راي.. أموال حميدتي مشبوهة وقبولها من اي جهة مشاركة في الفساد الى ان يثبت العكس

مدونة – حاتم المدني 

اذا ما أدخلت في خانة البحث في اي متصفح للاخبار كلمتي “حميدتي يتبرع” الاسم الشهير لنائب رئيس مجلس رأس الدولة للحكومة الانتقالية بالسودان وزعيم مليشيات الجنجويد التي أرتبط أسمها بالعديد من الانتهاكات الانسانية والمجازر والاغتصابات في اقليم دارفور والعاصمة الخرطوم والتي تحولت لاحقًا الى ما يسمى بقوات الدعم السريع سيظهر لك البحث عن عشرات من اخبار التبرعات المادية الكبيرة والعينية في كافة الانشطة والمجلات في السودان حتى اتجاه مشاريع البنية التحتية للدولة والمستشفيات والمدارس وغيرها من التبرعات السياسية و الاجتماعية والإنسانية.

غالبية نتائج البحث هذه تظهر ان حملة التبرعات التي شنها حميدتي بدأت فيما بعد الإطاحة بنظام ألرئيس السابق عمر البشير في ثورة شعبية كبيرة حيث كان حميدتي جزءا من النظام البائد ومتهم رئيسي بالمشاركة في كل الجرائم نالتي ارتكبت في تلك الفترة واحد المقربين من الرئيس البشير شخصيا وعضو لجنة النظام الأمنية لكنه اختار ان يعلن انحيازه ومليشياته للثورة السودانية وساهم مع قيادات الجيش في اجبار ألرئيس السابق بالتنحي .

لا احد يعلم الكثير عن خلفية حميدتي وأسرته ومليشياته الى ان ظهرت في مآسي إقليم دارفور عندها قام النظام السابق بإنكار وجودها على ارض الواقع عندما بدأت تظهر جرائمها وأحيطت بسرية تامة وتم اخراجها من اقليم دارفور بعد دخول القوات الاممية وعادت لتظهر مرة أخرى عند الإعلان عن تسميتها بقوات الدعم السريع بعد عشرة اعوام لاحقة على اساس انها قوات تتبع لجهاز ألأمن السوداني.

وحتى قيام ثورة ديسمبر لم تكن الدولة تعلن رسميًا بصورة منفصلة عن مقدار ميزانية المليشيات التابعة لها وكان يشار اليها بانها تابعة لميزانية جهاز الامن والجيش في الموازنة العامة

وفي العام ٢٠١٢ عندما بدأت تحقيقات دولية ومحلية تكشف عن تمويل المليشيات لنفسها بجانب مداخيلها من الحكومة من التعدين العشوائي في الذهب وتهريبه وبيعه لبنك السودان في ما عرف بقضية (جبل عامر) اعلنت الحكومة وقتها ان المنطقة تتبع اسرة حميدتي قبل ان تتراجع وتعلن عبر وزارة التعدين والثروة المعدنية عن بيعها لمنطقة التعدين لأسرة حميدتي

بعد ذلك كشفت تحقيقات لمنظمة غلوبال وتنس التي تتتبع الثروات الطبيعية والمعدنية المنهوبة وقضايا الفساد ان مليشيات الجنجويد تمتلك شبكة من الشركات الاجنبية تشتري من خلالها معداتها وأسلحتها على عكس المعلن عنه رسميًا في ذلك الوقت كونها جزء من الجهاز الامني والجيش وبالتالي تعاملاتها حكومية ومن المال العام عبر الاجهزة الرسمية لكن حميدتي ظل ينفي علاقته بزراعها المالي والتجاري تمامًا

لكن سريعًا ما بدآ انكار حميدتي وتكتمه عن ضلوعه في تجارة الذهب وامتلاك شركات اجنبية في الانكشاف حين واجهته وكالة الانباء الدولية رويترز وغيرها من المحققين بالمستندات التي تثبت ضلوعه ووجود أسمه كمالك لشركة اجنبية في وثائق رسمية والتي في المقابل رفض حميدتي اي تعليق حولها الى اليوم.

بعد قيام الحرب في دولة اليمن ومشاركة قوات التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات والاعلان عن مشاركة الجيش السوداني بها في بادئ الامر قبل ان يعلن نظام البشير أن القوات المشاركة هي مليشيات الجنجويد التابعة لحميدتي وحتى ذلك الوقت لم يعلن عن مقابل مادي منفصل لها مقابل مشاركتها في القتال هنالك مرة اخرى اتضح لاحقًا أنها تتلقى مرتبات افرادها المشاركين من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات مما جعلها تندرج تحت قائمة المرتزقة التي ظل ينفيها النظام السابق تماما .

كذلك مرة اخرى تكشف ذلك تماما عندما اعلن مسؤولين في النظام السابق بآن المرتبات والمقابل المادي الذي تتلقاه هذه المليشيات يحول لها مباشرة وبالكامل عبر البنك المركزي مما اثار تساؤلات عديدة حول ميزانية كل من الاجهزة الأمنية والجيش الذي تتلقى منه مليشيات حميدتي كذلك ميزانية منفصلة.

