر من هذه اللجان.
وتوقع إعلان عمل سياسي في وقت قريب من دون أن يحدد سقفا زمنيا لذلك.
لكن مصادر متطابقة تقول -للجزيرة نت- إن يونيو/حزيران المقبل سيمثل ذروة عمل سياسي مشترك لإسقاط العسكريين في السلطة.
وحتى ذلك التاريخ، سيكون الحراك الشعبي المناهض للعسكر مترقبا لما تسميه لجان المقاومة “مليونيات” في ذكرى فض الاعتصام في 29 رمضان، وفي الثالث من يونيو/حزيران المقبل في ذكرى “مليونية 30 يونيو/حزيران 2019”.
رؤية لجان المقاومة
ويرى عثمان سر الختم أحد المتحدثين باسم لجان المقاومة -في تصريح للجزيرة نت- أن “المظاهرات حققت نتائج كثيرة منها، إرهاق القوات الأمنية وإضعاف الانقلاب، وإرسال رسائل للخارج برفض الحكم العسكري”.
ويقر سر الختم بأن المظاهرات بالفعل تحتاج إلى غطاء سياسي تعمل لجان المقاومة عليه عبر ميثاق سلطة الشعب الذي سيطرح على قوى الثورة في الشارع للتوقيع عليه بعد الفراغ من التعديلات.
ويؤكد أنه لا توجد حاليا مناقشات مع قوى سياسية وفي الوقت ذاته ينفي وجود فجوة بين لجان المقاومة والقوى السياسية لجهة أن الجميع متحد حول هدف إسقاط النظام وإعادة الحكم المدني.
ويشير إلى أن الفجوة الموجودة بين الأطراف تتعلق بكيفية بناء الجبهة الموحدة ويوضح أن رأي لجان المقاومة أن يبنى التحالف على أساس ميثاق سلطة الشعب الذي طرحته مارس/آذار الماضي، مع احتمال أن يكون هناك تنسيق بين “القوى الثورية” حال تطلب الأمر عدم انتظار اكتمال الميثاق.