المتظاهرون يتهمون حمدوك بـ”الخيانة” ومواصلة الضغط على السلطات العسكرية – المدنية الجديدة، التي ترفض الحكم المدني البحت.
دعا نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم “يوم الشهداء” اليوم الخميس عبر النزول إلى الشارع على الرغم من القمع الذي خلف 41 قتيلا والمئات من الجرحى منذ الخامس والعشرين من أكتوبر.
ويبدو الرفض الشعبي آخذا في الازدياد مع إعلان قوى جماهيرية عن مظاهرات الخميس تنديدا بالاتفاق السياسي وللمطالبة بالحكم المدني وعودة العسكر إلى الثكنات.
ويعتبر الرافضون أن اتفاق الأحد “مجرد محاولة لشرعنة الانقلاب الأخير”، في إشارة إلى إعلان البرهان حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين وإعفاء الولاة، ما أثار احتجاجات شعبية مستمرة رفضا لما يعتبره المحتجون “انقلابا عسكريا”.
وأكد الحزب الشيوعي السوداني الأربعاء أنه “لن يرضخ” للاتفاق الذي وقعه البرهان وحمدوك، مشددا على أنه “سيقاومه”.
وقال السكرتير السياسي للحزب محمد مختار الخطيب “لن نرضخ لهذا الاتفاق، وسنواصل نضالنا السلمي وسنقاوم إلى آخر نفس مع الجماهير التي لديها مصلحة في التغيير الجذري لرفض التبعية للخارج”.
وأضاف أن حزبه “سيتحالف مع كل القوى السياسية التي تقف ضد الانقلاب العسكري وبناء تحالف يشمل حتى الأحزاب التي خرجت من الحكومة السابقة”.
وقبل ساعات من توقيع حمدوك للاتفاق السياسي مع الجيش كان يحظى بتأييد شعبي واسع وتوافق بين معظم القوى السياسية على رئاسته لحكومة مدنية.
لكن المرحلة المقبلة من رئاسته للحكومة يبدو أنها، وفق مراقبين، لن تكون كسابقتها، في ظل حراك الشارع وعدم وجود قوى سياسية تدعمه جراء وجود شريك عسكري مرتاب من المدنيين ورئاستهم للسلطة.
ومقابل اتهامه بتنفيذ انقلاب عسكري يقول البرهان إنه اتخذ إجراءات الخامس والعشرين من أكتوبر “لحماية البلاد من خطر حقيقي”، متهما قوى سياسية بـ”التحريض على الفوضى”، وهو ما تنفيه هذه القوى.
والى ذلك أمر رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك الذي استعاد منصبه الأحد بالإيقاف الفوري لقرارات العزل والتعيين التي اتخذها الجيش، موضحًا الأربعاء أنه ستتم مراجعة جميع التعيينات التي أعلنت أثناء احتجازه في أعقاب انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر الماضي.
وفي ذلك اليوم حل قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان جميع مؤسسات الدولة، وفي الأسابيع التالية أعلن إقالة مدراء وسائل الإعلام الحكومية والشركات والبنوك العامة والعديد من المسؤولين في مختلف الولايات.
بالإضافة إلى ذلك أعفى مسؤول كبير شغل منصب وزير الخارجية بحكم الأمر الواقع السفراء الذين عارضوا الانقلاب من مناصبهم.
ويرى مراقبون في خطوات حمدوك محاولة لاسترضاء الشارع وقوى الحرية والتغيير الرافضة لعودته إلى رئاسة الحكومة، حيث تعتبر ذلك مساندة للانقلاب الذي فرض شروطه ويسعى لتحييد المدنيين.
ويشير هؤلاء إلى أن الخطوة تأتي في إطار الإيهام بأن حمدوك يتمتع بجميع صلاحيات تسيير حكومته وممسك بزمام الأمور وهو ما يتنافى مع الواقع.
وجاء في بيان صادر عن مكتب إعلام رئيس الوزراء أن حمدوك أصدر “توجيها بالايقاف الفوري للإعفاءات والتعيينات بالخدمة المدنية بكافة الوحدات الحكومية على المستويين القومي والولائي وذلك إلى حين إشعار آخر، كما وجه بإخضاع حالات التعيين والإعفاءات التي تمت خلال الفترة الماضية للدراسة والتقييم والمراجعة”.
ولم يشكل حمدوك حكومته بعد منذ إعادة تنصيبه الأحد بموجب اتفاق مثير للجدل مع البرهان.
محمد مختار الخطيب: لن نرضخ لهذا الاتفاق السياسي وسنقاوم إلى آخر نفس
وعلى الرغم من استئناف نشاطه بعقده اجتماعات وإصدار قرارات، إلا أن الاقتصادي السابق للأمم المتحدة الذي يمثل الوجه المدني للمرحلة الانتقالية في السودان يتعرض لانتقادات شديدة.
واستقال الاثنين اثنا عشر وزيرا من أصل سبعة عشر من الكتلة التي تطالب بحكم مدني، رافضين استراتيجية الحوار مع الجيش التي اعتمدها حمدوك، فهو وإن نجح في الحصول على إطلاق سراح عدد من السياسيين، ما يزال باعترافه العشرات غيرهم رهن الاعتقال.