الظهور العلني لثروات حميدتي والسخاء المنقطع النظير

بعد نجاح ثورة ديسمبر الشعبية توجهت الانظار الى أهم مطالبها وهي أستعادة الشركات الامنية الكثيرة التى انشئت من المال العام في عهد النظام السابق وأحيطت بسرية كاملة وحماية من النظام و المطالبة بمحاسبتها وخضوعها لوزارة المالية حيث كان الرئيس المخلوع البشير قد اصدر قرارًا رئاسي سابق يمنع بموجبه خضوعها لسلطات المراجع العام وبالتالي لم تتم مراجعتها ومعرفة انشطتها المالية طوال فترة النظام السابق.

تسبب هذا المطلب الرئيسي للثورة في أزمة كبيرة بين الجيش المشارك في الحكم الانتقالي والممثل في شخصية حميدتي والفريق عبد الفتاح البرهان وقيادات اخرى وبين الحكومة المدنية الممثلة للثورة برئاسة عبدالله حمدوك الذي وعد مرارًا بتنفيذ تلك المطالب لكن ظلت قيادات المكون العسكري تماطل في خضوع تلك الشركات للتحقيقات المالية ومعرفة انشطتها والمال العام بها الى اليوم .

لكن حميدتي سارع في بداية الحكم الانتقالي مستغلًا الظرف الاقتصادي الصعب التي كانت تمر به الموازنة العامة للحكومة في الاعلان عن استعداده الى دعم الواردات من دون الاعلان مرة اخرى عن مصادر المال حيث سارع بالإعلان عن تكوين محفظة السلع الاساسية برئاسته والتي تشرف على شركات التوريد المحلية والتجار الراسماليين احتكار توريد السلع الأساسية التي تحتاجها الدولة حينها مقابل امتياز تصدير الذهب, هنا عادت قصص علاقته بتصدير الذهب والاتهامات بتهريبه تطفوا على السطح مرة اخرى فسارع حميدتي بالإعلان عن اعادة حقوق التعدين في منطقة جبل عامر الى الشركة الحكومية للمعادن في صفقة اعتبرت في صالح الحكومة مقابل خمسين مليون دولار مرة اخرى من دون الإعلان عن كشوفات شركته المالية لفترة التعدين في تلك المنطقة المعلن عنها منذ عام ٢٠١٢ او ايا من عقودات التعدين والانشطة التجارية الاخرى الضالعة فيها اسرته او هو شخصيًا او السجلات الضريبية لها.

منذ ذلك الحين بعد تزايد السخط الشعبي على مليشياته ودورها في قمع الثوار وارتكابها لمئات الجرائم ضد المواطنين العزل مرة اخرى في العاصمة الخرطوم ومشاركتها في ماعرف بمجزرة القيادة العامة والمطالبات بمحاكمتهم وحلها او ضمها للجيش السوداني والذي يرفضه حميدتي سارع بشن حملة كثيفة للتقرب من الرأي العام وتحسين صورته ومليشياته وشراء ولاء الزعماء السياسيين والقبليين والادارات الاهلية باقاليم السودان مستخدمًا صفته الاعتبارية كنائب اول لرئيس المجلس السيادي وعضوية اللجنة الأمنية في تبني العديد من المشروعات والخدمات والانشطة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ماديًا بسخاء منقطع النظير

لكن في كل هذه التبرعات التي اعلن عنها لم يعلن من جانبه نسبة تبرعه بالتحديد مقابل نسبة مشاركة الدولة الممثلة في المال العام فيه ،حتى لم يعد اي مراقب للشئون المالية او السياسية في السودان يعلم بالتحديد ان كان إعلانه وتبنيه للمشروعات هو من قبل الدولة وبالتالي من ميزانيتها العامة المستقبلية ام من ثروته الشخصية التي لايعلمون عنها شيئًا كذلك

مصادر حميدتي المالية غير معروفة وحتى المعلنة مثالًا التعدين لا احد يعرف انشطتها ومناطقها وحجمها وسجلاتها المالية او الضريبية وطريقة حصولها على الامتيازات او غيرها

كذلك الاموال التي يتلقاها مقابل مشاركة مليشياته في حرب اليمن التي اعترفت بها الدولة او تلك التي لم تعترف بها بعد لا احد يعرف حجمها او طرق استلامها او نصيب الحكومة منها او دافع الضرائب

هذا غير الاتهامات غير المثبتة بعد بتلقيه اعانات مالية مباشرة من دول اجنبية بما في ذلك نصيب مليشياته من حزمة الاعانات المالية الدولية للمشاركة في منع الهجرات غير الشرعية العابرة للحدود

الى حين كتابة هذا المقال والى حين مراجعة الدولة بصورة شاملة لثروة حميدتي وانشطته التجارية ومداخيل مليشياته والحقوق القانونية والمالية والضريبية المترتبة عليها يظل آي مليم احمر تبرع به او استلمته منه اي جهة مال مشبوه ومواصلة لعهود الفساد في السودان

Share this post