“في كتابها “أضواء على مصحف عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ورحلته شرقاً وغرباً”، تذكر الدكتورة سحر السيد عبد العزيز سالم، أستاذة التاريخ والحضارة الإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، أن الأمير الأموي عبد الرحمن بن معاوية بن هشام، والمعروف باسم عبد الرحمن الداخل، لما فرَّ من العباسيين ووصل الأندلس في 138ه، أرسل إلى جماعةٍ من أقاربه وأعوانه يستقدمهم ليعاونوه في إدارة دولته الجديدة، فأتى هؤلاء وحملوا معهم بعض الذخائر والتحف التي كان الخلفاء الأمويون يحتفظون بها في خزائنهم، وكان مصحف عثمان أحد تلك الذخائر.”
وهذا المصحف, الذي يسمى أيضا بمصحف الإمام, كان يحتفظ به الخليفة عثمان (رضي الله عنه) في بيته بالمدينة المنورة، وأن الخليفة الثالث كان يقرأه عندما قُتل على يد الخوارج المحاصرين له في أواخر ذي الحجة 35ه.
فأن هذا المصحف قد نال عناية واهتماماً من جانب الأمراء والخلفاء الأمويين المتعاقبين، فوضعوه في جامع قرطبة، وأحاطوه بمظاهر التكريم والتشريف، وبقي على تلك الحالة, وثم, بعد فترة الطوائف, كان بحوزة المرابطين, وبعد ذلك انتقل إلى مراكش في المغرب في عصر الموحدين, وعقب سقوط امبراطوريتهم، استولى عليه حكام دولة بني زيان في تلمسان, وبقي هنالك أكثر من قرن, حتى إزدهار الدولة المرينية, التي نقلوه إلى فاس, لتنقطع أخباره في المصادر التاريخية بعدها, على الرغم مما يقال بإنه غرق في البحر المتوسط قبالة ساحل دلس في الجزائر خلال إحدى رحلاته.