إعفاء العديد من السفراء ودعوات لـ”مظاهرة مليونية” يوم السبت

دعا ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى “مظاهرة مليونية” يوم السبت 30 أكتوبر 2021 ضد الانقلاب العسكري. في الوقت الذي كثفت فيه القوى الأمنية يوم الأربعاء 27 أكتوبر 2021 حملة التوقيفات التي تستهدف ناشطين ومتظاهرين محتجين. وانتشرت في كل أنحاء الخرطوم لمحاولة وضع حد للتحركات الشعبية الرافضة لقرارات الفريق أول عبد الفتاح البرهان الذي أعلن حالة الطوارئ وحل مجلس السيادة والحكومة.

في الخارج، تتصاعد الضغوط. إذ أعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية السودان فيه، بينما جمّد البنك الدولي مساعداته الى البلد الغارق في أزمة اقتصادية خانقة.

وحاول الجيش الذي تسلم السلطة منفردا بعد أن أبعد شركاءه المدنيين في العملية الانتقالية، استيعاب الانتقاد الدولي عبر إعادة رئيس الوزراء المقال عبدالله حمدوك الذي كان أوقف الاثنين، الى منزله، بعد تشديد دول غربية والأمم المتحدة على ضرورة الإفراج عنه.

لكن مكتبه قال إنه لا يزال “تحت حراسة مشددة”، مشيرا الى أن “عددا من الوزراء والقادة السياسيين لا يزالون قيد الاعتقال في أماكن مجهولة”.

في الوقت نفسه، فإن محاولة إسكات المعارضة مستمرة. فقد تمّ توقيف مساعد رئيس حزب الأمة صديق المهدي، نجل رئيس الحكومة الراحل صادق المهدي، وأحد قيادي ائتلاف قوى الحرية والتغيير المطالب بتسلم المدنيين السلطة، وفق ما أفادت أسرته.

وشهدت شوارع العاصمة السودانية انتشارا أمنيا مكثفا من الجيش وقوات الدعم السريع، لا سيما في شارع المطار.

وشوهد مئات المتظاهرين وهم يرشقون قوات الأمن بالحجارة أثناء محاولتها إزالة العوائق التي أقامها المتظاهرون من شارع الستين، أحد أبرز الشوارع في شرق العاصمة، بحسب صحافي في وكالة فرانس برس، فيما في شمال العاصمة أطلق عناصر الأمن الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط على عشرات المتظاهرين.

وقال أحد المتظاهرين هادي بشير لفرانس برس “رأيت قوات الشرطة تزيل كل المتاريس في الشوارع الرئيسية وشارع الستين منذ صباح الأربعاء.. وتعتقل جميع الأشخاص الموجودين في المنطقة”.

خارج العاصمة واصل المتظاهرون احتجاجاتهم الرافضة للانقلاب العسكري وأقاموا حواجز في بورتسودان (شرق) وواد مدني (جنوب) وعطبرة (شمال).

ومساء الأربعاء أصدرت وزارة الثقافة والأعلام التابعة للحكومة المطاح بها بيانا في صفحتها على فيسبوك أشارت فيه إلى أن الانقلابيين “يمارسون أفظع الانتهاكات بحق الثوار السودانيين ويرتكبون انتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، إذ تتم محاصرة الأحياء والشوارع بالسيارات المدرعة، والجنود المدججين بالبنادق، وتُسحل النساء، ويعتقل الأطفال ويُرمى الثوار السلميون بالرصاص الحي، ما أدى إلى سقوط عدد من الشهداء وعشرات الجرحى”.

– “تظاهرة مليونية”

ودعا ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى “تظاهرة مليونية” السبت ضد الانقلاب.

وكان البرهان أعلن الاثنين حل مجلس السيادة والحكومة وفرض حالة الطوارئ. كما تضمنت قراراته حل جميع الكيانات النقابية والاتحادات المهنية.

وأثار ذلك موجة احتجاج في البلاد، وانتقادات في الخارج.

وأعلن البرهان قرب موعد تشكيل حكومة جديدة.

وفي بيان مشترك الأربعاء، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي في الخرطوم ومجموعة دول الترويكا في السودان والتي تضم بريطانيا والنروج والولايات المتحدة بدعم من سفارة سويسرا “التمسك بالاعتراف برئيس الوزراء وحكومته كقادة دستوريين للحكومة الانتقالية”.

وطالبوا “بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين السياسيين”.

وقال المتحدث باسم الامم المتحدة ستيفان دوجاريك ان مبعوث الامم المتحدة للسودان الالماني فولكر بيرثيس التقى الاربعاء البرهان وكذلك حمدوك.

وأضاف خلال مؤتمره الصحافي اليومي إن المبعوث “التقى الفريق أول البرهان للبحث في التطورات الأخيرة” في السودان، ردا على أسئلة حول الانقلاب العسكري.

وقال دوجاريك “أكد له” على التطورات التي تطالب بها الأمم المتحدة وهي “العودة إلى العملية الانتقالية” بموجب الوثائق الدستورية و “بالطبع الإفراج الفوري عن جميع الذين اعتقلوا تعسفيا”.

