الخرطوم -اليراع-وكالات – خرج آلاف السودانيون في العاصمة الخرطوم وعدد من مدن البلاد الأخرى، الخميس، في تظاهرات جديدة لم تكن معلنة وجاءت بعد أقل من 24 ساعة من حملة اعتقالات واسعة، طالت عددا من الساسة وأعضاء لجان المقاومة، وأثارت مخاوف من تضاؤل فرص الحل السياسي في ظل تزايد حالة عدم الثقة بين الشقين المدني والعسكري. طالت شخصيات سياسية.
وأنهى الانقلاب شراكة بين الجيش والأحزاب السياسية المدنية مما أثار إدانات دولية وأدى لانزلاق البلاد إلى هاوية اضطرابات سياسية واقتصادية.
وتنظم لجان المقاومة الاحتجاجات التي اجتذبت مئات الآلاف للمشاركة. وقتل على الأقل 79 وأصيب أكثر من ألفين في حملات أمنية ضد المظاهرات.
وخرج مئات المحتجين يوم الخميس عن المسارات المقررة سلفا في محاولة جديدة للوصول للقصر الرئاسي لكن قوات الأمن تصدت لهم بالغاز المسيل للدموع وبوجود مكثف في منطقة تبعد أكثر قليلا عن كيلومتر من القصر.
وقال صالح حامد وهو طالب جامعي في الثانية والعشرين من العمر “سنواصل التظاهر في الشوارع حتى نسقط الحكم العسكري ونعيد الديمقراطية”.
وخرجت احتجاجات أخرى في الناحية الأخرى من النيل في مدينتي أم درمان وبحري وفي القضارف وسنار.
وتفاقمت المشكلات الاقتصادية، التي يعاني منها السودان منذ فترة طويلة، الشهر الماضي بعد إغلاق شريان الشمال، وهو طريق رئيسي للشاحنات التي تحمل الصادرات من السودان إلى مصر.
والاحتجاج الذي بدأ في الأساس بسبب ارتفاع أسعار الكهرباء للمزارعين اتسع نطاقه ليشمل رفض الحكم العسكري والمطالبة بالمزيد من الدعم للمزارعين والتجار كما أدى لمحاصرة مئات الشاحنات المصرية في السودان.
وبينما عبر بعض المتظاهرين في الخرطوم عن معارضتهم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهو مسعى قاده الجيش، شارك آخرون في المسيرات من أجل أكثر من ألفي شخص يقول محامون إنهم اعتقلوا منذ الانقلاب. وقال أحد المحامين يوم الخميس إن أكثر من مئة منهم لا يزالون يقبعون في السجن.
واعتقلت السلطات يوم الأربعاء اثنين من أبرز المنتقدين السياسيين للجيش وهما خالد عمر يوسف ووجدي صالح.
ونقلت وكالة السودان للأنباء عن العميد الطاهر أبو هاجة المستشار الإعلامي للحاكم العسكري عبد الفتاح البرهان قوله في بيان إن اعتقالهما لم يكن لأسباب سياسية وإن التحقيقات جارية.
وذكر بيان من الادعاء أن صالح وآخرين يواجهون اتهامات بمخالفة القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد والعملة الأجنبية والإجراءات المالية.
وأعلن قادة الحراك في عدد من الميادين الرئيسية، أن الاحتجاجات المطالبة بالحكم المدني ستستمر من أجل إبعاد الجيش عن المشهد السياسي، مطالبين كافة شرائح الشعب السوداني بالدخول في عصيان مدني شامل.
وواصلت قوات الأمن السودانية تصديها للمحتجين بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، في ظل انتشار أمني كثيف في المنطقة القريبة من القصر الرئاسي وسط الخرطوم.
وبالتزامن مع الاحتجاجات الشعبية، تتفاقم الأوضاع الاقتصادية سوءا حيث واصل الجنيه هبوطه في السوق الموازية، مع تداول الدولار الواحد بنحو 500 جنيها في ظل تراجع تحويلات المغتربين وشح المعروض من النقد الأجنبي، فيما أدى ارتفاع الدولار إلى زيادة ملحوظة في أسعار العديد من السلع الرئيسية.
والشهر الماضي زاد تفاقم المشكلات الاقتصادية، التي يعانيها السودان منذ فترة طويلة، وذلك بعد إغلاق شريان الشمال، وهو طريق رئيسي للشاحنات التي تحمل الصادرات والواردات بين من وإلى مصر، بسبب احتجاج المزارعين على زيادة وصلت إلى 500 بالمئة في أسعار الكهرباء التي يعتمدون عليها بشكل أساسي في الري.
وشددت بعض الكيانات التي كانت تدعو خلال الأسابيع الماضية لحلول توافقية من لهجتها، وذلك في أعقاب الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الأجهزة الأمنية، وورود تقارير عن تزايد أعداد المعتقلين وتعرض بعضهم للتعذيب.
وقال حزب الأمة القومي، وهو أكبر الأحزاب السودانية، في بيان، الخميس، إن البلاد دخلت “أزمة سياسية أكثر حدة بسبب الواقع المعقد الذي أفرزته الإجراءات التي اتخذها الجيش في الخامس والعشرين من أكتوبر، والعنف المفرط في مواجهة المواكب السلمية”.
ووفقا للجنة محامي الطوارئ التي تتابع ملفات المعتقلين منذ 25 أكتوبر، تزايدت حملة الاعتقالات بشكل لافت خلال اليومين الأخيرين من خلال مداهمات في المنازل والمكاتب.
وقالت اللجنة في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إن الأجهزة الأمنية لا تقدم في أغلب الأحيان مبررات محددة لتلك الاعتقالات، ولا توفر الضمانات الكافية لحفظ حقوق المعتقلين.
وأفادت مصادر إعلامية، أن “مسيرة يوم الخميس التي شارك فيها الآلاف لم تتجه كالمعتاد إلى القصر الرئاسي بوسط الخرطوم، وإنما هي تظاهرة دعت لها لجان المقاومة بالأحياء السكنية”.
وقال قيادي من لجان المقاومة بدون الكشف عن اسمه: “موكب اليوم خارج الجدول وهو محاولة لتنويع العمل الثوري مع الالتزام بالمواكب المعلنة إلى القصر”.
وحذرت الولايات المتحدة التي أوقفت صرف 700 مليون دولار من المساعدات، من أن استمرار حملة القمع سيكون له “عواقب”.
ويشهد السودان احتجاجات متواصلة تتخللها اضطرابات وأعمال عنف منذ الانقلاب العسكري الذي نفذه قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في أكتوبر الماضي، حين أطاح بالمدنيين الذين تقاسموا مع الجيش السلطة بعد سقوط الرئيس السابق للبلاد عمر البشير.