وقال أيضا إن المبعوث الأممي أتيحت له “الفرصة منذ بعض الوقت للقاء رئيس الوزراء حمدوك في مقر إقامته حيث لا يزال تحت الحراسة”.

وقال المتحدث “إنه قيد الإقامة الجبرية نوعا ما. ليس حرا في التحرك ويجب أن يكون حرا”.

وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزير أنتوني بلينكن أجرى محادثة هاتفية مع حمدوك الثلاثاء رحّب فيها بإطلاق سراحه.

وأكد السفير السعودي في الخرطوم خلال لقائه البرهان الأربعاء دعم المملكة “لكل ما يؤدي لتحقيق الوفاق بين القوى السياسية”، وفق بيان نشرته القوات المسلحة السودانية في صفحتها على فيسبوك.

وتعذّر الأربعاء خلال جلسة مجلس الأمن التوصل إلى إعلان مشترك حول السودان بسبب رفض روسيا إدانة استيلاء العسكر على السلطة، وفق دبلوماسيين.

وقال نائب السفير الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي إن المفاوضات مستمرة، واصفا المسألة بأنها “دقيقة للغاية”.

وقال رئيس البنك الدولي ديفيد مالباس في إعلان مكتوب الأربعاء إن مجموعة البنك “علّقت صرف أموال كافة عملياتها في السودان.

وأعلنت الولايات المتحدة الثلاثاء تعليق جزء من مساعداتها للسودان. وكانت واشنطن تعهدت تقديم هذه المساعدات بعد أن شطبت السودان من قائمتها للدول الراعية للإرهاب في نهاية العام 2020. وهدّد الاتحاد الأوروبي أيضا بتعليق مساعداته.

واعتبرت موسكو من جهتها أن الانقلاب “نتيجة منطقية لسياسة فاشلة”.

وأعلن الاتحاد الإفريقي تعليق عضوية السودان فيه “حتى الاستعادة الفعلية للسلطات الانتقالية بقيادة مدنيين”.

واعتبر الاتحاد في بيان الأربعاء سيطرة الجيش السوداني على السلطة أمراً “غير مقبول”.

البرهان يعفي ستة سفراء من مناصبهم لرفضهم الانقلاب

و أعفى قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان 6 سفراء من مناصبهم، بعد رفضهم الانقلاب، فيما تلقى رئيس الحكومة المقال عبدالله حمدوك اتصالات دولية عقب الإفراج عنه، واجتمع به عدد من السفراء الأجانب في الخرطوم.

وذكر التلفزيون الرسمي السوداني مساء الأربعاء أن القائد العام للجيش أعفى كلا من سفراء السودان لدى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وقطر والصين وفرنسا، إلى جانب رئيس البعثة السودانية بجنيف.

ويأتي قرار البرهان بعد إعلان وزارة الثقافة والإعلام في الحكومة السودانية المنحلة، رفض هؤلاء السفراء القرارات التي أعلنها البرهان الاثنين الماضي واعتبروها انقلابا.

وقال السفراء الستة الثلاثاء في بيانهم “ندين بأشد العبارات الانقلاب العسكري الغاشم على ثورتكم المجيدة ونرحب بالمواقف الدولية القوية. نعلن انحيازنا التام إلى مقاومة شعبنا البطولية التي يتابعها العالم أجمع”.

وعزل البرهان المجلس المشترك بين المدنيين والعسكريين، الذي تأسس لتوجيه البلاد نحو انتخابات ديمقراطية في أعقاب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير في انتفاضة شعبية في أبريل 2019.

وقال مصدر مقرب من حمدوك، الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله في الخرطوم، إن الأخير يؤكد أنه ما زال ملتزما بالتحول الديمقراطي المدني، كما يؤكد التزامه بأهداف الثورة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

إلى ذلك، حذر رئيس الوزراء الذي اعتقل من منزله صباح الاثنين الماضي، ضمن حملة توقيفات غامضة شهدتها الخرطوم فجر ذلك اليوم، من استخدام العنف ضد المحتجين.

وأتى ذلك بعد أن ذكرت البعثة الأممية في الخرطوم في وقت سابق الأربعاء أن سفراء كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والنرويج والاتحاد الأوروبي التقوا حمدوك، في مقر إقامته، مؤكدين أنه بصحة جيدة.

وقالت بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان (يونيتامس) عبر تويتر “سعداء أن نجده (حمدوك) بصحة جيدة. سنواصل الدعوة من أجل استعادة حريته بالكامل”.

وتتزامن تلك التطورات مع تجديد الولايات المتحدة تأكيدها دعم الشعب السوداني، وإدانتها لما وصفته بـ”الاستيلاء العسكري على السلطة المدنية”.

وأشارت إلى أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن اتصل بنظيرته السودانية مريم الصادق المهدي واتفقا على وجوب أن يعود السودان إلى القيادة المدنية، وفقا للإعلان الدستوري لعام 2019، بحسب ما أفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية.

وشدد بلينكن على الدعم الأميركي للشعب السوداني. وقال في تغريدة عبر حسابه على تويتر الخميس إنه بحث مع الوزيرة السودانية أفضل السبل المتاحة للولايات المتحدة لدعم الشعب السوداني في مطالبته بالعودة إلى الديمقراطية.

Share this post